مسقط.. مدينة المآذن

حمود السيابي

حمود بن سالم السيابي

كلما ربح المسقطيون في تجارتهم زرعوا في أحواش بيوتهم نخيلاً ينجذب إليها الطير كل صيف ليقتات على الثمر.

وإنْ عَظُم الربح اشتروا مساحات بيضاء وطرَّزوها بالمآذن لتهوي إلى نداءتها الأرواح العطشى فترتوي.

وعلى عكس ما يشاع عن العواصم التي تلهيها التجارة ، وما يُلصق بمدن الموانئ الغارقة إلى أذنيها في جَمْع القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة ، فمسقط تأخذ زينتها عند كل مسجد.

ولا تخرج إلى مينائها إلا متوضئة ، حتى إذا أدركتها الصلاة شخصتْ بأبصارها نحو المآذن المسافرة في الغيم لتتخير أقربها فتخلع الدنيا عند مواضع ترك الأحذية ، ولا تسترد دنياها إلا عند الفراغ من الصلاة لتلبسها وتلبس الحذاء.

ورغم حصار الجبال والبحر لمسقط القديمة بما لا يسمح لها لتكبر فإن تلك المحدودية في المساحة لم تمنع المسقطيين من غرس المزيد من المآذن التي تمد الظل.

وزرْع الكثير من النخيل وشجر البيذام والشريش لكسر طغيان اللون الأبيض للبيوت.

هأنذا في مسقط القديمة التي جاءت “وجاء بعدها التاريخ “كما يقال ، ومع ذلك لم تتعكَّز ولا تركت السنون على الوجه الأخاديد.

ولعل النداء السماوي الذي تكرره مآذنها لخمس مرات في اليوم وراء السر في إشراقة الوجه المسقطي فهي تسبغ الوضوء لتتوارى التجاعيد.

وبقدر ما تسامت المآذن برسائل إيصال النداء الروحي ، بقدر ما غاصت عميقا في الذاكرة كأحداثيات لتحديد الدروب المعمدة بطهر الخطوات لكيلا تندرس العناوين مع هجمة التجديد.

ولتتكرس المآذن كمشاعل لذاكرة المدينة وأرشفة لحوليات الناس.

هذا مسجد الخور المنغرس تحت ظلة الجبل المتوج بالميراني وقد جاء قبل الجلالي والميراني بل وقبل قبل قبل اليعاربة.

وقد تسابقت العهود إليه وتنازعته القبائل لننسبه لأزمانها ، إلا أنه ظلَّ الأقدم من أقدمها.

والتفَتَ الإمام سلطان بن سيف اليعربي لأمر تجديده وزيادة مساحته فأضافه البعض إلى عهده رغم أن الإمام بناه على أنقاض المسجد القديم هناك.

ويوم جيئ بشهداء التحرير من نير البرتغاليين فَصِلِّيَ عليهم في صرحه استحق تسمية مسجد الشهداء ، ومع ذلك كان المسجد يؤذن للصلاة قبل الشهداء.

وزاد السيد هلال بن أحمد البوسعيدي في مساحته زمن السلطان سعيد بن سلطان فتغيرت التسمية إلى مسجد الخور لقربه من الخور.

وخضع لترميم جديد في عهد السيد تركي بن سعيد.

ورممه السلطان الخالد الذكر قابوس بن سعيد مرتين.

وقد جمع مسجد الخور بين المسجد والمدرسة.

وكان آخر من نهض بأمر التدريس فيه سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي والشيخ الربيع بن المر المزروعي.

ومن ذكرياتي فيه أن حضرتُ عقد قران سيدي البدر بن سالم حيث تولى العقد سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي بحضور الشيخ الربيع بن المر المزروعي ولفيف من طلبة مسجد الخور.

وصليتُ فيه الجمعة والعيدين خلف أبي بحضور السلطان الخالد الذكر.

وصلى فيه أبي صلاة الغائب على الشهداء في يوم النصر فأعاد ذاكرة الشهداء زمن النصر على البرتغاليين.

وصليتُ فيه خلف سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي بحضور رؤساء تحرير الصحف لنَمْثل بعد الصلاة في الحضرة السلطانية بقصر العلم لتهنئة مقامه السامي بالعيد.

وليس ببعيد عن مسجد الخور هناك مسجد الوكيل الذي يُنْسب بناؤه إلى السيد خلفان بن عبدالله بن محمد البوسعيدي سنة ١١٨٢هـ .

وكان كمسجد الخور مدرسة يستضيء طلبتها بعِلْمِ إمام البلاغة وسحر البيان الشاعر محمد بن شيخان السالمي الذي وصفه سماحة الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد العبري بالبحر في قوله:

قد كان للعلمِ بحرًا لا يفيّضهُ

غرفُ الدِّلاءِ وبدرًا غيرَ مُحتجبِ

من للبَيانِ وللقرآنِ بعدَكَ يا

نورَ الزَّمان ومن للشعرِ والخُطَبِ

أقتربُ من مسجد الوكيل لأستعيد قصائد بن شيخان في فتوحات الإمامين الرضيين الشهيد سالم بن

راشد الخروصي ومحمد بن عبدالله الخليلي.

وبمسافة لا تزيد عن عرض الشارع إلى الغرب من مسجد الوكيل تُسْتَفتح الرقعة الداخلية لمسقط بمسجد الأغبري نسبة إلى بانيه وهو أحد الصلحاء ، وقد رحل ليبقى الأثر.

ويلوذ بظل هذا المسجد ومراوحه الفارون من حر مسقط والمنتظرون للحصول على جوازات سفرهم ، فكانوا يبتهلون تحت سقفه بدعاء الفرج من الكرب وتيسير سبل السفر للحج وللتعليم وللعمل وللعلاج وللتجارة.

ويشكِّل مسجد “مِغُبْ” الواقع أسفل كوت الجلالي مدرسة ثالثة تتكامل مع مدرسة الخور ومدرسة الوكيل.

وقد زرته في يفاعة العمر برفقة سيديَّ الهلال والبدر والراحل خلفان بن علي السيابي إبان التحاقهم بمعهد مسجد الخور.

ووقفت يومها في صرحه الخارجي أحصي درجات كوت الجلالي وأتتبع “حويريات” تتقافز على سميكات لفظها الموج.

ولم يكن العمر من النضج لتتشكل مواقف من الذين يرصفون بأغلالهم في باستيل عمان الرهيب.

ولا ركزتُ على مواطن القوة والضعف في تحصينات الكوت التي اخترقها “بخشوك” وعدد من السجناء في أشهر عملية فرار من سجن باستيل عمان.

أما مسجد الزواوي فما زال بذات المئذنة الشامخة ليتحدث عن الربح الأبقى من حصائد التجارة.

وتقول الرخامة التي تزين أحد جدرانه بأن بانيه هو السيد يوسف بن أحمد الزواوي سنة ١٣٢٢هـ. الموافق لعام ١٩١٠م.

وعلى مبعدة بيتين أو ثلاثة إلى الشرق منه أمضي سيدي الوالد سنوات تكليفه كقاض بالمحكمة الشرعية بمسقط في عهد السلطان سعيد بن تيمو فأقام بجوار مسجد الزواوي ببيت حكومي بنفس السكة.

وكانت ظلة مسجد الزواوي ترتاح على جدران بيتنا كل مساء ، حاملة برودة العصر وأذان المغرب وأذان العشاء الذي يستقبل ضربة النوبة وهو بين أول ما فطنتُ إليه من معالم مسقط.

وقد أعيد تجديد مسحد الزواوي زمن السلطان الخالد الذكر قابوس بن سعيد وبتوجيه منه فتألق بنمطه المعماري المؤتلف مع محيطه الخارجي كقصر العلم وما جاوره وبذات التكسية الخارجية البيضاء.

وشملت التكسية مئذنته العالية وإنْ احتفظت بنمطها المعماري المتفرد.

أما الأسقف والأبواب والزجاج الملون لأقواس النوافذ فاستعارت بذخ القصور المسقطية ومكوناتها وألوانها.

ولطالما ترددتُ على هذا المسجد للصلاة فيه ولتنفس الجوار وعطر أبي.

وآخر زبارة لي في السادس من نوفمبر ٢٠١٨م صحبة العزيز أحمد الرحبي.

ومن الباب الصغير لسور مسقط أخرجُ وفي الواجهة جامع الحاج علي موسى الذي يطل بمئذنته المسافرة في الأفق فيحضن السور ويأتلف مع تجديدات الساحة الخارجية لقصر العلم وسارية المدرسة السعيدية.

