“مجاز لوني” لسعيد حدادين.. نوافذ مفتوحة على المشاعر الإنسانية

عمّان – 4 أغسطس /العُمانية/يشكّل معرض “مجاز لوني” للفنان التشكيلي الأردني الرائد سعيد حدادين تجربة تأملية عميقة في مسيرته الفنية الممتدة لأكثر من نصف قرن، يقدّم من خلالها لوحات تُحاكي المشاعر الإنسانية وتُجسدها بألوان مكثفة وتكوينات رمزية.

ويحتضن غاليري “فن وشاي” في عمّان هذا المعرض الذي يبرز غنى تجربة حدادين، من خلال تنوع أساليبه وطبقات الألوان التجريدية التي تعبّر عن طيف واسع من الأحاسيس. ويحتل حضور المرأة مكانة خاصة في أعماله، حيث تظهر كمُجسّد للجمال والحرية والخصب، وتتماهى مع عناصر الطبيعة كالأرض والشجر والسماء، في لغة بصرية تُجسّد تلاحم الإنسان مع محيطه.

وفي لوحاته التي تتناول ملامح الوجه، ينزع حدادين إلى التعبير الرمزي أكثر من الواقعية، حيث تفيض الوجوه من ذاكرته لا كما هي، بل كما يشعر بها، من خلال اختزال بصري يقترب من التشويه المقصود والسرد التعبيري المليء بالألوان الحارّة.

يقول الفنان عن تجربته:
“اللوحات لا تُعلّق على الجدران، بل تُفتح كنوافذ على الداخل.. اللون مجاز، والخطّ انفعال متجسّد. كل عمل هو دعوة للتأمل.”

ويعتمد حدادين على تبسيط الأشكال وتكثيفها بصريًّا، مع مراعاة التكوين الدرامي للعناصر داخل اللوحة، لتتحول الخطوط إلى ما يشبه كتابة بصرية للعقل والعاطفة، وتهدف كل لوحة إلى دفع المتلقي نحو حالة من الصمت الداخلي والتفاعل الشعوري.

ومن الناحية اللونية، يبرز اللون الأزرق في أعماله، خصوصًا تلك التي تتناول المرأة، باعتباره رمزًا للهدوء والتأمل والعمق العاطفي، وقد يحمل أحيانًا دلالات الحزن أو الذكرى والانكسار. وتتمازج درجات الأزرق البارد أحيانًا مع الأحمر والبني والأخضر، ما يمنح اللوحة توازنًا بصريًا يكشف عن الحالة النفسية للشخصية المرسومة.

وفي عدد من اللوحات، يعمد حدادين إلى استخدام لون واحد أو طيف لوني محدود، ليُكثّف التعبير الانفعالي، خاصة في الأعمال التي تحمل طابعًا كاريكاتوريًّا، حيث تبدو كما لو أنها رُسمت بضربة فرشاة واحدة، أو بلمسة فنان متمرّس خبر اللون والشكل عبر عقود من الممارسة.

ويستمر المعرض حتى نهاية أغسطس الجاري، كفرصة لجمهور الفن للتواصل مع تجربة فنية تعانق الداخل الإنساني، وتُحوّل اللوحة إلى مساحة للتأمل والتفاعل الشعوري.

زر الذهاب إلى الأعلى