قرية أم القطين.. معلم أثري يروي تاريخ الحضارات في البادية الأردنية

عمّان في 18 أغسطس /العُمانية/ تُعدّ قرية أم القطين الواقعة في قلب البادية الأردنية، من أبرز المواقع الأثرية التي توثّق مراحل متعددة من التاريخ الإنساني، حيث تعكس معالمها المعمارية تعاقب الحضارات النبطية والرومانية والبيزنطية والإسلامية على المنطقة عبر قرون.

وتقع القرية في محافظة المفرق شمال شرق العاصمة عمّان، وتمتاز بطبيعتها السهلية وشبه الصحراوية، ما جعلها نقطة التقاء بين البادية والسهول الزراعية، وموقعًا استراتيجيًا على طرق التجارة القديمة، حيث شكّلت محطة للقوافل واستراحة للمسافرين، ولا تزال مأهولة بالسكان الذين حافظوا على طابعها التراثي.

تشير الدراسات إلى أن أم القطين شهدت أقدم أشكال الاستيطان البشري خلال العصور الكلاسيكية الأولى، وتوسّع هذا الاستيطان بشكل ملحوظ خلال العصر الروماني، إذ أصبحت جزءًا من شبكة المحطات الزراعية والتجارية المرتبطة بمدينة حلف الديكابوليس.

وخلال العصر البيزنطي، شُيدت في القرية كنائس وأديرة، كما أنشئت خزانات مائية وقنوات محفورة في الصخر لري المحاصيل الزراعية، فيما يُلاحظ استخدام البازلت الأسود في البناء، إلى جانب أرضيات فسيفسائية بسيطة تحمل رسومات مستوحاة من البيئة المحلية.

وتكشف بعض الأبنية عن امتداد النفوذ النبطي في المنطقة، مثل “بيت الأنباط” المنحوت في الصخر بأسلوب معماري هندسي يعكس براعة سكان المنطقة في تطويع الحجر، بينما استمر الاستيطان خلال الدولة الإسلامية، حيث أُعيد استخدام بعض المباني القديمة للسكن، وأُنشئت مساجد بسيطة تعكس الطراز الإسلامي المبكر.

ويلاحظ الزائر اليوم وجود مقابر صخرية بأقواس حجرية وزخارف بدائية على أطراف القرية، إضافة إلى آثار المعاصر الحجرية المستخدمة لعصر الزيتون والعنب، ما يعكس الطابع الزراعي للمنطقة.

وتُعدّ قرية أم القطين من المواقع الأثرية التي لا تزال بحاجة إلى مزيد من الاستكشاف والتوثيق، لما تحتويه من إرث تراثي ومعماري يعكس تداخل الحضارات في منطقة ظلت لقرون ملتقى للتاريخ والثقافة.

زر الذهاب إلى الأعلى