مجدي العفيفي يفجر 50 قضية مسكوت عنها في كتابه الجديد «في عين الشمس»

مسقط – الواحة
وضع الكاتب الدكتور مجدي العفيفي كتابه السادس عشر على رفوف المكتبة( في عين الشمس ..صفحات من السياسة والثقافة والصحافة) أصدرته دار المعارف في 320 صفحة، يتضمن مجموعة من القضايا المسكوت عنها ، يطرحها مؤلف الكتاب كدعوة للتفكير في اللامفكر فيه، عبر تسعة فصول موزعة على خمسين أطروحة مكثفة، في ضياء الاهداء:«إلى الشمس.. التي سـتكسر القانون يوما وتشرق غربا.. لتعلن النهاية.. لاشيء يبقى للأبد».
فكر حي على مشاكل حية
مهاد واسع يقدمه الكاتب عن جدوى الكتابة، ولماذا نكتب.؟ وتتجلى حروفه بعدة أمور في ثنايا كتابه، أولها.. أن المنظومة الفكرية لهذا الكتاب ليست فكرا على فكر، بقدر ما هو فكر على واقع، فكر على مشكلات حية، فكر حي من واقع حي، يخاطب مجتمعا حيا، يدعوه إلى حياة أكثر حيوية، بما يعانيه كاتب هذه الصفحات، من عذابات وأشواق تتدفق من ذات مواطن عالمي ممتلئة بذوات الآخرين، وثانيها أن مبدأ الرغبة، كان منذ البدايات، أقوى من مبدأ الواقع، وهذا هو الدافع الأكبر والأسمى للكتابة، وثانيها أن وحدات الكتاب، سواء أكانت الصغرى المتمثلة في المقالات، أم وحداته الكبرى المتمثلة في الفصول، لا تبدو وحدات جزئية مشتتة، بل تتداخل في أنساق معرفية وعرفية وأخلاقية وجمالية، رابطها هو «الأنا» داخل الأبنية الكلية للنص، وثالثها.. أن جُل هذه الأطروحات لا ترتبط بأحداث مؤقتة أو فواصل موسمية، وإن استلهم جوهر الفكرة من هذا الحدث أو ذاك، ومن ثم حاول أن تعمق وتحلل، فتستبقي الجوهري والأصيل، فهي حصاد سنوات حية، وثمار من حقب متوترة على مختلف الأصعدة، الذاتية منها والموضوعية، ورابعها.. أن الموجة الأولى من هذا الحصاد، تصدر تحت عنوان «في عين الشمس» وهو عنوان عمودي الصحفي الذي بدأت أكتبه منذ مطلع عقد الثمانينيات، ولا يزال، وتجاورت معه عناوين لأعمدة أخرى داخل مصر وخارجها مثل «إلا قليلا»و«سهران» و«نفسي الأمارة بالصحافة» إلى جانب«يوميات الأخبار» وكل عنوان كان يتناغم مع الوسيلة الصحفية التي ينشر فيها، في السياسة، في المجتمع، في النقد، في الأدب، في الفكر في الدين، في الفن، في الاقتصاد، في الحياة،
التوهان في زمن الاستعارة
قبل الدخول في إشكالية الفصل الأول«التوهان في زمن الاستعارة»ثمة إضاءة« رفعتُ لله قنديلي فأوقدهُ… فهل تظن يدًا في الأرض تُطفِئني..؟» لمولانا جلال الدين الرومي، يطرح الكاتب تسع أفكار، اولها سؤال استنكاري يعقبه علامة استفهام أنا أفكر! إذن أنا كافر ؟ ثم يتحدث عن مظاهر ما يسميه لعنة أفعل التفضيل في السياسة والفقه والاقتصاد والآداب والفنون، ويدعو الى الأخذ بقاعدة (أنا«و»أنت وليس أنا«أم»أنت ) ليتخلص المجتمع من مرض عضال يعانيه منه
وعن القانون الذي ينبغي ان يكون مثل الموت لا يستثنى منه أحد يتحدث عن تمثال العدالة في مجمع المحاكم سيدتي.. كوني معصوبة العينين دائما، ويكشف الكثر منا يجري في الغرف السياسية المغلقة وما يجري فيها لاعلاقة له بما يدور في الخارج. بالنظر إلى المنطقة العربية التي أصبحت«حلبة لصراع الفيلة»لاشتداد رغباتها للسيطرة على جغرافيتها وثرواتها. هل ثمّة مفرّ من استحضار المثل الهندي:«عندما تتصارع الفيلة يدفع العشب الثمن» والعشب هو الشعوب المسكينة، والتي تُسحق تحت أقدام الفيلة، إذا لم نتدارك الأمور سوف نكون في مأزق أكبر، وما قد يصحبه من نتائج وخيمة وأليمة..
