“البطة القبيحة”

- سعيد بن مسعود المعشني
كتب الشاعر الدنماركي هانس أندرسن قصة تدور حول فرخ بطٍّ صغير وُلِد في مزرعة، وعانى في صغره من الاضطهاد وسوء المعاملة من بقية الحيوانات. أَسْمى الكاتب قصته “فرخ البط القبيح”. تتحدث القصة في مجملها عن كيفية تحوّل الشخص من حالٍ إلى حال.
الغريب أن هذه القصة، التي تحوّلت إلى أفلام ومسرحيات غنائية وعروض أوبرالية، كانت من وحي الخيال تماماً، ولم تستند إلى أي موروث شعبي.
في عالمنا اليوم، هناك الكثير من “البط القبيح” يمشون من حولنا، ونجدهم في كل موقع. هناك من حوله المنصب إلى “بطةٍ” أفضل، وهناك من تحوّل بعد المرسوم إلى “بطةٍ” بشعة حقًّا، ليس فقط من الناحية الشكلية، بل والأخلاقية كذلك.
تلاحظ نماذج من هؤلاء وهم يمشون على الأرض، فلا يكادون يلمسونها من شدة زهوهم وإعجابهم بأنفسهم. وقد زادهم منافقو شبكات التواصل الاجتماعي زهوًا على زهو.
ولأني أعرف بعضًا من هذه الفئة قبل المنصب، ففي الحقيقة أن أغلبهم كانوا أناسًا طيبين جدًّا، بسطاء، يسهل التعامل معهم. إلا أن مَن حولهم حوّلهم إلى “فراعنة” مستبدين لا يقبلون كلمة أو نصحًا، بل يرون أنفسهم منزهين عن الخطأ، وفوق شبهة المساءلة أو النقد. فمثلهم -في نظر أنفسهم- لا يأتيه الباطل أبدًا.
لو أن كل واحد من هؤلاء نظر في المرآة صباحًا قبل أن يذهب إلى مكتبه، واعتبر نفسه مجرد “بطة”، وربما “بطة قبيحة” حتى، وأن الحياة أعطته أكثر مما يستحق لكان حال الدنيا أفضل… أليس كذلك؟





