«الأقدام تكتب».. سرديات تنبض بالحياة بين الذاكرة والرحلة

عمّان في الأول من ديسمبر 2025 /العُمانية/يقدّم الأديب كامل أبو صقر في كتابه «الأقدام تكتب.. سردية بين المحطات والذاكرة»، والصادر عن «الآن ناشرون وموزعون»، مجموعة من القصص القصيرة التي تستند في معظمها إلى تجارب واقعية وأحداث حقيقية، وتُبرز صدق التجربة الإنسانية التي ينطلق منها الكاتب.
يستعرض أبو صقر في اثنتين وعشرين محطة سردية مشاهد متنوّعة تمزج بين البعد السياسي والهمّ الإنساني، لتصوغ معًا صورة حيّة لمعاناة الشعب الفلسطيني، وصموده، وآماله المعلّقة بين حياة الوطن وقسوة المنفى. وعلى الرغم من اختلاف موضوعات القصص وأماكن وقوعها، فإنها تتوحّد في قدرتها على النفاذ إلى جوهر الإنسان، وتوثيق تفاصيل يومه المليء بالتحديات. وتأتي كل قصة كأنها محطة قصيرة في زمنها، لكنها غنية بعمقها ودلالتها، مانحةً القارئ تجربة فكرية وأدبية ممتعة.
وتُعدّ هذه المجموعة أولى تجارب الكاتب في فن القصة القصيرة، غير أن نصوصها تتميز بواقعية صادقة ومشاعر إنسانية واضحة، تعكس إيمان الكاتب بأن الأدب في جوهره «تجربة تُروى» لا قالبًا تُحبس فيه الأحاسيس.
تبدأ المجموعة بمحطة «جنين»، حيث يرافق القارئ صحفيًّا شابًا من مخيم بلاطة في مهمته لتغطية الأحداث في مخيم جنين، في استحضار لأجواء التوتر التي يعيشها الفلسطينيون يوميًا، وما تحمله من ذكريات أليمة، بينها استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة وحضورها الإنساني والإعلامي.
وتنتقل القصص عبر مدن عربية مختلفة، بينها قصة تجري أحداثها داخل مكتب محاماة يضم موظفين من جنسيات متعددة، لتكشف أبعادًا سياسية واجتماعية عميقة، وتناقش ما يسميه الكاتب «الطاقة الكامنة» لدى الفلسطيني، التي تجعل منه رمزًا للصمود.
ولا تقتصر المجموعة على القصص السياسية، بل تتناول محطات إنسانية وشخصية، مثل قصة «بانو» الشاب الذي يتعرض لاتهام ظالم بالقتل قبل أن يجد محاميًا شجاعًا يؤمن بحق كل إنسان في نيل العدالة. وفي محطة «وداع راقص في باكو» يرصد الكاتب لحظة إنسانية خالصة تحتفي بالجمال رغم تعقيدات الواقع.
كما تتناول القصص الذاكرة الثقافية، عبر حكاية طفل يعيش ظروفًا قاسية، لكنه يتمسك بالعلم سبيلًا للخلاص وبناء مستقبل أفضل. وفي «المهاجر الأخير» نقرأ قصة عائلة فلسطينية تحاول التمسك بتراثها الزراعي رغم ضغوط الاحتلال، في مشهد يجسّد واقعًا مأساويًا يشترك فيه كثير من الفلسطينيين.
وفي محطة «النفسان» يخوض الكاتب حوارًا فلسفيًا حول الروح والنفس ومعاني التوبة والاختيار، بينما تحمل محطة «الغفران» قصة شاب يتعلق بالحمام رمزًا للسلام، في مواجهة واقع مليء بالخراب والمعاناة.
تتسم القصص بلغة سردية مباشرة ووصف دقيق للمشاهد، يختلط بالحوار الطبيعي ليمنح النصوص قوة تعبيرية واضحة. كما أسهمت الصور البلاغية والتشابيه في تعميق الأثر العاطفي لكل محطة، وجعلت من المجموعة تجربة أدبية تعكس واقع الإنسان الفلسطيني بمختلف تجلياته.





