“سياح لكن متعففون”

  • سعيد بن مسعود المعشني

توقفتُ كثيرًا عند خبرٍ منقولٍ عن رفض مجموعةٍ من السياح دفع رسومٍ مستحدثة لدخول بعض المعالم السياحية المعروفة.
الخبر، إن صحَّ، والعهدة على الراوي، هو بالتأكيد خبرٌ محزنٌ يستدعي التوقف عنده، والتفكير فيه، والتعليق عليه.
عندما يرفض سائحٌ دفع مبلغٍ زهيدٍ قيمته عشرة ريالاتٍ لزيارة قلعةٍ تاريخيةٍ بحجم قلعة الميراني، أو دفع ثمانية ريالاتٍ لدخول معلمٍ حضاريٍ كالجامع الأكبر، فنحن أمام معضلةٍ ينبغي الالتفات لها، وتحليلها، واستخلاص الأسباب التي تقف خلفها، لغرض المعالجة ليس إلا.
هذا الرفض هو مؤشرٌ لي كمتابعٍ أن سياحنا المستهدفين هم فعلاً من النوع الرخيص، والرخيص جدًا.
ابحثوا، وستجدون كلامي حقيقةً حتى دون أن أعرف إلى أيِّ جغرافيا ينتمي هؤلاء القوم.
لو وجد أيُّ سائحٍ محترمٍ معلمًا حضاريًا كالتي ذكرت، يستدعي دخوله دفع عشرة ريالاتٍ أو أكثر، لدفع وهو يبتسم، لكننا في عمان فتحنا أذرعنا للنطيحة والمتردية وما أكل السبع، ومن شاكلهم.
عندما يأتي مثل هؤلاء إلى بلدٍ يزخر بإرثٍ تاريخيٍ وحضاريٍ بقيمة سلطنة عمان، ويتشرطون أن يسرحوا ويمرحوا من شمالها إلى جنوبها دون أن يتكلفوا بيسةً زيادةً على تلك التي دفعوها لمكاتب سفرهم، فاعرفوا أننا أرخصنا بضاعتنا إلى درجةٍ لا تكاد تُغتفر.
أتذكر مرةً أن أحد الأعزاء أخبرني أن سعر أحد المنتجعات، التي نحلم نحن العمانيين بالمبيت حتى في حوش سورها العامر، يُبيع لهؤلاء الغرف بسعرٍ متدنٍّ جدًا أستحي حتى من ذكره. لماذا؟ لأن المستثمر يعوِّض من جيوبنا نحن المواطنين، الذين ندفع ونحن صاغرون.
الشعب العماني “المحترم” منكوبٌ بمثل هؤلاء المستثمرين، مواطنين كانوا أو أجانب، الذين لا يسترجلون إلا علينا نحن الغلابة، الذين لا نجد من يدافع عنّا أو يحمينا من جشعهم.
فإذا سمعتم بإعفاءٍ أو تخفيض رسم الدخول “لضيوف الوطن” الأكارم من مثل سياح المجموعتين التي ذكرنا، فاعرفوا أن التعويض سيكون من جيوبكم أنتم.
خوفي الأكبر أنه إذا تابعنا نهجنا الحالي في اختيار الأسواق المستهدفة، مع استمرارية قدوم نفس الفئات “الجلدة”، أننا قد نضطر أن ضمهم إلى أحد برامجنا الوطنية لدعم الأسر المتعففة أو محدودي الدخل فهم بحاجة لها أكثر منهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى