الفضفضة ليست مجرد ثرثرة

حنان بديع
تبدو الفضفضة وكأنها سلوك نسائي بحت، فالمرأة بطبيعة تركيبتها النفسية والبيولوجية أكثر تعرضاً للقلق والتوتر، لذلك هي أكثر لهفة وقدرة على التحدث مع صديقاتها أو أي كان للتخلص من الضغوط النفسية، على عكس الرجل، وإذا كانت الفضفضة ليست مجرد كلام لا فائدة منه، فقد يطرح السؤال نفسه، هل هي علاج أم مجرد ثرثرة؟وهل نشعر بالراحة أم بالندم حين نفضفض؟
أعتقد أن الإنسان المنفتح على الآخر يشعر حتماً بالراحة في حين يشعر الإنسان الكتوم بالندم.. نعم لم لا، وقد تخطى حدود كتمانه وسور أمانه.
على أية حال،، سواء ارتحنا أو ندمنا، فإن للفضفضة وظيفة نفسية وهي طريقة من طرق العلاج النفسي المتعارف عليها، إذ تقلل من التوتر والكبت وتحرر الإنسان من مشاعره وأحاسيسه التي من الممكن أن يكون لها تأثير سلبي على حياته.
نفضفض ليس بحثاً عن الحل لكن بحثاً عن الراحة، وتلقائياً سنبحث عن شخص نرتاح له ونثق به..
لكن هذا الشخص بالنسبة لكثير منا ممن يفتقدون الثقة والأمان قد لا يكون صديقاً أو حبيباُ، قد لا يكون أحد سواهم، قد لا يكون سوى الورقة والقلم!!
لكن للبوح مهارة وللفضفضة فن، لا بد أن نجيدهما فعندما نحمل هماً ثقيلاً أو شحنة سلبية من المشاعر، إما أن نفضفض أو نختار الصمت، وحديث النفس هو أحد أنواع الفضفضة التي تجنبنا الكثير من الأمراض النفسية، ذلك لأن النصيحة الأهم تقول: “لا تكثروا من الفضفضة فإنكم لا تدرون متى يخون المنصتون”.
الحقيقة أنه في لحظات الضعف تنتابنا رغبة ملحة بالفضفضة ومعظم خيباتنا تنتج عن الشخص غير المناسب للقيام بهذا الدور الحساس.
ربما لهذا تم ابتكار صناديق الفضفضة في كينيا مثلاً، وهي فكرة جديدة ظهرت في أحد أكثر الأحياء فقراً في كينيا حين بدأ الناس في كسر الصمت عن الانتهاكات الحنسية والأسرية التي تتعرض لها الفتيات من خلال (صناديق الفضفضة) في المدارس حيث تكتب الفتيات المشكلات التي يعانين منها على الورق قبل وضعها في الصناديق .
وبعيداً عن الصناديق والورق والأصدقاء أو المحبين فإن هناك أشياء خلقت لتبقى في القلب فقط! لا يشملها قانون الفضفضه أبداً.