وتفصل ست سنوات بين بناء هذا الصرح وتاريخ بناء مسجد الزواوي فتم تشييده سنة ١٣٢٨هـ. الموافق لعام ١٩١٠م.

يومها دُعِيَتْ حارات مسقط لتصلي ولتحضر وليمة الافتتاح.

وكان جامع علي موسى هو الأكبر بين مساجد وجوامع مسقط وما زال بتلك الأفضلية كونه شيد خارج السور فتحرر من ضيق المساحة. ولربما تسببت التوسعات الأخيرة لمسجد الخور في زحزحته قليلا عن المرتبة الأولى.

لكنه يبقى الأسبق في موقعه قبل أن يزدحم المشهد بالمدرسة السعيدية ، وتتزايد دكاكين سوق “برَّا” وتكبر مرافق ملعب نادي مقبول وتزحف بيوت ميابين وحلة التكية.

والمسجد يجمع بين أناقة معمار قصور مسقط وذوق وسخاء بانيه.

وظهر الجامع في التجديد الأخير بقبَّة ذهبية تضاء ليلا لتأتلف مع بذخ المكان.

لكن البعض يفضل النمط المعماري الذي كان عليه قبل التجديد.

والمسجد يتيح للمجاورين له من ساكني مسافر خانة الخروج من ضيق الغرف إلى رحابة المسجد ونظافته وأناقته وتوفر الخدمات به.

وهو المسجد الأقرب لأصحاب الدكاكين في “سوق برَّا” وللمتسوقين.

ومن ذكرياتي بهذا المسجد أن صحبتُ سيدي الخال عبدالله بن خلف الخروصي من نخل إلى “مسكد” إثر تعرض أحد أنجاله لحروق فجاء به لمستشفى ولجات بمسقط للعلاج.

وكنا نعبر المسافة من حلّة الطويان حيث ينزل الخال مع أحد المعارف إلى بيت الدختر في ولجات فتستريح تحت الشريشة الكبيرة أمام باب المسجد ، فيذهب الخال لبائع “الشربت” ليأتينا بزجاجة باردة.

وكبرنا فحضرتُ تحت سقف هذا المسجد مناسبة مبهجة للزميل الاعلامي الكبير عبدالله بن شامريد الرئيسي ، وفيه التقيت بوالده لأول مرة وبالكثير من الأحباب في مسيرة العمر.

أما آخر ذكرياتي الموجعة أمام هذا المسجد ولربما عند موضع ذات الشريشة التي اجتثت لأجل المواقف ، يوم اصطفت عمان بجوار هذا المسجد في مشهد مؤلم ، وكنت في المشهد مع بعض إخوتي وأنجالي ننتظر دورنا للتفويج ودخول قصر العلم لتقديم واجب العزاء في رحيل الخالد الذكر قابوس طيب الله ثراه.

أما مسجد نصيب خان بهادر فهو ضمن نفائس مسقط وجواهرها ، وقد فركت حلة المدبغة عينيها ذات فجر من مطلع القرن العشرين على أذان يُرْفَع من مئذنة المسجد الجديد لنصيب الخان.

وقد تفرد هذا المسجد بأن مُدَّتْ إليه أنابيب المياه من حلة الطويان فغطت احتياجاته واحتياجات بيت الباغ المجاور حيث يقيم الخان دونما حاجة لمياه الآبار كبقية المساجد.

وتصادف أن حضرتُ فيه مناسبة مبهجة أخرى للزميل عبدالله بن شامريد الرئيسي نجم المدبغة وعنوان حيويتها.

وشاءت الصدف أن أجلس ببن سنطوانتين وبجواري الزميل الإعلامي أنيس بن عيسى الزدجالي رئيس تحرير جريدة الشبية شفاه الله والذي جمعتني به قبل ذلك مناسبة حضور إطفاء آخر بئر نفط اشعلتها حروب غزو الكويت.

ولعل في حضورنا المناسبة بمسجد نصيب خان بوادر لنُذُر غزوة أخرى لكنها مختلفة هذه المرة ، فهي غزوة قلوب لعائلة شامريد وأصهاره ، ونذر إطفاء حرائق جديدة ، ولكنها حرائق شوق هذه المرة.

