لماذا فشل الإنقلاب الصليبي؟

(والجولة الثالثة من الحرب القادمة)

بقلم : د حسن الموسوي

عندما تعيش الحدث
عندما تعيس الحدث في ظل شعب من الشعوب تعرف حينها تفاصيل ذلك الشعب صغيرها وكبيرها ، وإيران هي موضوع الحدث الذي عشت فيه بين نظامين : نظام ملك الملوك والنظام الإسلامي الجمهوري . فالأول كان نظام الحكم إستبدادياً ، ديكتاتورياً ، كان وجوده ووظيفته تقويض الإسلام من جذوره في إيران لتكون السلطة أتاتوركية المزاج ، وبالدعم المباشر من القوى الكبرى أو تحديداً الصليبية في العصر الحاضر . لذا كانت الثورة الجماهيرية العارمة ضد الديكتاتور وسقوط التخت البهلوي في ١٩٧٩ .

لماذا فشل الإنقلاب ؟
إن الساسة المستشارين المضادة للثورة الإسلامية والخبراء الإستراتيجيين والاقتصاديين في الداخل والخارج منهم ، كانوا هم السبب في تقديم الصورة السيئة عن الواقع المغاير داخل المجتمع الإيراني : الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، الذين حاولوا تقديم تقارير إستخباراتية نرجسية عن الظروف الموضوعية والذاتية السلبية حسب وجهة نظرهم ، كانت التقارير مغايرة بعيدة عن الواقع وكأن الشعب الإيراني يعيش فقراً مدقعاً ، صحيح توجد فئات من المجتمع التي تعاني الفقر والبطالة ، وهذا الأمر لا مناص منه وموجود في كل المجتمعات وليس فقط هنا . خاصة أن سكان الجمهورية الإسلامية اليوم تجاوز التسعين مليوناً ، بينما في زمن ملك الملوك كان اجمالي السكان ٢٦ مليوناً وفي حينها كان الفقر منتشرا بصورة ظاهرة أكثر مما هو عليه اليوم ، والخدمات كانت محدودة تختصر على المدن الكبرى ، والتعليم كان في الغالب نصيب الأسد منها للمدن الكبرى مثل طهران وأصفهان وشيراز وتبريز ومشهد .
لم يكن يتخيل لا ترامب ولا المدلل ب ب أن المقاومة ستكون قوية إلى هذه الدرجة والتي كسرت شوكتهم وأذلت هيبتهم . وإتضحت الحقيقة المرّة لهما بعد أن دفعا الثمن غالياً . ما كان أمام الهزيمة والخسائر هذه إلاّ التهليل لإنحازاتهم التي لم يتحقق في الواقع منها شيء .

الجولة الثالثة من الحرب
إنتهت الجولة الأولى بتدخل الكيان والبدء بالعملية الإنقلابية ؛ وتلتها الثانية بدخول أميركا بشكل مباشر .
وتم في هذه المرحلتين دحرهم في الجبهات وإلحاق الخراب بمدنهم ، لم يكن أمامهم سوى الذهاب إلى هدنة أو وقف إطلاق التار . هي إستراحة مؤقتة تلتقط اللقيطة فيها الآن الأنفاس وتجهز مع الداعمين لها لحرب ضروس أخرى قادمة ، وأظن أنهم لن يتحركوا في شهر محرم وإلى العشرين من صفر ، لأن ذلك سوف يكون عليهم وبالاً شديداً سديداً .
في الجولة الثالثة من الحرب التي سوف تستغرق وقتا أطول من الجولة الأولى والثانية ، والتي نحن اليوم في إنتظارها : أولاً – يقوم الأعداء للإعداد والتنظيم للتجهيز الجيد لها ، وثانيا – أخذ الشرعية من المنظمة العميلة لذلك ، والأهم ثالثاً – تنقضي بعد كل هذا العمل أيام من محرم وصفر التي لها قداسة كبيرة عند الشيعة وتكون قواتهم بعد ذلك في حالة حرب جاهزة .

صمود الجمهورية الإسلامية
لكن سيكون نصيبهم في هذه الجولة الفشل مثل الأولى والثانية ، وإن تكالبوا عليها بعدد أكبر وعدّة أشد دماراً وخرابا ، وعندما تصبح أمانيهم في مهب الهوى ، لن يبق لهم إلاّ الإحتمال الرابع والأخير وهو الحرب النووية وستكون هذه نهاية وجودهم في المنطقة رغم الخراب والدمار الكبيرين الذي سيلحق بالمنطقة ككل …..

الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
١٧٣ – آل عمران

د حسن الموسوي
٢ محرم ١٤٤٧
٢٨ يونيو ٢٠٢٥

زر الذهاب إلى الأعلى