اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية–الهندية: دفعة قوية للنمو وتنويع التجارة والاستثمار

مسقط في 20 ديسمبر 2025 /العُمانية/أكد خبراء واقتصاديون ورجال أعمال أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند تمثل محطة استراتيجية مفصلية في مسار العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لما توفره من فرص واعدة لتعزيز التبادل التجاري، وفتح أسواق جديدة للصادرات العُمانية، واستقطاب استثمارات مشتركة في قطاعات حيوية تتجاوز الأطر التقليدية للتعاون.

وأوضحوا أن الاتفاقية تسهم في دعم النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل عبر تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وتمكين الشركات العُمانية—ولا سيما الصغيرة والمتوسطة—من النفاذ إلى أحد أكبر الأسواق العالمية، إلى جانب دعم الأمنين الغذائي والدوائي، وترسيخ مكانة سلطنة عُمان مركزًا إقليميًا للتجارة وسلاسل الإمداد، بما يتسق مع مستهدفات رؤية «عُمان 2040».

وأكد الدكتور سعيد بن مبارك المحرّمي، عضو مجلس إدارة البنك المركزي العُماني وأستاذ المالية بجامعة السلطان قابوس، أن الشراكة الاقتصادية الشاملة وصلت إلى مراحل متقدمة، مشيرًا إلى أن اتفاقيات التجارة تمثل خطوة استراتيجية تعزز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وتنعكس فوائدها على المستهلكين عبر خفض الأسعار وتحسين بيئات الأعمال، إلى جانب دعم الاستثمار ونقل المعرفة.
وبيّن أن أبرز مكاسب الاتفاقية تشمل زيادة التبادل التجاري من خلال تخفيض أو إزالة الرسوم الجمركية، وفتح السوق الهندي أمام المنتجات العُمانية مثل النفط والمعادن والأسماك والصناعات الخفيفة، مقابل دخول منتجات هندية تنافسية إلى السوق العُماني، فضلًا عن تحفيز الاستثمار المباشر في مجالات البتروكيماويات والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات، بما يعزز الناتج المحلي ويوفر فرص عمل ويدعم التنويع الاقتصادي.

من جانبه، أكد الشيخ الدكتور هلال بن عبد الله الهنائي، رئيس مجلس إدارة جمعية الصناعيين العُمانية، أن الاتفاقية تعزز مكانة الاقتصاد الوطني وتفتح آفاقًا واسعة للقطاع الصناعي للنفاذ إلى الأسواق الآسيوية، مشيرًا إلى دور الجمعية في تمكين الصناعيين من الاستفادة من المزايا التفضيلية وبناء شراكات مباشرة مع القطاع الخاص الهندي.
وأشار إلى أن الاتفاقية تتيح فرصًا كبيرة للصناعات التحويلية والبتروكيماويات ومواد البناء والغذاء والمعادن والصناعات الدوائية، مؤكدًا أن خفض الرسوم الجمركية سيقلل كلفة الإنتاج ويعزز تنافسية المنتج العُماني ويدعم توسع الصادرات وتنويع أسواقها، مع الحفاظ على ضوابط التعمين والقوائم السلبية لتحقيق توازن مستدام بين جذب الاستثمار وحماية سوق العمل.

بدوره، أوضح مصطفى بن أحمد بن سلمان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة المتحدة للأوراق المالية، أن الاتفاقية تشكل إطارًا متقدمًا للتعاون الاقتصادي، يستهدف خفض الرسوم الجمركية، وتسهيل تجارة الخدمات، وتعزيز الاستثمارات المشتركة، وتوسيع العلاقات بعيدًا عن النفط والغاز، متوقعًا توسعًا ملموسًا في التبادل التجاري وفتح الأسواق الهندية أمام الصادرات العُمانية غير النفطية.

وأضاف أن الاتفاقية ستعزز فرص الشركات العُمانية في سوق يضم نحو 1.4 مليار نسمة، وتدعم الاستثمارات الثنائية والمشروعات المشتركة في البنية الأساسية والطاقة والخدمات واللوجستيات، مع الاستفادة من الموانئ العُمانية كمراكز لوجستية وإعادة تصدير.

من جهته، أكد الدكتور قيس بن داود السابعي، مستشار قانوني وخبير اقتصادي، أن الاتفاقيات التجارية الحرة تمثل أداة محورية لتنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الاستثمار وخلق فرص العمل، وتحسين بيئة الأعمال، وخفض كلفة السلع والخدمات، مشيرًا إلى أن الاتفاقية مع الهند تمثل نقلة نوعية ومنعطفًا استراتيجيًا لكلا البلدين.

وأوضح أن السوق الهندي الضخم وقربه الجغرافي والعلاقات التاريخية الطويلة تفتح مجالات واسعة أمام الصادرات العُمانية، تشمل الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية والطاقة والمعادن والغذاء، إلى جانب تعزيز دور الموانئ العُمانية في سلاسل الإمداد العالمية والصناعات الصديقة للبيئة والطاقة النظيفة.

وأكد على أهمية التطبيق المتوازن للاتفاقية، ووضع ضوابط تمنع إغراق السوق وتحمي الصناعات الوطنية، مع دعم الأمن الغذائي والدوائي وتوطين الصناعات ونقل التقنيات، بما يضمن استدامة التبادل التجاري وتحقيق منافع اقتصادية واجتماعية طويلة الأجل.

من ناحيته، قال المهندس سعيد بن ناصر الراشدي، الرئيس التنفيذي لشركة بيت التأمين، إن الاتفاقية تعزز جاذبية سلطنة عُمان كمركز للاستثمار والتجارة، وتدعم تنافسية الصادرات العُمانية وخفض تكاليف الإنتاج، مع فتح المجال لشراكات استراتيجية ونقل المعرفة، مؤكدًا أهمية مواءمة ضوابط التعمين مع متطلبات النمو لضمان استدامة العوائد الاقتصادية والاجتماعية.





