حَلّوت …ملتقى الجبال بالسماء

———————
غيومٌ بيضاء تعانقُ زرقة السماء
———————
حسن بن علي البلوشي
——————-
على ارتفاعٍ شاهقٍ في قمم الجبل الأبيض الملتصقة بسلاسل جبال الحجر الشرقي تقبع بلدة حَلّوت هاربة من أعماق البر الى زرقة سماء الله الرحيبة ، تنعم في حر الصيف ببرودة الطقس ، ونعومة الجو تنسرب بين الأكمال والمناحر ، تناظر من علو شاهق بحر العفية وسفائنها تشق عباب البحر .
حلوت خاصرة صور الشمالية الغربية ، تتلفّعُ بشالٍ قرمزي ممزوج بلون الجبال وخضرة شجر السمر بزهره البنفسجي وصلابة عوده ، وبراءة خلق الله تتجلى في قاطني تلك السفوح العلية وبطون الأودية السحيقة .
من جسر قلهات تنعطف يميناً وأنت قادمٌ من مسقط الخير ، تشد وثاق حزامك جيداً وتتسلق بسيارتك ذات الدفع الرباعي كأنك تود الصعود الى السماء ، مسالك ملتوية هضاب ووهاد في مسافة تقدر بثمانية وعشرون كيلو متراً ، تلمح على جانبي الطريق صخور الجبال سوداء نارية داكنة ربما تساقطت من السماء شهباً ، وكأنها معجونة بالزعفران ومدهونة بسواد المسك .
بدوية ترعى قطعان ماشيتها في أطراف حلوت تصدح نشوى بزغاريد وألحان تفهمها قطعان ماشيتها وتنساق لها حيث يخصب المرعى ويطيب الكلأ ..تصفّ وتنقش بين أناملها نجوم كمة العيد لوليدها ، يعلو فوق كتفها محجان طويل معقوف طرفه تخبط به ورق السمر لهويشاتها ، وبين خاصرتها تطوي سمّة الخباط تجمع فيها قسال وريقات السّمر
وزهره البنفسجي ، تهيم في وادٍ يفترش أديمه خضر المراعي على مد النظر والأفق الرحيب يتجلى من فوق قمم الجبال كأنه زرقة بحر العرب بجزره ومده .
تحت ظلال السّمر طاب لنا الجلوس أنا وصديقي أبو خميس في عز الظهيرة تظللنا غمامة سحاب من فوقنا تقذف بنسمات باردة تطيب لها النفوس وتورق لهوائها القلوب .
على تاثيتين من حجارة الوادي أشعلنا موقدنا نشوي ونأكل مالذّ وطاب من ثمار البحر جلبناه من صور العفية بلد السفائن والربابنة أسياد البحار ..
حَلّوتْ لولا صعوبة دروبك ووعورة الوصول اليكِ لاستوطنكِ القوم من بعيدٍ وقريب لكنّكِ عَصِيّة إلّا على دفعٍ رباعي وقائدٍ ماهر ونفسٍ تهوى تعب السفر في براري الله الواسعة بعيداً عن المدنيّة ولفح الكنديشن .

زر الذهاب إلى الأعلى