عُمان؛ ثبات النهج والسياسة

- سعيد بن مسعود المعشني
هناك من يحاول وضع عُمان في خانةٍ ضيقة الأفق، لا يقبلها العقل، ولا المنطق، ولا سياق التاريخ، وهو أمر يستدعي الاهتمام والالتفات إليه، واليقظة التامة تجاهه، والتحرز الكامل منه. فنحن، لمن لا يعرف أو لا يريد أن يعرف، دولة محايدة، إلا فيما يتعلق بالتزاماتها التي وقّعت عليها وارتضت أن تكون طرفًا فيها بقرارها الوطني المستقل.
نحن دولة لا تعمل مع معسكرٍ ضد آخر، ولا تؤمن أو تمارس سياسة المحاور. تاريخنا وإرثنا السياسي والأخلاقي يرفضان الدخول في مغامرات طائشة ومجربة لا تجلب إلا الخراب والدمار. فعُمان — والحديث للذين يجهلون — ليست في محور إيران، كما يريد البعض تصنيفها جهلًا وزورًا، وكذلك ليست في محور أمريكا وإسرائيل وما تخططان له لمستقبل المنطقة.
سياستُنا كانت ولا تزال تؤكد أننا دولة سلام وحوار. نحن لا نملك ترف القدرة على معاداة أمريكا، كما أننا لسنا في وارد مجاراة محور “الممانعة” والسير في مشاريعه. ببساطة، نحن دولة محدودة القدرات والإمكانات، منفتحة على الجميع. وأي شيء خلاف ذلك هو نوعٌ من المغامرة التي لا نملك أدواتها، ولا القدرة أو الرغبة في خوضها.
نعم، هناك توجّه شعبي جارف لدعم الفلسطينيين وقضيتهم المحقة العادلة، ولكننا لسنا فلسطينيين أكثر من أصحاب القضية أنفسهم.
نعم، نحن مع السلام في اليمن، ولكننا، في الوقت ذاته، لا يمكننا فرض سلامٍ على شعبٍ أدمن الحرب وأصبح يعتاش منها ولأجلها. اليمنيون أدرى بشؤونهم، وما نملكه ونقدمه لليمن هو رغبتنا ودعواتنا الصادقة في أن يتفق اليمنيون ويعمّ السلام في دولتهم التي يأكلها الفقر والمرض والجهل.
نُعيد ونكرر موقفنا للمرة المليون: نحن دولة تسعى إلى السلام، تؤمن بحسن الجوار، ومن أرسخ مبادئها الثابتة التي لا تتغير ولا تتحول، الإيمان بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة كانت، وأن الحوار هو الطريق الوحيد لحل أي مشكلة.
اسألوا التاريخ، سيعطيكم الإجابة. هكذا كنا في السابق، وهكذا نحن الآن. ومن يقول بغير ذلك لا يعبّر عن سياستنا أو موقفنا الرسمي أو الشعبي.