ويثير أكثر من سؤال أكان لابد أن يحدث ما حدث لنا على مدى المائة عام الأخيرة من مشوارنا العربي ومشروعنا القومي؟! أكان لابد أن يموت نصفنا، ويبيض دمنا، وتذبل شجرة أملنا، ويذوي طموحنا، ويتجمد حلمنا، فنسقط في جُب مرصود لا قرار له، ويلبث في كهف موصود، انه الاهتزاز، والابتزاز ومن يعلق الجرس في رقبة القط ، محذرا من إستراتيجية تغيير الجياد وهي تصهل تسفر عن خطأ كبير، إذ ليس من الحكمة تغيير الجياد وهي تصهل ركضا، وتعدو ضبحا، وتحمحم بلا هوادة، إلا إذا أخذنا الحكمة من أفواه المجانين، ويطرح معنى أنه لا ثروة مع عقلية الثور ، «الأفكار تصنع المال، ولكن المال لا يصنع الأفكار»عبارة مضيئة بالدلالات والمعاني، لعل من لا يملكون إلا المال، لاسيما من لم يتعبوا في الحصول عليه يعقلون، وها نحن نرى كل يوم أمثلة ضالة ومثلات مضللة، أعظم استثمار هو استثمار العقول، ويصل الى واحدة من المآسي المجتمعية عندما يكون وطنك كله هو بيتك فقط !!
ومن أجواء صرخته: أنا أفكر! إذن أنا كافر ؟ كتب يقول: لماذا تكفرني «يا رجل»؟ وأنا الكاتب الذي لا سلاح لديه، إلا القلم والكلمة.. نورا ونارا ، فهل أنت أيضا تتحسس جيبك، كلما سمعت كلمة ثقافة وكلمة مثقف؟ لماذا تعتدي علىَّ « يارجل»؟ وأنا الفنان الذي أحاور الوجدان، وأخاطب الذوق العام، بأعمالي التي تستثمر أدوات العصر، العرفية والمعرفية والأخلاقية والجمالية ؟ لماذا تسحقني «يارجل»؟ وأنا أشعل شمعتي حتي في عز الظهيرة، في عالم يسكره الجهل، فهل رأى الدهر سكاري مثلنا؟ يرانا سكارى، وما نحن سكارى، ولكن عذاب الجهل شديد ؟ لماذا تريد أن تلقيني في «الجُـب»؟ بل وتمنع كل السيَّارة أن يلتقطوني، وتعتزم أنت أن تبيعني بثمن بخس، دولارات معدودة؟! لماذا تحرّض «الحوت» ليلتقمني؟ وتحول بيني وبين أن أكون من المسبحين، فلا أستطيع أن أنبذ في العراء وأنا مليم ؟ لماذا تستحيي نسائي، وتقتَّـل أبنائي، وتصلِّبني في جذوع نخل الوهم والدجل الذي تتعاطاه، تحت عباءة «أبي جهل» وقبعة «جون» وعمامة «الحجاج» فهل تظن أن رؤوسنا قد أينعت، أيضا وحان قطافها، وإنك لقاطفها؟.
الأصنام السياسـية
في الفصل الثاني (لايزالون يعبدون الأصنام السياسـية) ينعي الدكتور مجدي العفيفي مشايخ الطرق السياسية، ها هم مشايخ الطرق السياسية، أنعيهم – وسأظل أنعيهم – إنهم يرفعون «البيارق» المزركشة، ويثرثرون، ويلوحون بالأوهام، لا تعثر في خطابهم علي رؤية واضحة، أو جملة مفيدة، أو معني محدد، أو فكرة مضيئة، يستدعون لغة سياسية بائدة، خاوية علي عروشها، وأمها هاوية، يبحثون عن زعامات وهمية، يتحجرون في كهوف المصطلحات الزئبقية، والتعبيرات المسكوكة ينفثونها علي صفحات الصحف والفضائيات، عاشوا منذ سنوات – ولا يزالون – علي أوجاع الناس وهموم المجتمع، ويريدون الاستمرار والابتزاز والاهتزاز بخطاب عتيق مفرغ.
