سوق الحافة وصرخة الصدمة.. بين قدر الله ورحمته التي وسعت كل شيء.. إلى مستشفى السلطان قابوس بصلالة مع مليار تحية

حمود بن حمد الناصري
صلالة الاصالة مهوى الأفئدة الصيفي اليها تشدّ الرحال الدنيوي مع ارتفاع لهيب الصيف الحارق في شمال عمان وقد اعتدنا ذلك كل صيف من سنوات مضت .. هذه العام كان خريفا استثنائيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى مع الرذاذ المستمر والأجواء الخرافية والفعاليات الترفيهية في كل مكان .. الا ان قدر الله اراد ان يذكرنا بعظيم نعمه عليا وعظيم لطفه وكرمه ورحمته التي وسعت كل شيء قدر الله ان يتعرض ابني ذو الثلاث سنوات ونصف لحادث في مساء يوم الاثنين 12/8/2024 حيث شقاوة الاطفال التي جعلته يقرر عبور الطريق بين روائح اللبان والبخور في سوق الحافة القديم …عبر الطريق وصدمة الموت التى رمته ملطخا بدمائه التي اختلطت باشراقة وجهه التي اخرجتنا من هذا العالم … لنموت ألف مرة قبله افاقته … شاهدت العائلة تفاصيل الحدث على – الهواء مباشرة- بل في الواقع دون وساطة تقنية …بين صرخات الام وتهليل الاب وذهول الاشقاء وهبة أحمد بلحاف المهري الذي انزل سائق السيارة وركب مكانه طار بنا بين السماء والأرض لا اشارة تمنع ولا رصيف يصد ولا دوار يحول دون مروره وسط تهليله وتكبيره ودعواته ..كان المثنى مسجا بين اذرعي ينزف بردا وسلاما في صدري لا حركة تشير الى حياة ولا تنفسا يأملنا بطول عيش مرت الدقائق قبل ان يفرغ كل ما جوفه منذ ولادته الى لحظته كنت اظنها لفظات الأنفاس الاخيرة قبل ان يتبعها بأنين أطرب النفس جعلت من بن بلحاف يصرخ حي والله حي والله حي على باب طوارئ مستشفى السلطان قابوس بن صلالة تجلت لي حكاية ذاك المستشفى ذو الاحترافية العالية والكوادر ذات الكفاءة العالية الانسانية اللطيفة الراقية المحترمة المطمئنة وسط محاولة مني للتحدث الى المثنى شوقا لسماع صوته والتأكد من حياته وذاكرته ورغبة أن اسمع صوته التي كنت اظنها اللحظات الاخيرة لكن الله جل جلاله ارحم به مني – سألته عن اذا ما كان يرغب بركوب حصان كما كان يطلب منا ذلك طوال رحلتنا فأومأ لي برأسه نعم…طارت روحي فرحا قلت له وحصان كل يوم ابيض وبني ليغيب بعدها في سكون عميق …كانت روحي الاخرى مع بقية افراد العائلة الا ان نفسي المطمئنة في بلدي الحبيب ووسط أهل نخوة وفزعة ومع وجود رجل كالمعتصم فلا خوف عليهم سيصلون بمشيئة الرحمن …. نصف ساعة وأخ عزيز – سليمان الرحبي يدخل بهم علينا وسط مشهد من فلم واقعي لا خيالي ….حضر الاطباء كلهم بلا استثناء – المخ والأعصاب – العيون- العظام – الجراحة لتشير الفحوصات الأولية بأن الوضع مطمئن في الجسد كله عدا الرأس الذي يحتاج الى أشعة مستعجلة خرج الولد المسجى الى الأشعة تتبعه قلوبنا وأرواحنا وسط ممرات المستشفى نصف ساعة من الترقب والانتظار والدعوات والتهليل والتكبير ليخرج الاطباء والنتيجة نزيف بسيط في موقعين خلف الرأس كسرين حوالي العين اليسار وانحناء في العظمة في الخد وسوائل مرتجعة في الرئة …الا ان الوضع مطمئن جدا بحسب علومهم ومعارفهم وما اكتسبوه من خبرات عملية متراكمة في مثل هذه الحالات …العين اليسار مختفية بالكامل ملطخة بالدماء امسكت الدكتور طمني عليها يا دكتور ليشير بأنها سليمة شكلا وغير ذلك يحتاج وقت لاثباته خرج من الاشعة الى العناية المركزة للأطفال الجميع من حولنا لا نعرف من هم ولا يعرفونا يجمعنا الإنسانية والدين والوطن الحبيب كلٌ يعرض خدماته السكن والمأكل والمشرب والسيارة والمال وجوه جادة صلبة نكتشف أن وراءها قلوب رقيقة ولمسات حانية ونجدة الملهوف واغاثة المنقطع واطمئنان الحائر ومؤانسة الغريب أكياس الماء والعصائر والحليب صارت اكوام حوالينا وتربع الرجال والنساء حوالينا وكلٌ ممسك بأحدنا يطمئنه ويذكره بالله وقدره وقضاءه شدني قول بنت بهلاء انا دفنت واحد ورجعت اقيم بثلاثة وها أنا راضية ومحتسبة مشيرة الى ذاك الحادث الذي وقع في طريق العودة من صلالة الذي فقدت فيه أكبر ابناءها ويرقد بنتا وولد اخر وزوجا في المستشفى بلحاف المهري الذي رفض رفضا قاطعا تركنا الى الساعة 2 فجرا بل وطلب من ابن عمه ناجي المهري وزارنا عمه ابو ناجي وابن عمها سعيد وعمها الاخر صبحا وظهرا وعشيا يعرضون خدماتهم ورغبتهم في تسهيل امور حياتنا ما جعلنا نشعر بالاطمئنان أننا وسط اهلنا واعز …ومثلهم الكثير الذي سلم علينا عارض خدماته ورقم هاتفه وسيارته ومنزله وماله – ذاك بيت تبوك واخر بيت قطن وثالث عمري ورابع عامري وسادس من العوايد وعشرات لم نسالهم من اي العرب هم ذهابا وايابا….لكم مليار تحية جميعا ولعل الله يقدرنا على رد صنيعكم في ساعة فرح لا ساعة حزن….في غرفة العناية احترافية ومهنية عالية وحضور للاختصاصات الطبية جميعها تطمن الجميع على الحالة ودخل المثنى في سبات مختلف وطلب منا جميعا المغادرة … نعم غادرنا جسدا وقلوبنا وارواحنا معه وسط تطمنين من ملائكة الرحمة الهندية انه كمثل ولدها … قبلة على جباه كل فرد في المستشفى عظيم تقديري لكل رجل وامرأه وطفل في ظفار العز … الف شكر لكم جميعا … نعم الاهل انتم اسبوع في المستشفى لادرك ايما ادراك بحجم تقصيري في اهلي واصدقائي ومعارفي فسيل الاتصالات والرسائل التي تلقيتها من ارقام لا اعرف ثلثها جعلتني أشعر بحجم تقصيري في مشاركتها ما تعرضو له من اقدار فيما مضى والزيارات التي اكرمونا بها جعلتنا نشعر اننا في ولايتنا وأقرب من ذلك غادر المثنى المستشفى ونغادر ظفار اليوم لنحمل ذكرى مخلدة في قلوبنا ما بين وقع الصدمة علينا وأخوة أهل ظفار وكرمهم وطيبهم امتنانا لكل شيء شكرنا لكل فردوالحمد لله رب العآلمين





