بالفيديو : بيت الأزدي في زنجبار… ذاكرة عُمانية تطل على بحر التاريخ

زنجبار – تقرير. زاهر المحروقي

على طريق ميزينجاني المطلّ على ميناء زنجبار، يقف أحد أقدم المنازل العُمانية شاهدًا على مرحلة مفصلية من الحضور العُماني في شرق إفريقيا. ووفقًا لما وثّقه الباحث رياض بن عبد الله البوسعيدي، فقد شُيّد هذا المنزل في ثلاثينيات القرن السابع عشر، وكان ملكًا للسيد عبد الله بن جاعد بن خلف بن سعيد بن مبارك الأزدي البوسعيدي، أحد أبرز رجالات الدولة البوسعيدية.

وفي عام 1746م (1159هـ) عيّنه الإمام أحمد بن سعيد —جدّ السيد سعيد بن سلطان— واليًا على زنجبار وكيلوا والبنادير (الصومال)، فاستمر في مهامه حتى عام 1765م. وبعد انتهاء فترة ولايته، عاد إلى عُمان حيث بقي حتى وفاته، ودُفن في منزل أجداده في ولاية أدم، بحسب ما يورده المصدر.

الوجود العُماني… جذورٌ ضاربة في تاريخ زنجبار

ويشير الباحث رياض البوسعيدي في إلى أن هذا المنزل لا يمكن النظر إليه بمعزل عن السياق الأوسع للوجود العُماني في زنجبار، ذلك الوجود الذي أسهم في صياغة هوية الجزيرة الثقافية والعمرانية والتجارية. فمنذ القرن السابع عشر، تمكن العُمانيون من تحويل زنجبار إلى مركز عالمي لتجارة القرنفل والعاج والمواد الاستوائية، وإلى ملتقى للحضارات الآتية من الشرق والغرب.

كما شهدت الجزيرة في عهد الدولة البوسعيدية نهضة واضحة في التعليم والعمران وإدارة الموانئ، وامتدت الروابط الاجتماعية بين العُمانيين والسكان المحليين لتشكل هوية مشتركة ما تزال آثارها حاضرة حتى اليوم.

تحوّلات الملكية… من وزير مالية السلطان إلى مستشفى إسماعيلي

وتوضح المصادر التي نقلها الباحث البوسعيدي أن ملكية المنزل انتقلت بعد سنوات إلى الوزير تاريا توبان، المسؤول عن مالية السلطان برغش بن سعيد، والذي شرع في تجديده مستقدمًا العمالة والمواد من الهند لبناء واجهته الأمامية الفخمة. غير أن وفاته حالت دون اكتمال المشروع.

ومن ثم، اشتراه التاجر الخوجي ناصر نورمحمد، أحد وجهاء طائفة الخوجة، الذي حوّل المبنى إلى مستشفى وصيدلية إسماعيلية، ليواصل أداء دور اجتماعي في قلب زنجبار.

معلم تاريخي باقٍ على الدهر

وبحسب رواية الباحث رياض بن عبد الله البوسعيدي، فإن بيت الأزدي يمثل أحد أبرز الشواهد على العمق التاريخي للعلاقات بين عُمان وزنجبار، وعلى الدور الريادي للعُمانيين في صياغة نهضة الجزيرة خلال القرون الماضية. كما يجسد هذا المنزل مسيرة ثلاثة قرون من التفاعل الحضاري والتجاري والإنساني بين الشعبين، وما يزال يحتفظ بقيمته التاريخية حتى اليوم.

زر الذهاب إلى الأعلى