سقوط إمبراطورية الإستكبار العالمي

بقلم : د. حسن الموسوي
توطئة :
الكثيرون من أصحاب الفكر والذين تميلوا ميولهم وعواطفهم المشحونة بأفكارها من نبع الإستكبار إلى جهة الإستكبار وعياً أو جهلاً ، وتذهب بهم معتقداتهم إنها هي باقية ولن تزحزحها الأزمان والأزمات ما دامت الارض والسماء باقية . وأخرون ثقافتهم دون ثقافة أولئك ويعتقدون مثلهم تماماً ويريدون أنموذج الإستكبار أنموذجاً لهم في حياتهم اليومية حتى وإن كان الوطن هو الثمن الوحيد لتحقيق رغباتهم . وفئة أخرى هي البصيرة وتعرف تفاصيل كثيرة ودقيقة عن الإستكبار وهم دون الفئتين الأولى والثانية . وهي تقدم كل القرابين ليبقى الوطن طاهراً من رجس المستكبر .
من التأريخ قديماً وحديثاً
فهل فعلاً أن الإمبراطوريات لها أجل مسمى أو لا يكون لها نصيب من الزوال . دعنا نطوف في محطات عديدة من تأريخ زوال الإمبراطوريات من عهد الرومان إلى العصر الحديث لنقف على حقيقة واضحة لكل متتبع لهذه العلاقة التأريخية التي لا مناص من وقوع الأمر الإلهي الذي هو القادر على تهيئة الأسباب اللازمة أو المتعارف حديثا بالظروف الموضوعية والذاتية لكل ذلك .
عندما نفتح صفحات الثورات الكبرى في التأريخ البشري ، تظهر لنا جليةً حقيقةً ناصعة البياض وهي :
( إن الإمبراطوريات الكبرى سقطت على أيدي أضعف جحافل المستضعفين تحت لواء قائد فذ ) . في ساحاتنا نشهد تكرار نفس السيناريو . ها هي غزة تصمد على مدى ١٩ شهراً ولم يحقق الأعداء النجاح . ويدق اليمن مدمرات لا أحد في العالم تجرأ يوما واحدا على فعل ما تفعله القوات اليمنية البطلة . وهذه أول بشائر الفتح المبين ، فإن العدو الظاهر قوةً والباطن ضعفاً لن تجدي قوته على قوة الإيمان والعقيدة التي يتوشح بها الصناديد الأبطال .
لنبدأ لنرى ونقرأ من التأريخ كيف أن الثورات العظمى وانكسار الجبارين كان على أيدي المستضعفين من أول ثورة كبرى في التأريخ وما تلت بعدها :
١- ثورة سبارتاكوس التى قادها عبد فقير يدعى سبارتاكوس وعلى يده سقطت الامبراطورية الرومانية
٢- الثورة الفرنسية قادها المفكرون ووقودها كانت زناد الفقراء وسقطت الإمبراطورية الفرنسية ، وأكلت لويس السادس عشر المقاصل .
٣- الثورة البلشفية في روسيا ، ثورة العمال والفلاحين تحت قيادة لينين أسقطت القيصرية التي كانت قروناً تحكم نصف العالم أنذاك . وقضى على نيقولاي الثاني .
٤- الثورة الإسلامية في إيران تحت قيادة سيد عجوز لا تسمع له حساً إلاّ صدى له من خلف مكبرات صوت الميكروفون ، وأسقطت الموجات البشرية البهلوية التي لها تأريخ تجاوز ألفين عام . ومات ملك الملوك في المهجر غريباً .
٥- اليوم غزة تقاوم واليمن تمد لها أيادي العون ، وهما أضعف البلاد والعباد مادياً ، والأقوياء إرادة وإيماناً . وقريباً ستأكل النار النتن والمتعجرف العجوز .
الإمبراطورية على شفا التفكك
ظنت الإمبريالية إنها بعد تفكك الكتلة الشرقية ستعيد رسم خارطة العالم الجيوسياسية الجديدة كما يروق لها . فإذا هي تنكسر على صخرة صمود شعوب الشرق العريقة . كانت إيران أول الصمود وتلتها روسيا التي أرادوا تفكيكها وأن تكون خيراتها لقمة سائغة لهم .
شردوا مذلّين من أفغانستان واليمن وفي الماضي في فيتنام وكمبوديا ولاوس . وغزة تقف أمامهم فلا يستطيعون عليها …..
كل هذه الإنكسارات خلقت في عقر دارهم أوضاعاً غير متوقعة لهم ؛ وأخرها ثورة الجامعات التي بدأت من أمريكا وانتشرت بشكل واسع بين الجامعات الأخرى .
إن ثورة الأحرار هذه هي أعظم بكثير من تلك التي كانت في زمن الحرب الفيتنامية ؛ لأننا نعيش في عصر ثورة الإتصالات والتواصل الاجتماعي التي في لمحة بصر تنتشر عبرها وتنكشف الحقائق في المجتمعات المختلفة دون قدرة هذه الحكومات من وقف انتشار تلك المعلومات والحقائق ….
وقريباً وقريباً جداً سنشهد تغييرات جذرية في العالم كله سينبهر بها الغافلون أولي ثقافة الغرب ومن مثلهم أولاً قبل غيرهم .
د حسن الموسوي