الجرح الدامي

سعيد بن مسعود المعشني
يُذبَح أبناء غزة على مرأى ومسمع من العالم، ولا يحرك أحدٌ ساكنًا. ليس لأن أحدًا لا يرى مقدار الظلم والتعدي الواقع عليهم نتيجة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن لأن الصهاينة اشتروا مسبقًا القوى الفاعلة في العالم، وأغروهم بالمال والسلطة، أو بكليهما. فإذا فشلوا في تحقيق المراد بالإذعان الكامل والتام، يكون القتل والتصفية آخر الحلول، وأولها في كثير من الحالات.
كل من ترونه متربعًا على زعامة أو عرش سلطة واقعٌ تحت تأثير أحد الأمرين، لا شك في ذلك. أما الذين قالوا “لا” علانيةً، أو قاموا بفعل مضاد، فقد غادروا الدنيا أو هم في الطريق إلى ذلك.
تخيّلوا معي المفاوض العربي الوسيط، الذي يجلس يوميًا قبالة الفلسطيني المعتدَى عليه، محاولًا إقناعه أو بيعه فكرة أن هناك رغبة أمريكية أو إسرائيلية في سلام عادل! من يستطيع بعد اليوم أن يبيع للفلسطينيين والعرب وهمَ وجود خيار للسلام في المنطقة؟!
كل ما هو معروض أمام الفلسطيني اليوم هو الاستسلام الكامل، وأن يسلّموا رقابهم إلى الإسرائيلي والأمريكي ليحكما فيهم ما شاءا، أو أن يمضوا في هذه المعركة غير المتكافئة، التي لا يجدون فيها دعمًا أو مساندةً من أخٍ أو صديق، بعد أن سكتت مدافع حزب الله، ونُكِّل به في لبنان، وخَبَت مظاهر الاعتراض الإيراني، وتوقفت مناوشات الحشد الشعبي في العراق، ولم يبقَ إلا اليمن الحوثي يقاتل، وقد تكالب عليه القوم ووحّدوا بنادقهم ضده.
المخرج من كل هذا لا يمكن أن يكون إلا بإحداث ضغط عربي جماعي، يسمع في واشنطن وتنقله بدورها إلى تل أبيب، حتى ترضخ لصوت العقل والمنطق. إن لم يحدث ذلك فإن ترحيل الفلسطينين سيكون آخر همومنا.