وينتزع أقناعة الباحثين عن زعامات رخيصة، وعن النجومية في الحكم، والبلاط، والإعلام، والثقافة، والمجتمع، والناس، والباحثون عن الزعامة السياسية، والساعون الى الشهرة الزاعقة والمجد الوهمي، والمشتاقون إلى المناصب العامة، والراكضون نحو اعتلاء القمم، وبلا مؤهلات علمية ولا تأهيلات عملية، ويتوقف عند مانديلا الذي يصفه بأنه الجوهرة السمراء التي لا تزال تصفع القبعة البيضاء
وتحت عنوان« لكن بطشي أشد من بطش الله: لأن في بطش الله تعالى رحمة، أما بطش الإنسان بأخيه الانسان فلا رحمة فيه، ولا هوادة» ما بال البطش بأنفسنا، صار العنوان الأكبر في الصفحة الأولى من جريدة تعاملاتنا، وعلاقاتنا، ومعاملاتنا، ومرجعيتنا العرفية والمعرفية والأخلاقية والجمالية؟.أين ثقافة التسامح، ثقافة الحب، ثقافة المحبة، ثقافة الحوار، ثقافة الرحمة، وثقافة الثقة، ثقافة السلام؟! وإن تعجب فعجب أن أصبحنا نقرأ ونسمع عن ثقافة اللصوص، ثقافة السرقة، ثقافة الإجرام، ثقافة الأنانية، ثقافة المذهبية.
يستدعي الكاتب موقفا جريئا بين شجاعة الرجال وشجاعة البغي، حتى ليقول أنا أيضا لا أملك إلا أن أفعل، مثلما فهل الكاتب الكبير«د. يوسف إدريس» في رائعته المروعة«نيويورك 80»وأصنع من كفي كأسا يملأ ذقني، وأحدق في أبعد نقطة في الكون وأقول : «متى يا إلهي تعطي بعض الرجال شجاعة بعض البغايا»!!. ويعقب ذلك؛بدعائه:«اللهم اجعل وجودنا شفيعا لنا يوم القيامة!.
ويحذر المؤلف«أيها الوزير.. العلم أبقى من السياسة» معلقا على واقعة الوزير الذي لم يرتق لقامة الحرم الجامعي في «جامعة الزقازيق» منتصف شهر ابريل 2018 خلال مشاركته في مناقشة رسالة ماجستير للباحث«وجدى عبدالقادر» حول «تجديد الفكر الدينى فى الإسلام.. محمد إقبال نموذجا»وقال للباحث علنا انت «حمار»(!!)!. ونسي أن الوزير منصب سياسي، وان المفكر هو الأبقى أثرا والأطول عمرا من السياسي، وأن التقاليد الجامعية لها احترامها وآدابها، ومناقشة الرسائل العلمية من دكتوراه وماجستير، لها أصولها وأصالتها، وكان ينبغي عليه أن لا يقحم السياسة في خصوصية الشأن العلمي، وهو في حضرة العلماء وفي رحاب البحث العلمي، وفي ضيافة الجامعة..
وفي أطروحته«جِــزُّه…» صرخة من نداهة الدم ! يتسائل الكاتب: لماذا لا يزال بيننا من يمثلون الظاهرة العالمية التي تبيد أية أمة، وهي «الفرعونية والهامانية والقارونية» بأبعادها الثلاثة، الأول: الفرعونية نسبة إلى السلطة أي سلطة، والثاني: الهامانية نسبة إلى فقهاء السلطان» ثم البعد الثالث: القارونية وهم رجال المال والإقتصاد، وينتشر مرتكبو هذه الظاهرة في مشارق الأرض ومغاربها؟ ولماذا لايزال بيننا «أبوجهل» و«أبو لهب»، وغيرهم ممن يرمزون إلى زعماء العشائر والقبائل العصرية ولايبالون بالقنابل المسيلة لكبرياء النفوس الأبية، ولماذا لايزال بيننا «الحجًّاج» الذي يظن أيضا، أنه يرى روؤسنا قد أينعت وحاف قطافها، ويرتدي العمامة حتى نعرفه لأنه «ابن جلا وطلاع الثنايا»؟ ولماذا لا يزال فينا خلفاء القصور وما يجري في دهاليزها وأقبيتها من فتن وصراعات وقتل وتقتيل وسفك دماء ومحارم؟.
«نــزف» منفرد
ويصحبنا الدكتور العفيفي في الفصل الثالث مع ست مع«نــزف» منفرد يعزفه في ست كلمات: لكن الرحلة قصيرة «الرحلة قصيرة»ككلمة لها دلالاتها وتشي بالكثير من المعاني البليغة في دقتها. نور ينبغي ان يتغشى تصرفاتنا اليومية وسلوكياتنا الحياتية، يم يذكر العالم بكبار السن يصفهم بأنهم البرَكة الخفية في المرحلة الملكية، ويقول :يشغلني البحث عن أشواقهم وعذوبتهم وعذاباتهم، فيما تبقى لهم من العمر, كثيرا ما يأنس القلب إليهم، ليستقطر رحيق تجاربهم، ويستدعي من رؤاهم ما يعين، ومن جدلياتهم مع الأيام الخالية ما يضيء اللحظة الراهنة، في حياة الأجيال الجديدة، المتحركة على الساحة لاسيما الشباب، والسياق يستحضر الحكمة البالغة والبليغة:«أواه لوعرف الشباب.. وآه لو قدر المشيب»!.
وتنويعات أخرى من قبيل:هزيمة الدقيقة الأخيرة، ولا عزاء للذي كاد أن يكون رسولا وهموم عالم المعلمين، ثم الوقوف على الأطلال..هروب أم حنين.؟ لماذا نحنُّ إلى الأيام الخوالي؟ لماذا الحنين إلى الماضي؟ هل الماضي قوي إلى درجة أنه لا يزال حيا في الوجدان؟ هل الحاضر باهت، واللحظة الراهنة شاردة هاربة تائهة، غير قادرة على العطاء، وعلى تحقق حوارية الجدل مع الذات؟ لماذا يعتقد الكثيرون منا أن الماضي دائما هو العصر الذهبي؟! هل هو الهروب من الواقع، لماذا؟ وأين المفر؟ مع ملاحظة أننا على وجه العموم إما أن نتقهقر إلى الأمس، أو نهرول إلى القادم المجهول؟ أما مقابلة اللحظة الراهنة فتبدو مستعصية!.
ومن أطرف وأكثر المآسي تجييء«جلطـة حمار» كزفرة غضب ذاتي وموضوعي، من مواطن بسيط من أنفسنا، عزيز عليه ما نعانيه، والذي حدث أن هذا المواطن كما يروي مشكلته، استيقظ ففوجيء بموت حماره، الذي هو عدته وعتاده، ومن هول الصدمة، أخذه إلى الطبيب البيطرى، ليعرف سبب الموت المفاجىء، فإذا بالطبيب يخبره أن الحمار مات بـ «الجلطة» ارتسمت على وجه المواطن ألف علامة استفهام، فأدار الرجل وجهه للحمار وأمسك برأسه وأخذ يكلمه بتعجب وحرقة : جاتلك جلطه ليه؟!
استراتيجية إلهاء الشعوب
ومن أقوي الفصول وأكثرها خطورة الفصل الرابع الذين يفند معالم استراتيجية إلهاء الشعوب، حيث الأسلحة الصامتة في الحرب الهادئة، مستندا إلى «وثيقة سريّة للغاية» يعود تاريخها إلى مايو 1979 وتم العثور عليها سنة 1986 وتحمل عنوان: «الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة» وهي عبارة عن كتيب أو دليل، للتحكم في البشر السيطرة على المجتمعات، يقع في 38 صفحة فقط، ويشكل 40 عنصرا للتحكم والسطرة والهيمنة والطاغوتية !إنها «استرتيجية إلهاء الشعوب» التي تعتمدها دوائر النفوذ في العالم، للتلاعب بالجموع، وتوجيه سلوكهم والسيطرة على أفعالهم وتفكيرهم في مختلف بلدان العالم، إنها ثقافة الإلهاء، التي تبثها«الحكومة الخفية» لتحكم العالم حكما حقيقيا وسريا، وتتحكم فيه بلا هواد، ومن لا يعجبه فليبحث عن كوكب آخر، يعيش فيه، وستكون هذه الحكومة الخفية في استقباله أيضا، بالورود والدم والحديد والدموع، وأشياء أخرى..!.
