سلطنة عمان.. حاضنة الحوارات ومحور ارتكاز بناء السلام

فؤاد يحيى مدير تحرير مجلة المصارف اليمنية
بحكمة جلالة السلطان المؤسس قابوس بن سعيد بن تيمور، طيّب الله ثراه، كانت ولا تزال سلطنة عمان حاضنة الحوارات الإيجابية ومحور ارتكاز حل النزاعات والخلافات السياسية والصراعات العسكرية وبناء السلام في المنطقة.
وفي جميع جولات الصراع والحروب التي شهدتها المنطقة، استطاعت سلطنة عمان أن تنأى بنفسها عن سياسة المحاور والتزامها الدائم بمبدأ الحياد الإيجابي، الذي دأبت على انتهاجه، بفضل السياسة المتزنة التي أرسى مداميكها وقواعدها السلطان قابوس بن سعيد ومن بعده السلطان هيثم وأصبحت بالنسبة للشعب العماني عامة، وليس ساسته فقط، مبادئ دينية وإنسانية وأخلاقية ثابتة وراسخة ، لا تتدخل فيها الأهواء، ولا تزعزعها المتغيرات.
وبشكل دائم تميزت سلطنة عمان عن محيطها العربي بدبلوماسيتها الهادئة والمحبة للجميع ومحكاة السلام وسعيها الدؤوب ومحاولاتها المتكررة لضبط إيقاع تطورات أحداث ووقائع الخلافات والصراعات السياسية والعسكرية بين الفرقاء سواء على المستوى المحلي للبلدان العربية أو على مستوى بلد وبلد آخر
ولجم الصراعات والتصعيدات السياسية والعسكرية والإعلامية، واحتواء تداعياتها وتطوراتها، وتوجيهها في مسارات حل وتوافق سياسي سلمي وعادل من خلال مدّ جسور التواصل بين الأطراف واحتواء التناقضات، وانتزاع مفاعيل العراقيل والمعوقات المعطلة للحلول والاتفاقات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وبفضل سياستها الفريدة أصبحت سلطنة عمان منبرا للمفاوضات السلمية والوساطة والمساعي الحميدة
وشريكاً إيجابياً ووسيطاً موثوقاً لحل الأزمات التي شهدتها ولا تزال تشهدها بلدان محيطها الخليجي والعربي والإقليمي والدولي.
المواقف والوساطات العمانية الدالة على رسوخ وثبات واتزان وفرادة وتميز السياسة العمانية عن سياسة معظم بلدان محيطها الإقليمي والدولي كثيرة لا يمكن أن يضمها مقال واحد، وتبرز هنا أهمية الإشارة إلى بعض تلك المواقف على سبيل المثال ، فإلى جانب الدور الأبرز الذي قامت به سلطنة عمان في السنوات الأخيرة والذي تمخض عنه الاتفاق النووي الإيراني– الغربي، ساهمت السلطنة من خلال التزامها طرف الحياد الإيجابي والقيام بدور الوسيط المؤثر في حل الكثير من قضايا المنطقة، لا سيما منذ انطلاق ثورات ما سمي بالربيع العربي عام 2011م.
وفيما يتعلق بطبيعة أحداث الصراع الذي شهدته ولا تزال سوريا منذ العام 2011، في الوقت الذي قامت فيه معظم الأنظمة العربية بقطع العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد ، أبقت سلطنة عمان على العلاقات الجيدة مع النظام السوري واستقبلت وزير خارجيته وليد المعلم، ولكنها في نفس الوقت لم تتردد في استقبال المعارض خالد خوجة.
ومنذ بدء أحداث الصراع والتصعيد السياسي التي شهدتها اليمن وكانت بدايتها خلال العام 2011 نفسه
بذلت سلطنة عمان أقصى جهودها لتجنب التصعيد ومحاولات التوصل للحلول التوافقية السلمية بين فرقاء الصراع.
وفي بداية العام 2016، قادت السلطنة وساطة ناجحة لحل الأزمة الليبية وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين و استقبلت صلالة الأطراف الليبية وتم التوصل إلى مسودة دستور ليبي.
ويمكن القول أن جوهر الكلام المتعلق بسياسة عمان ودورها الإيجابي ونهجها الدبلوماسي وجهودها المتميزة كحاضنة للحوارات والمشاورات والمفاوضات الإيجابية ومحور ارتكاز لبناء السلام في المنطقة قد لخصه الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العمانية يوسف بن علوي في إحدى مقابلاته التلفزيونية بقوله: “نحن لا ننحاز لهذا الجانب أو ذاك، بل نحاول أن ننقل لكلا الطرفين ما نعتقد أنه جيد لكليهما”.
وهنا تبرز أهمية الإشارة إلى الوساطة العمانية الأخيرة الهادفة إلى إيجاد حل شامل للملف اليمني والتي بدأت مجرياتها بزيارة الوفد العماني والوفد السعودي لصنعاء والقدر الكبير من التفاؤل الذي يبديه الكثير من اليمنيين والساسة والمتابعين والمحللين المحليين والعرب والأجانب بشأن إمكانية نجاح هذه الوساطة في التوصل إلى اتفاق حل شامل للملف اليمني.





