تساؤلات مشروعة لمعالي الوزير

  • سعيد بن مسعود المعشني

عندما يقف وزير المالية، معالي سلطان الحبسي، ويعلن بملء شدقيه أن 1% من المواطنين هم المستهدفون بضريبة الدخل، فليس لنا إلا أن نصدق معاليه. عندما يقول معاليه إنه لا قرار بعد بتوقيت تطبيق الضريبة، فليس لنا إلا أن نصدق معاليه. عندما يقول معاليه إن هناك دراسات وافية وشاملة أُجريت للتأثيرات المحتملة لتطبيق القانون على الاقتصاد العماني في حال مضي الحكومة قدمًا في تطبيق القانون، هنا يجب أن نتوقف لنسأل معاليه عن هذه التأثيرات: ما هي؟ وهل الحكومة مستعدة لها بالشكل الذي يقلّص السلبيات ويعظّم الفوائد أم لا؟
لغرض الجدل فقط، أقول إن معاليه لم يتكرّم بشرح أي سبب مقنع لتطبيق القانون قيد التشريع. فعندما حضر معاليه إلى مجلس الدولة وتم سؤاله عن الأسباب الموجبة التي تدفع الحكومة لتطبيق هذا النظام الضريبي، كان جوابه الوحيد أن هناك تهربًا ضريبيًا من قبل بعض أصحاب الشركات والمؤسسات من ضريبة الأرباح. وقد كرر معاليه الإجابة نفسها في مؤتمره الصحفي الأخير. فهل علاج معاليه لمشكلة التهرب الضريبي، إن وُجدت، يكون بمعاقبة جميع المواطنين على حد سواء؟!
التهرب الضريبي جريمة توجب معاقبة المجرم، وليس الجميع.
معالجة التهرب الضريبي تكون بتأهيل كوادر وطنية تقوم على ضمان التزام الخاضعين للضريبة بالقانون. وهذا لن يكون ممكنًا دون خروج موظفي الجهاز من مكاتبهم إلى الميدان وتطبيقهم الفحص العشوائي، والتدقيق على الشركات والمؤسسات جميعها بشكل دوري، ومعاقبة من يخالف القانون مهما كانت خلفيته الاجتماعية أو موقعه الوظيفي صعودًا أو نزولًا. معالجة نقص الكادر الوظيفي المتخصص في الجهاز لا تكون باستدعاء مشكلة أكبر.
عندما يعتبر معاليه أن من دخله 30 ألف ريال في السنة يعتبر ثريًا، فهناك خلل في منهجية التوصيف.
عندما يعتبر معاليه أن الحكومة أحالت القانون إلى مجلس عمان دون وجود قرار بموعد تنفيذه، فهناك خلل في السياسة المالية. فليس من الحصافة في شيء أن يُتخذ قرار بإحالة قانون إلى مجلس عمان لاستكمال الدورة التشريعية اللازمة في حين أن موعد إنفاذه لم يُتخذ بعد. أليس هذا إرباكًا للمشهد الاقتصادي في البلاد؟ أليس هذا تخويفًا للمستثمرين المحتملين؟!
وللذين يعتقدون، جهلًا، أن هذا القانون لن يشمل إلا الأغنياء في حال تنفيذه، أبشركم أن الأثرياء أذكى منا جميعًا. فحياتهم ومستوى معيشتهم لن يتأثرا سلبًا بدفع الـ 5% التي ذكرها الوزير. ففي النهاية، لديهم ما يكفي لدفعها وزيادة. المتضرر الحقيقي هو أنا وأنت وغلابة الطبقة المتوسطة الذين لا يمتلكون إلا رواتبهم التي تعرفها الحكومة جيدًا، أما الأغنياء، فبنوك المنطقة والعالم ترحب بأرصدتهم واستثماراتهم في ظل نظام مالي ليبرالي مفتوح لا يقيّد تحويل المال دخولًا أو خروجًا. يكفي أن تعلم أن أي ثري يستطيع تحمل تكلفة الإقامة خارج عمان لمدة ستة أشهر في العام يُعفيه مشروع القانون من دفع الضريبة المزعومة. يستطيع أي ثري تقليص أعماله ونشاطه التجاري في السلطنة ونقلها إلى بلاد ومدن تستقبله بأيدٍ وعقول مفتوحة، وفرص واعدة، وحوافز مجزية.
عندما يغلق الثري في هذا البلد مصنعه أو متجره ويخفض نشاطه في البلاد، فالمتضرر الحقيقي هو الاقتصاد الوطني، وبدرجة أكبر الموظف العماني الذي سيذهب إلى بيته ليبدأ البحث عن وظيفة في ظل وفرة الباحثين عن عمل وقلة الفرص المعروضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى