الجانب الغير مشرق في حياة موهانداس كرمشاند

أحمد بن سالم السيابي
جوجرات – أحمداباد

يعرف ب “الروح العظيمة” ، تزوج في عمر ١٣ سنة من كاستوربا التي تكبره بعامٍ واحد، ومنذ نعمومة اظافره بدا متمردا على الديانة الهندوسية حيث كان يأكل اللحوم المحرمة، ويرتاد “البيوت الحمراء” بشكل منتظم ليمارس الجنس خارج إطار الزواج والمحرم عند الهندوس ، لدرجة أنه كتب ذات مرة “وقعت بين فكّي الخطيئة، لكن الله برحمته الواسعة حماني من نفسي”.

كان شبقاً بالجنس حتى انه ترك والده على فراش الموت وذهب لممارسة الجنس مع زوجته، وكما هي عادته في كل مرة شعر بتأنيب الضمير متأخراً حيث ذكر في مذكراته “شعرت بالخجل الشديد والبؤس، ركضت إلى غرفة والدي، ولولا الشهوة الحيوانية التي أعمتني، لكان (والدي) قد مات بين ذراعي” إنه رجل الهند الأول موهانداس كرمشاند غاندي أو “المهاتما غاندي” كما يطلق عليه الهنود ويعرفه العالم.

يبدو أن غاندي مر بمفترقات طرق متضادة في حياتة، وبالرغم من عودته إلى إحترام المبادئ الهندوسية من جديد وذلك بالتوقف عن أكل اللحم وشرب الخمور وممارسة الرذيلة إلا أنه عاد من جديد بتجربة مثيرة جدآ للجدل عندما طلب من ابنة أخته “مانو” بالنوم معه عرايا، وبرفقة نساء اخريات وذلك بحجة أنه يريد الإنتصار على رغبته الجنسية الجامحة من خلال السيطرة على شهواته الجنسية. هذا الأمر اثار إنتقادات واسعة جدآ لدى الهنود الأمر الذي دفع “الروح العظيمة” للتراجع عن هذه التجربة الغريبة التي لم تستمر أكثر من إسبوعين فقط.

وبالرغم من الصورة النمطية السائدة عن “غاندي” بأنه رجل الاستقلال و الكفاح الذي خلص الهند من الاحتلال البريطاني – وهنا أيضاً مبالغة في الوصف لأن السبب الرئيسي لخروج بريطانيا من المستعمرات التي احتلتها بما فيها الهند ليس غاندي، بل بعد أن أضعفت الحرب العالمية الثانية قبضة بريطانيا على إمبراطوريتها – بالرغم من تلك الصورة النمطية إلا أن صورة “المهاتما” كان لها جانب مظلم أخر خصوصا عند المسلمين الهنود الذين شعروا بالإغتراب والتهميش بسبب خلطه بين الدين والسياسة والذي برع في ممارسته من أجل كسب تعاطف الهندوس أولاً بحكم ثقلهم السياسي والإجتماعي. وبداية من لقبه الهندوسي “مهاتما” مرورا بالمصطلحات التي كان يتعمد إقتباسها من الديانة الهندوسية والتي استخدمها في خطاباته الشعبوية، وظهوره بزي الرجل الهندوسي الديني المتعصب والمتثمل في “زي الحداد” وهو قطعتي قماش بيضاء اللون تغطي الجزء العلوي والسفلي من الجسم. كما أنه قاتل لحماية الأبقار التي تحضى بتقديس الهندوس لها وكأنه يقول للمسلمين “الهند للهندوس ومن ثم للأخرين”. علاوة على ذلك، وفي عام 1932 رفض “غاندي” بشكل متعنت وحاسم المشروع الذي قدمه رئيس الوزراء البريطاني آن ذاك “رامزي ماكدونالد” الذي تضمن تخصيص مقاعد تشريعية للناخبين من الطبقات المهمشة في الهند والمنبوذين من نظام الطبقات الهندوسية مثل طبقة المسلمين، بل بلغ الأمر بغاندي هدد بالصوم حتى الموت ما لم يتراجع البريطانيين عن هذا المشروع.

جميع ذلك شكل ريبة لدى الاقليات المسلمة  من “المهاتما” لأنهم لم يروا أنفسهم فيه ولا في خطاباته ودعواته بالرغم من خطاباته التي ينادي فيها بالمساواة والعدل بين الهنود.

بالرغم من معارضة غاندي فكرة تقسيم الهند، إلا أن بعض المؤرخين اليوم – ومنهم الهنود أنفسهم – يحملونه مسؤولية تقسيم الهند لأنه دفع بالمسلمين في زاوية الاغتراب والتهميش، لذلك ليس من الدقة القول بأن “محمد علي جناح” هو مؤسس باكستان، بل الصراعات السياسية التي كان غاندي هو المؤثر الأول فيها دفعت الأحداث السياسية التي تبناها “جناح” إلى تقسيم الهند وتشكيل أقاليم البنجاب والبنغال.

من أبرز ما تعلمناه من قصة “الجانب الغير مشرق من حياة موهانداس” هو أن التاريخ لا يُكتب دائما بصدق، وحتى وإن كتب بصدق فقد يكتب ناقصاً بشكل متعمد، حتى يتوافق مع رغبة الإنسان الشخصية – ومن يتوافقون معه – وتوجهاتهم مهما تعددت وأطماعهم مهما تنوعت ، أو على حسب الصورة النمطية التي يرغب الإنسان في رسمها للأجيال القادمة. لذلك، يمكنكم يا أصدقائي أن تصنعوا مني بطلاً قومياً ومناضلاً شجاعاً مثل ما فعل الأسبان بفاسكو ديجاما الذي تسبب بشكل مباشر في إزهاق حياة المئات من السكان الأصليين الأبرياء في الأمريكتين بلا ذنب سوى أنه مستعمر طامع إلا أن التاريخ كتبه مناضلاً ومكتشفاً وسفيراً للإنسانية ورحلته المقدسة لإكتشاف الأمريكتين تدرس لطلبة الجامعات. أو أن تصنعوا مني دكتاتوراً ومجرماً متسلسلاً مثل الرئيس الكوري الشمالي الذي نجح الإعلام الغربي في رسم صورة نمطية سيئة عنه وكتبت عنه الكثير من الكتب بلغات العالم المختلفة تحدثت عن إجرامه الدموي بالرغم من أن جميع تلك المصادر الإعلامية وكتب التاريخ لم توثق إطلاق رصاصة واحدة من مسدسه، ولم أنه أزهق روحاً واحدة بريئة، لكن التاريخ يريد كتابته بهذه الصورة النمطية للأجيال القادمة.

———-
الصور من “أشرم سابرماتي” مقر إقامة “المهاتما غاندي” وزوجته “كاستوربا” في أحمداباد.

زر الذهاب إلى الأعلى