والبعد الثاني ..فن اغتصاب العقول الاغتصاب يبدأ من العقل، وإذا اغتصب العقل سقطت بقية الإعضاء، ولعبة الاغتصاب تتجاوز المعنى الفردي والأخلاقي الضيق إلى الشعوب والجماعات والدول، وفي كافة المسارات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية وغيرها.
والبعد الثالث في هذا الفصل يتجسد في ظاهرة «المكارثية» كلعنة سياسية مستمرةتجاوزت إطارها القُطري الأمريكي، وتحولت إلى «فكرة»تجوب العالم، بعد أن دمرت ليس فقط المجتمع الأمريكي في منتصف القرن الماضي، بل في كثير من دول العالم، ولاتزال، أنها تحولت الى مصطلح بغيض، في شئون الحكم والسياسة، يعني السلوك الذي يقوم بتوجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة، دون الاهتمام بالأدلة، وهي لا تنتج في النظم التي تستخدمها سوى صناعة الخوف والخطر، ماكينات من الشائعات، التزوير والتخفي، التلفيق والشك، غياب التسامح، التشهير والغوغائية، وجعل المواطنين في الدرك الأسفل من الحياة. ولكن «المكارثية» تحولت إلى «فكرة» لا تزال تجوب أرجاء العالم، كما سنرى بعد سطور، فأصبح هناك أشخاص ومؤسسات، تلقي بالاتهامات جزافا لكل من يخالفها الرأي والرؤية، طبقا لتوصيف الأدبيات السياسية في العالم.
ويسألونك عن العلماء
ومن الألم المجتمعي إلى الحسرة على العلم ورجاله نقرأ الفصل الخامس في ثلاثة محاور يجمعها عنوان »ويسألونك عن العلماء« استلهاما من عملية في شرايين القلب، لكن .. المرارة لا تزال في قلبه يمزج الخاص بالعام في حديث عن القلب وأوجاعه ولماذا يتمرد علي صاحبه، ثم معناه في القرآن الكريم موثقا بالآيات العظيمة
وفي السياق ذاته يتحدث عن العلماء.. أولياء لله مصلحون فعلا خاصة انهم في صمت يعملون، يبحثون، يكتشفون، يكشفون، يختبرون تجاربهم، صامدون في معاملهم، صامتون في مختبراتهم، يبدعون ويخدمون الإنسانية.. ويصلحون في الكون، بصورة أو بأخرى، إنهم العلماء وأهل العلم الذين يفيدون البشرية، وقد صدقت فيهم الحكمة الإنسانية:«مات خَزنة الأموال وهم أحياء، وعاش خـُزَّان العلم وهم أموات». ثم ينتزع الأقنعة من وجوه الذين يمثلون مسرحية كورونا العالمية الذين غافلوا العالم ونهبوا أمواله لا سيما الشعوب الفقيرة.
الإرهاب صنع في امريكا وأوروبا
وينعطف الدكتور مجدي العفيفي الى المشهد السياسي، فيفرد الفصل السادس للحدديث عن الإرهاب الأمريكي الصادر من «البيت الأسود» كاشفا معنى سلامهم الوطني الملغم بالصواريخ، عودة (هـــولاكو) الأمريكي، مشيرا إلى أن الإرهاب.. صنع في أمريكا وأوروبا، ويلقي القفاز في وجه مستشار الرئيس الامريكي الأهوج ترانب الذي أعلن بكل وقاحة ان الاسلام سرطان يجب استئصاله ، فقال الكاتب له بل أنتم السرطان أيها الرئيس ورجمه بأكثر من حجر سياسي وصحفي. كما فعل مع وزيرة الخارجية غير المأسوف عليها «كونداليزا رايز» ووصفها بأنها«حمالة الحطب الأمريكية» وأنها لا تزال تتكرر في كل وزيرة وسفيرة، مثلما نزع قناع سفيرة امريكا في الامم المتحدة المتعجرفة، تحت عنوان «وقاحة السفيرة ذات الكعب العالي».
