الإمارات “الذكية” تنافس نفسها
سعيد بن مسعود المعشني
مرت فترة ليست بالبسيطة لم أطلع فيها على قرار أو قانون أو إجراء خليجي منفرد او مشترك أكثر ذكاء من القرار الأخير لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة الممهور بمرسوم رئاسي اتحادي لرئيس الدولة. المرسوم بقانون، موضع الحديث، به من المباشرة والاختصار ما يصله مباشرة بقلب وعقل ووجدان من يقرأه، رغم أنه لم يتجاوز من حيث الحجم الصفحة الواحدة بمواد ثلاث لا رابعة لهم.القانون يرتكز على مادة رئيسة تنص على مساواة المواطن الخليجي بالإماراتي في ممارسة الأعمال التجارية والمهنية.أما تطبيقاته فستمتد إلى ثلاث قضايا رئيسية هي هدف المشرع من القانون وتشمل ما يلي:اولا: مساواة الخليجي مع شقيقه الاماراتي في التوظيف في القطاعين العام والخاص مع إمكانية وضع ضوابط خاصة لبعض المهن. وهذا أمر طبيعي ومقبول. والثانية؛ اخضاع المواطن الخليجي لنفس الشروط والمزايا والمنافع التي يحصل عليها المواطن الاماراتي في ممارسة الأنشطة التجارية والاقتصادية والمهنية.أما الثالثة، والأهم، فهي: تساوي الخليجي مع الاماراتي من حيث الالتحاق بفرص التعليم والحصول على خدمات الطبابة في المنشآت التابعة للدولة.النتيجة المباشرة لهذا القانون، غير المسبوق، في دول المجلس يتوقع أن تشهد الإمارات نزوحا لكتل سكانية كبيرة من أبناء الدول الخليجية الأخرى الذين يجدون صعوبة في الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم وخبراتهم العملية. مما يعني ضخ دماء فتية جديدة ومؤهلة في سوق العمل كانت الدولة تستعيض عن نقصها محليا باستقدام جنسيات أخرى من مختلف دول العالم. الأمر الثاني المتوقع من دخول هذا القانون “الذكي” حيز التنفيذ هو انتقال رساميل وشركات وأعمال ومصانع قائمة، أو في طور الانشاء، من الدول الخليجية المجاورة إلى الإمارات السبع نتيجة لوجود بنية تحتية متطورة ومتكاملة وفرتها الدولة مما يسهل القيام بممارسة الأعمال التجارية والمهنية في بيئة أعمال متطورة، وآمنة، ومرنة، وديناميكية تعتبر الأكثر تقدما ونموا بين دول المنطقة بشهادة الجميع.لدولة الإمارات كذلك مزايا جاذبة تشجع المستثمر الخليجي على الانتقال إليها نتيجة وجود بيئة استثمارية تنافسية من ناحية تقديمها تخفيضات وإعفاءات ضريبية مدروسة، إلى جانب عدم إعلانها عن النية في تشريع وتطبيق ضريبة الدخل على الأفراد أو الثروات التي بدأ الحديث عنها همسا أو علانية في عدد من دول المنطقة.يجتمع كل ذلك مع موقع استراتيجي جاذب للدولة واتفاقات تجارية ثنائية موقعة مع دول عديدة تشهد أسواقها نموا مطردا.يضاف الى كل ذلك، ارتفاع في عدد السكان وأرقام مهولة من حيث أعداد السياح الذين أصبحت الإمارات وجهتهم الرئيسية المفضلة لقضاء إجازاتهم السنوية سواء كان الأمر للاستجمام أو التسوق. يعزز ذلك كله ارتفاع ملحوظ في مداخيل الأفراد، الأمر الذي ينعكس بدوره على النشاط الاقتصادي والتجاري وممارسة الأعمال المهنية.الفائدة الأخرى الأهم، في رأيي، المتوخاة من هذا القانون الجديد، والتي هي بيت القصيد، ما يمكن أن يحدثه هذا التشريع الجديد من حلول لمعالجة الاختلال في التركيبة السكانية للدولة. وقد اهتدى “الأذكياء” في “الدولة الذكية” إلى حل بسيط، غير معقد، ولا يكلفهم فلسا واحدا يعتمد على استقطاب ثروات بشرية ومالية من كيس أبناء عمومتهم في دول مجلس التعاون الذين يتشاركون معهم في نفس العادات والتقاليد والأعراف، الأمر الذي سيسهل على هؤلاء الاندماج سريعا مع أشقائهم من المواطنين الإماراتيين دون عناء يذكر…نقول لحكومات بقية دول المجلس افيقوا قليلا وتعلموا من الإمارات فهي، بحق، تنافس نفسها.