ويتوسط مسجد نصيب خان بهادر حزمة مساجد متجاورة ، فإلى الشمال عند باب المثاعيب تكاملت صرامة حجارة السور بمبنى مسجد جديد يطل على مقبرة سفح الجبل الممتد إلى حارة العور

وإلى ذاك السفح كان يأتي الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد العبري ليمارس الرياضة الصباحية.

وبين شواهد ضجعاء ذات السفح يرقد في قنطرة الآخرة والد سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي.

أما جهة الجنوب من مسجد نصيب خان حيث بيت السيد حمد بن حمود البوسعيدي فتطل مئذنة مسجد بلافتة أعدت قراءتها مرارا لغرابة الاسم ، وتتحدث عن مسجد باسم “مسجد الدوبيبن” وقد جدد بناؤه الشيخ محمد بن الزبير.

والمسجد المذكور يلتصق ببيت الوادي وضمن مجمع بيوت الزبير في حلة الدلاليل وقد أقيم على أنقاض مسجد قديم.

ولربما يكون ذات المسجد أو بجواره في الحلة أو بجوار بيت الشيخ العلامة إبراهيم العبري خلف الجدار الغربي للمدرسة السعيدية حضرت ذات طفولة مناسبة مسقطية لإحياء ليلة المولد النبوي الشريف.

وهناك استطعمتُ لأول مرة ما نسميه ب”سُكَّر الأقلام”أو بلُّورات سكَّر النبات التي تقدم ضمن ضيافة المناسبة المجللة بأعواد الريحان.

وما زلنا في نفس المكان وخلف صالة بيت مزنة المنفتحة على ساحة الباب الغربي لمسجد نصيب خان يحنو شجر الشريش على مسجد أنيق ، وتتوسط فناءه الخارجي نخلة يتيمة شوَّهها حارس المسجد بأنْ مدَّ حبل غسيل مثقل بالكثير من البنطلونات.

وباجتياز الشارع الموصول بحلة المدبغة تطل قبَّة تؤذن كل ظهيرة فيخرخش التاجر شامريد بن محمود الرئيسي “شكالة” مفاتيحه ويغلق الدكان ليصلي ومنه إلى البيت لصحن الغداء.

وإلى جنوب غرب مسجد المدبغة هناك حلة البصرة بمسجدها الذي يحمل نفس الاسم ، وقد جئته في ضجيج من روائح البيذام لشجرة ألقت ما بها من ثمر على الأرض ، ربما بفعل الريح أو الرطوبة ، وفي الحالتين كانت الرائحة أخاذة.

وخلف حلة البصرة هناك حلة الجفينة وهي مستفتح مدينة مسقط من جهة عقبة ريام فتطل بمئذنة مسجدها الشامخ.

ومن البصرة والدلاليل جنوبا إلى حلة الطويان حيث “العيُّود” وأنين الزاحرة والطويان المسكونة بلهاث الثيران وهي تنزل من الخب وتصعد لرفع قربة كبيرة من الماء ، فأبدأ بمئذنة على شكل مركبة فضائية تصعد للأفق من مسجد يتوسط الفراغ بين مقر أمانة مجلس الوزراء والمقر القديم لجهاز الرقابة.

وقد صليتُ فيه عدة مرات لدى ترددي على المكان. .

وأتعمق أكثر في حلة الطويان لأتوقف عند مئذنة صغيرة لمسجد التقوى وهو بالقرب من بقايا خب لطوي ما زالت عذبة.

وما زالت تسقي الشجر وإن تحشرجت الزيجرة ومات الزاجر ونفق الثور.

وعند الجدار الشرقي للتقوى أمضى سيدي الخال سليمان بن خلف الخروصي ردحا من العمر في بيت بالإيجار ما زال مكانه وعلى حالته الأولى.

ولطالما مشيتُ من حلة العريانة بمطرح عبر عقبة ريام وألقيت عصاي واستقر بي النوى هنا في بيت الخال.

وإلى جنوب شرق مسجد التقوى حيث تنتهي أطراف حلة الطويان تبدأ حلة الراوية بجامع الراوية.

والحلة هي مرابع طفولة الروائية الكبيرة بشرى خلفان.

ويتربع جامع الراوية على مرتقى جبلي صغير فترتقي معه الحلة بقلوبها الطيبة ونفوسها الزكية وبنخيلها وبشجر الشريش والسدر والبيذام.

وتنتشر بحلة الراوية وحلة الشيخ وأجزاء من الطويان الكثير من بيوت السعف والعرشان في الماضي.