فحيح الأفعى الصهيونية،
ولأن الكيان الصهيوني تابع ذليل لأسيادهم في البيت الأبيض، فقد افرد المؤلف الفصل السابع لإظهار فحيح الأفعى الصهيونية، بعناوين مسكونة بالغواية مثل : ثمن طلاق امرأة أغلى من شراء دولة عربية! التوظيف الصهيوني العسكري للآداب والفنون! ويرضعون أولادهم كل هذه الكراهية ضدنا شعب الله المختار للعذاب ولأشياء أخرى، ذباب صهيوني يطن في الفضائيات العربية
العصمة في يد الثقافة
ويتخذ الفصل الثامن من شعار الكاتب »العصمة في يد الثقافة« محاوره الست: كلما سمعوا كلمة مثقف تحسسوا مسدساتهم، ويكشف بالأدلة الساطعة شركات توظيف اللوحات الفنية والمدارسة التشكيلية التي تثير القبح في الوجدان العالمي، ويتجه ساخرا من الساسة الذسن يتحدثون في الفضائيات العربية على طريق ة النرجل النحوي الذي وقع في حفرة وتجمع المارج لينقدوه فقال لهم««ما لكم تكأكأتم عليَّ تكأكؤكم علي ذي جِنّة» فانصرفوا عنه
وفي السياق الثقافي سرد الكاتب جكاية الكتاب الثلاثة الكبار يوسف السباعي وأنيس منصور وإحسان عبد القدوس عندما اعتزموا الانتحار الجماعي في لبنان: نستاهل الحرق في جهنم!
أما المشهد الجريء في هذا الفصل، فيتمثل في 15 حالة صارخة لإنكشارية الثقافة بعنوان( وأصبح للثقافة«تجار شنطة» مستعينا بالمشاهدة الفؤادية والعينية، كاسرا أكذوبة كل من يدعي«أنا المثقف الوحيد والأوحد!!»
أضغاث إعـلام
ويتبقى الفصل التاسع بتجلياته الأربعة.. حيث يصف الإعلام،بأنه«أضغاث إعـلام»وليس بإعلام نتيجة العبث والذي يتغشى القائمين عليه خاصة في عالم الصورة، ويرفض بقوة استخدتم مسمى ( إعلامي) باعتباره مسمى مخادعا مغرضا وهمياـ ( إعـلامي«بأمــاااااارة إيه»؟ ومن يم يتساءل في دهشة وحسرة ( وأين عشاقك يا«صاحبة الجلالة»؟ وهو الذي كانت اولي خطواته في شارع الصحافة قبل خمسين عاما مرصعا جبينه بتاج »أخبار اليوم» درة وقلعة الصحافة، وإيمانا منه بألا ننسى الفضل ، فإنه يستذكر أستاذته الأستاذة ( حسن شاه) في أطروحته :أمي التي أنجبتي في شارع الصحافة. ما بين مشهدين، مشهد البداية ظهر 23/ 8/1976 في دار أخبار اليوم أول لقاء بين«الأستاذة الكبيرة»و«التلميذ»الذي«سيكون» ومشهد النهاية مساء الجمعة 13/ 7 /2012. مستشفى الشرطة بالعجوزة. الصحفية الكبيرة«حسن شاه»وهي تحتضر وتتهيأ للرحيل.
ويختتم الفصل بالرسالة السرية التي بعثها أبو الصحافة العربية مصطفى أمين الى أنيس منصور عندما كان يجوب الدنيا ( حول العالم في 200) وتم اختياره لرئآسة تحرير مجلة الجيل الشهيرة بدأ مصطفى أمين رسالته بقوله: «لا تتصور أننى أكتب لك خطاب تهنئة، لأنك ستتولى رياسة تحرير مجلة «الجيل» إننى أعرف أكثر من غيرى ما هو منصب رئيس التحرير، إنه أكبر خازوق فى الصحافة، ولا أريد أن أهنئك بالجلوس فوق الخازوق» ثم تواصلت سطورها الرائعة والمروعة، بفقرة تحمل «جينات» الرسالة، إذ قال: رئاسة التحرير عرق يبذل، ودم يسكب، وأعصاب تحترق، إنه منصب لا يعرف العطلة الاسبوعية، ولا الإجازة السنوية، ولا ساعات محددة للعمل إن رئيس التحرير هو صحفى لمدة 24 ساعة يأكل وهو صحفى وينام وهو صحفى ويحلم وهو صحفى أيضا، إنه مزيج من مخرج السينما، وقائد فرقة أوركسترا،وأستاذ فى جامعة،ومتردوتيل فى فندق، وبواب فى عمارة، وترجمان للسياح، وبهلوان، وراح يشرح ذلك بكثافة اللفظ وودقة المعنى.





