قضايا وآراء في الصحافة العالمية: الديون الأمريكية، فجوة مهارات الذكاء الاصطناعي، والألومنيوم في قلب التنافس الجيوسياسي

عواصم في 22 ديسمبر 2025 /العُمانية/ رصدت وكالة الأنباء العُمانية عددًا من الآراء والتحليلات التي تناولتها صحف ومنصات إعلامية عالمية حول قضايا اقتصادية وتكنولوجية وجيوسياسية متشابكة، من بينها مستقبل محاسبة ديون الولايات المتحدة، ومعضلة نقص العمالة الماهرة القادرة على توظيف الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تصاعد أهمية الألومنيوم كأحد المعادن الاستراتيجية في المنافسة الدولية.
ففي مقال نشرته منصة «بروجيكت سينديكت» بعنوان «كيف سيبدو شكل محاسبة ديون الولايات المتحدة؟»، ناقش الكاتب جيفري فرانكل، أستاذ تكوين رأس المال والنمو بجامعة هارفارد والباحث في المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية، المأزق المتفاقم للدَّين العام الأمريكي الذي تجاوز 100 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقعات باستمراره في الارتفاع.
واستعرض الكاتب ستة مسارات نظرية يمكن للدول أن تلجأ إليها للخروج من أزمة الديون غير المستدامة، محللًا مدى قابليتها للتطبيق في الحالة الأمريكية. وخلص إلى أن جميع هذه الخيارات تصطدم بعقبات واقعية وسياسية كبيرة.
وأوضح أن النمو الاقتصادي السريع يُعد الخيار الأكثر جاذبية، إلا أن فرص تحققه ضعيفة بسبب شيخوخة السكان، وتراجع الهجرة، وعدم اليقين بشأن الأثر الحقيقي للذكاء الاصطناعي على النمو طويل الأمد، مرجحًا ألا يتجاوز معدل النمو 2 بالمائة.
أما خيار أسعار الفائدة المنخفضة، فيراه غير واقعي في ظل ارتفاع مدفوعات الفائدة إلى مستويات تفوق الإنفاق الدفاعي أو التقديري غير الدفاعي. وبشأن التخلف عن السداد، وصفه بأنه خيار سيئ، محذرًا من أن الأسواق قد تفرض على الولايات المتحدة قيودًا مشابهة لتلك المفروضة على الدول النامية، رغم كونها تقترض بعملتها الخاصة.
وتناول الكاتب خيار التضخم الناتج عن طباعة النقود، معتبرًا أنه يضر بالحكومة والمستثمرين على حد سواء ولا يمثل حلًا جذريًا. كما ناقش القمع المالي، المتمثل في إجبار المؤسسات المحلية على شراء السندات الحكومية بشروط غير مواتية، مشيرًا إلى أن بعض المقترحات السياسية الحديثة تمثل أشكالًا متطرفة من هذا النهج.
وخلص فرانكل إلى أن التقشف المالي، عبر خفض جذري للعجز، هو السيناريو الأرجح على المدى البعيد، لكنه الأصعب سياسيًا، إذ يتطلب عمليًا إلغاء معظم الإنفاق التقديري. ورأى أن الجمود السياسي سيؤدي إلى تأجيل الحلول إلى أن تفرض الأسواق تصحيحًا قاسيًا بعد أزمة مالية حادة، وكلما طال التأجيل زادت كلفة المعالجة.
وفي سياق مختلف، تناولت الكاتبة أليسون شراجر في مقال نشرته وكالة «تريبيون كونتينت» مسألة الذكاء الاصطناعي وسوق العمل، مقدمة رؤية مغايرة للمخاوف الشائعة من فقدان الوظائف. وأكدت أن الخطر الحقيقي لا يكمن في البطالة الجماعية، بل في نقص العمالة الماهرة القادرة على استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية.
وأشارت إلى تراجع المهارات الرياضية والتحليلية والنقدية لدى الطلاب، حتى في الجامعات المرموقة، موضحة أن الذكاء الاصطناعي يتطلب قدرات بشرية متقدمة لتفسير النتائج وفهم السياق والبيانات وابتكار الحلول، وهي مهارات يفتقر إليها كثير من الخريجين.
وأضافت أن أزمة المهارات تتفاقم في الولايات المتحدة بسبب تعقيدات نظام الهجرة، التي تحول دون استقطاب الكفاءات الأجنبية والاحتفاظ بها، رغم تمتعها غالبًا بمهارات كمية وتحليلية أعلى. وترى الكاتبة أن الحل يكمن في إصلاح التعليم عبر التركيز على الأساسيات الصارمة، إلى جانب إصلاح سياسات الهجرة لجذب العمالة الماهرة.
وحذرت من أن غياب هذه الإصلاحات سيقود إلى مفارقة خطيرة تتمثل في خريجين عاطلين عن العمل لافتقارهم للمهارات، مقابل أصحاب عمل عاجزين عن إيجاد الكفاءات القادرة على توظيف التكنولوجيا الحديثة.
وفي مقال آخر نشرته صحيفة «تايمز أوف مالطا»، تساءل الكاتب أندرياس ويتزر: «هل يمكن أن يكون الألومنيوم هو الذهب الجديد؟»، مسلطًا الضوء على التحول في مكانة هذا المعدن من مادة صناعية إلى عنصر استراتيجي محوري في التنافس الجيوسياسي.
وأوضح أن الألومنيوم يتميز بخفة الوزن، وموصلية كهربائية عالية، ومقاومة للتآكل، وقابلية كاملة لإعادة التدوير مع توفير كبير في الطاقة، ما يجعله عنصرًا أساسيًا في التحول نحو الطاقة النظيفة والصناعات الكهربائية، بل وبديلًا واعدًا للنحاس في بعض الاستخدامات.
وأشار إلى الهيمنة الصينية شبه الكاملة على صناعة الألومنيوم، بإنتاج سنوي يبلغ نحو 44 مليون طن، مقابل تراجع الإنتاج الأمريكي بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والمنافسة من قطاعات أخرى. وبيّن أن الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على الواردات لم تحقق هدفها في إنعاش الإنتاج المحلي، بل أدت إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الاضطرابات في سلاسل الإمداد.
ومن منظور استثماري، لفت الكاتب إلى تفوق الشركات الصينية من حيث الربحية والأداء، مقابل معاناة الشركات الغربية من عدم الاستقرار السياسي وارتفاع التكاليف، ناصحًا المستثمرين بالحذر في ظل هذه التقلبات.
وخلص ويتزر إلى أن الألومنيوم لن يكون «الذهب الجديد» من حيث القيمة السوقية، لكنه يمثل «الذهب الصناعي» للعصر الحديث، أي المعدن الاستراتيجي الذي ستتحدد من خلاله ملامح التفوق التكنولوجي والاستقلال الصناعي في السنوات القادمة، في ظل منافسة جيوسياسية محتدمة تتجاوز اعتبارات السوق التقليدية.





