المباني الخضراء.. رافد للاقتصاد المستدام في سلطنة عُمان

مسقط في 27 سبتمبر /العُمانية/ تمثل المباني الخضراء نهجًا متكاملًا للتخطيط العمراني المستدام، وتسهم في تحفيز الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام المياه، بما يدعم تطلعات سلطنة عُمان نحو اقتصاد مستدام قادر على المنافسة، ويعزز ممارسات البناء الصديق للبيئة وحماية الموارد الطبيعية.

وقالت فاتن بنت كامل الشالوانية، مهندسة معمارية بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، إن المباني الخضراء باتت اليوم ضرورة ملحة لدورها في الحد من التأثيرات البيئية وتقليل استهلاك الطاقة والمياه، إضافة إلى توفير بيئات معيشية أكثر صحة واستدامة.

وأوضحت في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أن المبنى الأخضر يستند إلى عدد من الممارسات تشمل تحسين العزل الحراري، وترشيد استخدام المياه وإعادة تدويرها، وتوظيف أنظمة تكييف وإنارة عالية الكفاءة، والاستفادة من الطاقة المتجددة، إلى جانب استخدام مواد بناء مستدامة تضمن جودة البيئة الداخلية عبر التهوية الجيدة والإضاءة الطبيعية.

وأكدت أن سلطنة عُمان تمضي بخطى واضحة نحو هذا التوجه من خلال وضع معايير واشتراطات خاصة بالاستدامة وكفاءة الطاقة، وتوجيه السوق نحو مؤشرات قابلة للقياس، مع مواءمة التخطيط العمراني والتنمية مع المعايير العالمية لبناء مدن ذكية ومستدامة بما يتماشى مع مستهدفات رؤية “عُمان 2040” في التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

من جانبه، أوضح الدكتور ربيع بن محمد الرحبي، مدير مركز المعايير والمقاييس البيئية بهيئة البيئة، أن التحول نحو البناء الأخضر يمنح المؤسسات ميزة تنافسية عبر الحصول على شهادات جودة للأبنية المستدامة، مشيرًا إلى أن الطلب على هذه المباني ارتفع بنسبة 10 بالمائة مقارنة بالمباني التقليدية.

وأضاف أن المباني الخضراء تمتاز بكفاءة استهلاك الطاقة من خلال العزل الحراري الجيد والاختيار المناسب للنوافذ، والاعتماد على الطاقة النظيفة في التبريد والتدفئة، إضافة إلى ترشيد استهلاك المياه بأنظمة فعّالة لضخها وإعادة استخدامها، ما يقلل التأثير البيئي. كما تسهم في تحسين الإضاءة والتهوية الطبيعية، وترفع إنتاجية العاملين فيها بنسبة تصل إلى 12 بالمائة مقارنة بالمباني التقليدية.

وأشار الرحبي إلى أن المباني الخضراء تحقق مردودًا اقتصاديًا مهمًا من خلال جذب التمويل القائم على صفر مخاطر بيئية، مما يؤهلها للحصول على قروض وحوافز خضراء، وتقليل الأعباء المالية المرتبطة بضرائب الكربون، إلى جانب زيادة القيمة السوقية للعقارات وخفض تكاليف تشغيل الكهرباء والمياه، وخلق فرص عمل في مجال إدارة وصيانة المرافق الخضراء.

وبيّن أن فوائدها البيئية تشمل الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتقليل نفايات البناء والتشغيل، ودعم التنوع البيولوجي الحضري من خلال المساحات والسقوف الخضراء.

ولفت إلى أن هذه المباني تسهم في تحقيق الأهداف المناخية والتنموية للسلطنة، من خلال تقليل البصمة الكربونية وتخفيف الضغط على البنية الأساسية، ودعم سياسات النقل والتخطيط الحضري المستدام، وحماية المناطق البيئية الحساسة.

ويُسهم النظام الوطني للمباني الخضراء “روزنة”، الذي أطلقته هيئة البيئة، في تقييم المباني وفق 7 معايير رئيسة للاستدامة عبر آلية تمنح نقاطًا تؤهل للحصول على شهادة المباني الخضراء. ويغطي النظام المباني السكنية والتجارية والحكومية والصناعية وحتى المدن المستدامة.

وقد حصل عدد من المشاريع العمرانية والسياحية في سلطنة عُمان على شهادات عالمية في المباني الخضراء؛ من بينها شهادة البلاتينيوم لكل من المقر الرئيسي لعمانتل، و”سيتي سنتر مسقط”، و”مول عُمان”، بينما نال مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض وفندق “دبليو مسقط” ومشروع الواجهة البحرية بالحي الدبلوماسي شهادة الذهبية. كما حصل فندق “أليلا الجبل الأخضر” على الشهادة الفضية، ونال مشروع إسكان شركة تنمية نفط عُمان شهادة المباني الخضراء، فيما تواصل مدينة يتي المستدامة تنفيذ أعمالها لتحقيق صفر انبعاثات وفق معايير الاستدامة.

وتسعى هيئة البيئة إلى رفع مؤشر الأداء البيئي ودعم تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة، وتحقيق أهداف رؤية “عُمان 2040” عبر خفض انبعاثات الكربون وتشجيع الاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية في قطاع البناء.

كما تعمل الهيئة على إعداد آلية خاصة لتقييم المدن الخضراء المستدامة استنادًا إلى معايير تصنيف المباني الخضراء.

زر الذهاب إلى الأعلى