وهنا نشأ “دلشاد بشرى” وقد أقسمت أمُّه بأنه ولد وهو يضحك.

وأرجع حزينا من المقابر المنتشرة هناك فأديمها يحتضن العديد من الأحبة الذين تركوا وشمهم على الأكباد.

وأطالع عدة مآذن بحلة الشيخ ، وأتوقف عند إحداها وقد توجت بقبة خضراء.

وأقترب من حلة مسقطية شهيرة تدعى “ميابين” وهي على يمين القادم لمسقط عبر الطريق البحري فتستقبل زوارها بمسجد صغير يقف على ناصية مدخل الحلة وبالتحديد على يمين مواقف المتحف الوطني.

وتتميز نوافذه بزجاجها الأخضر وبمئذنته الجميلة.

ويلتصق المسجد قديما ببيت للشيخ العلامة إبراهيم سيف الكندي قبل أن ينتقل الشيخ لعدة أمتار جنوبا فيبني بيته الجديد بنفس الحلة.

وبجوار هذا المسجد إلى الشرق كان الشيخ العلامة خلفان بن جميل السيابي يقيم ببيت صغير هناك إبان تردده على مسقط لمراجعة بعض الأمور مع الحكومة.

وجئتُ هذا المسجد أواخر ديسمبر عام ٢٠١٩ صحبة الشيخين العزيزين الأثيل النعماني وأحمد الرحبي حيث صلينا الظهرين في ختام تطواف معمق لنا بأقسام وكنوز المتحف الوطني.

ويشمخ بنفس الحلة جامع ميابين وهو ضمن نفائس مسقط أيضا ، وقد عمرته أيادي المنفقين بسخاء قربة لله.

وقد دخلت المجلس المرفق بجامع ميابين ذات حزن لتقديم واجب العزاء للزميل الإعلامي الشيخ سيف بن ناصر الخروصي في وفاة أخيه ، حيث كانت ميابين مهوى للعديد من بني خروص.

والمؤلم أن الشيخ سيف نفسه قد رحل بعد ذلك بفترة فتعاظمت الأحزان.

وليس ببعيد من جامع ميابين تطل مئذنة ثالثة جنوب البيت الجديد للشيخ العلامة إبراهيم بن سيف الكندي فتسجد جباه أهالي العوابي ونخل لله وحده فتسترد شموخها المستحق بعد باب المسجد.

وإلى الشرق من حلة ميابين يزدان الأفق المسقطي بقبة أشبه بقبة مسجد الزلفى بالسيب وبذات الألوان الخضراء المخططة بالذهبي سواء للقبة الكبيرة للمسجد أو للقبة الصغيرة التي تنتهي بها المئذنة.

ويحمل المسجد اسم “مسجد حلة التكية” وهو أول مسجد تقع عليه عين الداخل لمسقط من عقبة سداب فتتوالى بعدها مسقط فيكون المتحف الوطني على اليسار ومبنى وزارة المالية على اليمين ولينغلق المشهد ببذخ وهيبة واجهة قصر العلم العامر.

وما دمنا في سياق المساجد فإن مئذنة أخرى تحملنا بأذاناتها مشفوعة بالصلاة على محمد وآل محمد عند الباب الخلفي للمدرسة السعيدية وهي ضمن حارة اندرست تحت تجديد مسقط وتأهيل المساحات الخارجية لقصر العلم العامر وطريق المواكب السلطانية إلى القصر العامر ، ليبقى المسجد ومأتم هشام بنت هاشم الموسوي وقاعة الكوثر ، فخصعت الأماكن الثلاثة لأعمال التجديد بما يناسب وبهاء المكان.

ولا شك أن هذه مجرد أمثلة لمآذن الرقعة الصغيرة من الأرض في المدينة التاريخية التي لم تشغلها التجارة عن إعمار بيوت الله سواء بالذكر وهو الأهم ، أو بالبناء وهو الذي يعبر عن سخاء النفوس.

وإذا كانت هذه بعض الذكريات العابرة التي لا تستحق الذكر ، ومع ذلك دونتها محبة لمسقط وأهلها فإن لغيري مع مساجدها ما يجب أن يذكر ويوثق محبة لمسقط ووفاء لأمسها.

وفيما أنهي تطوافي كانت مسقط تقف لتؤذن من أكثر من مسجد معاً.

وستظل تؤذن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى