حِكايَة

حمد الراشدي 
حمد الراشدي 

شعر : حمد الراشدي 

hamed.alrashdi1212@gmail.com

مسقط

دعتْني بِبُحِّ الصَّوْتِ أدْنو وأسْمَعُ

لِهَجْسٍ يَئنُّ القَلْبُ مِنهُ ويُوجَعُ

تَقولُ وقد وَشَّتْ بِحُزْنٍ عُيونُها

وسَالتْ حُبَيْباتٌ تَحِتُّ وتَطْبَعُ

على الخَدِّ سَأْراً كالرَّبابِ بياضُهُ

يَسيحُ كماءِ المُزْنِ لا يَتَنَقَّعُ

أتَيْتُكَ مِنْ بابِ الفُضولِ لِمَطْلبٍ

أبوحُ بِهِ صِدْقَ الكلامِ وأدْفَعُ

بما صارَ يَرْجو بالجميلِ عِنايةً

وتنْجو بِه الآمالُ حالاً وتُرْفَعُ

فَقُلْتُ لها مَنْ أنتِ لاحَ بِوَجْهِها

تقاسيمُ عَزْمٍ بالحَياءِ مُرَصَّعُ

وتَكْفِينَ بالتَّمْويهِ حُسْنَ مَقالةٍ

يَنوبُ البَها عن كُلِّ قَوْلٍ ويَشْفَعُ

فقالتْ : أنا البُؤسُ الذي غارَ نَصْلُهُ

فأَوْغَلَ في الأحْشاءِ جَزَّاً ويَقْطَعُ

وإنْ شِئْتَ تأْتِينا الغَداةَ لِدارِنا

فَيَجْلو سُؤالٌ في الخَيالِ مُربَّعُ

رَكِبْتُ لِأهْوالِ الحياةِ لحاجةٍ

ولوْ لَمْ أزَلْ دُونَ الفِطامِ وأرْضَعُ

وُلِدْتُ لِأُمٍّ قد تَأخَّرَ نَسْلُها

وَوالٍ بَصِيرٍ لِلْمُروءَةِ يَجْمَعُ

وقَدْ رَبَّيانيْ طُهْرَ طُهْرِ طُفولةٍ

لِعِلْمِي هُما باتا جِياعاً وأَشْبَعُ

نَمَوْتُ على الإصْرارِ طَوْعَ رِسالةٍ

دَعَتْني إلى البِرِّ الذي بِه يُصْدَعُ

فُخُضْتُ غِماراً في الحياةِ ودَرْبِها

تَنوءُ بِيَ الأثْقالُ لا أتَزَعْزَعُ

وهَمِّي بذا رَدُّ الجَميلِ كِفايةً

إلى مَنْ أناروا في الحياةِ ووَسَّعوا

لِيَ الدََرْبَ والغاياتِ كيفَ نَوالُها

وما قَصَدوا إلاَ السّدادَ يُطَوَّعُ 

صَحِبْتُ مع التَأْهيلِ غَلْيَ عَزيمةٍ

ورُحْتُ وبالخطْواتِ أسْعى وأرْتَعُ

وليسَ سِوى الإسْراعِ يُدْنِيكَ مَطْلَباً

ولا غَيرَ بِالإدْلاءِ يَسْقيكَ مَنْبَعُ

وصادَفْتُ في الإبْداءِ ما قد يُعينُني

وما إنْ بَذَلْتُ الجهْدَ يُوفي ويَلْفَعُ

وضاعَفْتُ بالإتْقانِ سَعْياً رَسَمْتُهُ

لِكيْ أبْلُغَ المرْمى فلاحاً وأَقْنَعُ

ولكنَّ في الأَثْناءِ رُبْتُ عِنايةً

مِنَ النَّوْعِ لِلأُنْثىٰ يُقاسُ ويُقْطَعُ

ولمْ يُبْطِئوا الأنْيابَ حتّى تَكَشَّرَتْ

ذِئاباً مِنَ الجَوْعىٰ تَروحُ وتَرْجِعُ

تَلَبَّسَتِ الْأَثْوابَ ثَلْجاً بياضُها

وفي داخلٍ مِنْها يَجولُ السُّمَيْدَعُ

وما إنْ فَطِنْتُ الأَمْرَ حتى أدرْتُها

إلى حَيثُ لا تُشْرى النُّفوسُ وتُبْتَعُ

أيُبْدَلُ بالْفَقْرِ الذي هُوَ آفةٌ

أبو الفقْرِ سُوءًا لِلْمَكارمِ يَقْمَعُ

لمَمْتُ لأوْراقي حِيالَ حظيرةٍ

أُخَيْرىٰ ، لعلَّ السُّوقَ فيها تَفَرَّعُ

سَعِدْتُ فما طالَ السُّؤالُ ولا العَنا

ولكِنْ متى سَلَّمْتُ حانَ مُوَدَّعُ

فكُنْتُ أُريدُ النُّجْزَ حُسْناً ومُتْقناً

وكانوا يريدونَ الفضيلةَ تُخْلَعُ

كعادتِهمْ قاسوا الجَمالَ مغارةً

وقد قَسَموا ضَرْباً بِطَرْحٍ وجَمَّعوا

فيا أسَفاً للنُّونِ تَبْقىٰ حصيلةً

لِدَوْخاتِ عَقْلٍ في اللذاذةِ يَسْكَعُ

ولا زالَ قِسطٌ في الرِّجالِ مُواظباً

على كوْنِها أُنْثىٰ تُرامُ وتُتْبَعُ

لِنَيْلٍ بِلَيْلٍ والنَّهارُ على الضُّحى

وما زالتِ الأخلاقُ تُرْزا وتُلْسَعُ

وقُلْتُ أَمِنْ أمْنٍ لِذي عِفَّةٍ ، وهَلْ

إلى مِنْ سبيلٍ لِلْعَفافِ فَيُمْنَعُ ؟

فصِرْتُ إلى الإبْدالِ نَحْوَ تِجارةٍ

تكونُ بها الأرْزاقُ تَخْبو وتَسْطَعُ

تَجودُ المَساعي حِينَ تَلْقى إرادةً

وتَعْتَمِرُ الأَفْعالُ حِينَ يُبَدَّعُ

هُنا يَسْتبينُ الجهدُ قَدْرَ انْسيابهِ

ويأتِيكَ طِيبٌ في الحياةِ مُضَوَّعُ

جرى النَّهْرُ رقْراقاً كما كُنتُ أشْتَهي

وصِدْتُ بِأشْراكي ، كما شِئتُ يُوضَعُ

وسارتْ بِيَ الأحْوالُ في خيْرِ حالِها

إلى أنْ دهاني الحِرْصُ يَوْماً ومَطْمَعُ

وكَنْتُ أخَذْتُ الصُّوغَ عندَ بدايتي

وجادتْ بِهِ أُمِّي لِما كُنْتُ أصْنَعُ

فرُحْتُ إلى الدَّيْنِ اسْتَمالَ لَجاجتي 

وغَرَّنِيَ المَمْشىٰ يُجابُ ويُذْرَعُ

وما كانَ ربْحاً بالقليلِ كسَبْتُهُ

تَحَوَّلَ هَمّاً بالكثيرِ يُلَمَّعُ

لجأتُ إلى حيثُ المصارِف تُجْتَنىٰ

لِتَخْفيفِ دَيْنٍ والفوائدَ تُنْزَعُ

وَقالَ الذي قابلْتُ أعْمَلُ ساعِياً

وأبْذُلُ جُهْدي والْغَداةَ سأرْجِعُ

وفي اليَوْمِ مِنْ بعْدِ الذي كانَ قَبلهُ

يُهاتِفُ بالبُشرىٰ كما قال يَُزمِعُ

أُريدُكِ أنْ تأْتِي العِشاءَ فنحْتسيْ

بمَقْهى الشّذى فِنْجانَ شايٍ وأَجْمَعُ

إذا جِئْتِني ، مِنْكِ الوَثائقَ جُمْلَةً

وفي الغدِ يَأتيكِ الضَّمانُ مُوَقَّعُ

سَمعْتُ الحديثَ الدَّاءَ نَطَّتْ حُروفُهُ

كما نَطّ فوقَ الماءِ سُحْلٌ وضِفْدعُ

تذكّرْتُ أمْثالاً لهُ حِينَ تَخَفَّشوا

وكمْ قبْلُ في الأُذْنيْنِ كُنْتُ أُشَنَّعُ

” فعُدْتُ كما أبْدأْتُ والليْلُ ألْيَلٌ “

ورَوْشنْ أخو جَوْشَنْ على الطُّرْقِ قُطَّعُ

زر الذهاب إلى الأعلى