السلامة المرورية في سلطنة عُمان: جهود متكاملة للحد من الحوادث وتعزيز الالتزام

مسقط – 9 أغسطس /العُمانية/تُعدّ السلامة المرورية قضية مجتمعية ذات أولوية قصوى، نظرًا لما لها من أثر مباشر على حياة الأفراد وسلامتهم، خاصة مع الزيادة المستمرة في أعداد المركبات واتساع شبكة الطرق في سلطنة عُمان، وهو ما يفرض ضرورة تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية لترسيخ ثقافة الالتزام بقوانين المرور وتقليل الخسائر البشرية والاقتصادية الناتجة عن الحوادث.
وفي هذا الإطار، تواصل شرطة عُمان السُّلطانية جهودها الحثيثة لضمان بيئة مرورية آمنة تسهم في دعم مسيرة التنمية، حيث انعكست هذه الجهود خلال السنوات الأخيرة في انخفاض ملحوظ بمعدلات الحوادث.

وأوضح العميد مهندس علي بن سليّم الفلاحي، مدير عام المرور بشرطة عُمان السُّلطانية، أن معاهد السلامة المرورية في مختلف المحافظات تؤدي دورًا محوريًا في رفع الوعي المروري لدى السائقين والمتقدمين للحصول على رخص السياقة، من خلال برامج تدريبية حديثة تشمل أجهزة المحاكاة لتوفير بيئة تعليمية آمنة، وتحديث المناهج باستمرار لمواكبة التطورات التقنية.
وأضاف أنّ هذه المعاهد تلتزم بخطط مدروسة لتطوير الكوادر البشرية وتأهيل المدربين بالتعاون مع جهات متخصصة، لضمان جودة التدريب وتغطية جميع الجوانب المتعلقة بالسلامة المرورية، مشيرًا إلى برامج تدريبية متخصصة مثل السياقة الوقائية، وتأهيل مدرّبي السياقة، والفاحصين، وسائقي مركبات الأجرة والمركبات الثقيلة، إضافة إلى الإسعافات الأولية وإشارات المرور.

وبيّن العميد الفلاحي أنّ هناك تعاونًا مع وزارة التربية والتعليم لتدريب سائقي الحافلات المدرسية ضمن برنامج السياقة الوقائية، ما أسهم في تحسين الأداء وخفض التجاوزات. كما أشار إلى برامج تأهيل مرتكبي المخالفات المرورية، بهدف تصحيح السلوكيات الخاطئة وتحسين مستوى الالتزام.

وفي جانب التقنيات الحديثة، أوضح أن شرطة عُمان السُّلطانية أطلقت أنظمة الرصد الذكي وتعمل على إدخال الذكاء الاصطناعي في مراقبة حركة المرور، استعدادًا للتعامل مع المركبات ذاتية القيادة، مع دراسة تجارب الدول الأخرى ووضع أطر تنظيمية تناسب البيئة العُمانية. كما يجري تطوير البنية الأساسية للسلامة الذكية، من خلال تحديث إشارات المرور وتوسيع أنظمة الرصد الآلي وتركيب كاميرات ذكية على الطرق الرئيسة.

أما على مستوى التخطيط الاستراتيجي، فأكد العميد الفلاحي دور اللجنة الوطنية للسلامة على الطريق في صياغة الاستراتيجيات والخطط الوطنية، بما في ذلك نشر التوعية عبر وسائل الإعلام، وإشراك المجتمع المدني والقطاعين الحكومي والخاص، وإدراج مقررات السلامة المرورية في المناهج الدراسية منذ المراحل المبكرة لغرس السلوكيات الإيجابية.

وأشار إلى نجاح برنامج “أصدقاء الطريق” (VIA) الذي انطلق تجريبيًا في 2022/2023 وشمل لاحقًا 33 مدرسة في مختلف المحافظات، حيث أسهم في تخريج جيل واعٍ بالقوانين المرورية قادر على نشر المعرفة بين أقرانه. كما يجري العمل على إنتاج محتوى رقمي متخصص للتعليم المبكر والحلقة الأولى في المدارس.

ولفت إلى أن الحملات التوعوية مستمرة على مدار العام، ومن أبرزها معرض خريف ظفار الذي يستهدف السائقين والزوار، إضافة إلى مسابقة السلامة المرورية التي تشجع المجتمع على المشاركة في جهود الحد من الحوادث.

وأرجع انخفاض الحوادث في السنوات الأخيرة إلى وعي مستخدمي الطريق والتزامهم بالقوانين، وتحسين البنية التحتية، والجهود المتواصلة في التوعية. لكنه أشار إلى تحديات قائمة مثل تزايد أعداد المركبات، ونقص وسائل النقل العام، والاعتماد المفرط على المركبات الخاصة، إلى جانب السلوكيات الخاطئة مثل استخدام الهاتف أثناء القيادة، والسرعة الزائدة، وعدم ترك مسافة أمان، وتجاهل عبور المشاة، وإهمال صيانة المركبات.

واختتم العميد الفلاحي بالتأكيد على أن السلامة المرورية مسؤولية جماعية تتطلب تعاون الأفراد والمجتمع والقطاعين الحكومي والخاص، والالتزام بالقوانين، والمشاركة في الحملات التوعوية، حفاظًا على الأرواح والممتلكات.





