سلطنة عُمان تحقق تقدّمًا ملموسًا في مسار التنويع الاقتصادي

مسقط في 27 ديسمبر 2025 /العُمانية/ تواصل القطاعات غير النفطية في سلطنة عُمان تعزيز إسهامها في دعم النمو الاقتصادي وترسيخ الاستدامة المالية، مع تسجيلها ارتفاعًا تدريجيًا في مساهمتها بالناتج المحلي الإجمالي خلال تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة (2021–2025)، في انعكاس واضح لفاعلية سياسات التنويع الاقتصادي والتقدم المحقق في مستهدفات رؤية “عُمان 2040”.

وأوضحت وزارة الاقتصاد أن مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بلغت 73.3 بالمائة بنهاية الربع الثالث من عام 2025م، مقارنة بـ72.5 بالمائة في عام 2024م. كما ارتفعت القيمة المضافة لهذه الأنشطة إلى نحو 21.0 مليار ريال عُماني حتى نهاية الربع الثالث من 2025م، مقابل 20.4 مليار ريال عُماني في الفترة نفسها من عام 2024م، فيما بلغ معدل النمو الحقيقي للأنشطة غير النفطية 3.4 بالمائة، مقارنة بـ4.2 بالمائة في عام 2024م.
وقال الدكتور سالم بن عبد الله آل الشيخ، المتحدث الرسمي بوزارة الاقتصاد، إن التنويع الاقتصادي يرسخ مكانته كأحد المرتكزات الأساسية للاستدامة المالية والاقتصادية في سلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن الإيرادات غير النفطية واصلت نموها خلال السنوات الماضية بالتزامن مع تعافي الأنشطة الاقتصادية.
وبيّن أن الإيرادات غير النفطية ارتفعت من نحو 2.7 مليار ريال عُماني في عام 2020م إلى 3.507 مليار ريال عُماني في عام 2024م، فيما قُدّرت الإيرادات غير النفطية المعتمدة في ميزانية عام 2025م بنحو 3.573 مليار ريال عُماني، بزيادة قدرها 1.5 بالمائة مقارنة بميزانية عام 2024م. وتشمل هذه الإيرادات 680 مليون ريال عُماني من ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، و656 مليون ريال عُماني من ضريبة دخل الشركات، و800 مليون ريال عُماني من توزيعات أرباح الشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني، إضافة إلى نحو 1.4 مليار ريال عُماني من الرسوم الحكومية المختلفة.

وأكد أن الجهود مستمرة لتعزيز الاستدامة المالية ورفع كفاءة المالية العامة وتطوير المنظومة الضريبية وتوسيع قاعدة الإيرادات غير النفطية، إلى جانب تنويع مصادر تمويل المشروعات وجذب الاستثمارات والتقنيات ذات القيمة المضافة العالية.
وفيما يخص الاستثمار الأجنبي المباشر، أشار إلى أن سلطنة عُمان حققت نموًا متواصلًا خلال السنوات الأخيرة، مدعومًا بتحسن آفاق النمو الاقتصادي وارتفاع مستوى الثقة عقب تحسن التصنيف الائتماني، حيث ارتفع الإجمالي التراكمي للاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 18 بالمائة في عام 2024م مقارنة بعام 2023م، وتجاوز 30.3 مليار ريال عُماني بنهاية النصف الأول من عام 2025م، مسجلًا نموًا بنسبة 12.8 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024م.
وأضاف أن الأداء الإيجابي للقطاعات غير النفطية أسهم في الحفاظ على وتيرة نمو الاقتصاد الوطني وفق المستهدفات المحددة في الخطة الخمسية العاشرة ورؤية “عُمان 2040”، رغم التحديات الدولية مثل تباطؤ النمو العالمي وارتفاع معدلات التضخم وتقلبات أسواق الطاقة. وفي المقابل، تراجعت مساهمة القطاعات النفطية في الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2023م، بعد أن تحولت من نمو إيجابي بنسبة 8.6 بالمائة في عام 2022م إلى 0.1 بالمائة في عام 2023م، ثم انخفضت بنسبة 2.7 بالمائة في عام 2024م، وسجلت 0.3 بالمائة بنهاية الربع الثالث من عام 2025م مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وأوضح أن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغ 3.4 بالمائة خلال السنوات الأربع الأولى من الخطة الخمسية العاشرة، مقتربًا من المتوسط المستهدف البالغ 3.5 بالمائة، فيما تشير تقديرات وزارة الاقتصاد وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى أن معدل النمو بنهاية العام الجاري قد يتراوح بين 2.2 بالمائة و3 بالمائة، مع توقعات باستمراره في الارتفاع على المدى المتوسط.
وأشار إلى أن السياسات الاقتصادية والاستثمارية خلال الخطة العاشرة ركزت على بناء أسس مستدامة للنمو وتعزيز إنتاجية الاقتصاد وتكاملِه مع الاقتصاد العالمي، بما يدعم تنافسيته وقدرته على مواكبة التطورات التقنية. كما أسهمت هذه السياسات في توسيع قاعدة التنويع الاقتصادي، وتطوير الهياكل الإنتاجية وسلاسل القيمة، وتعزيز المحتوى المحلي، وتمكين القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، ورفع مساهمة الاستثمار الخاص في القطاعات ذات القيمة المضافة المرتفعة.
ولفت إلى أن حزم الدعم والتحفيز الحكومية شملت مختلف الأنشطة الاقتصادية، وأسهمت في تسريع وتيرة التعافي والنمو، إلى جانب الأثر الإيجابي لتعزيز الإنفاق الاستثماري وتنفيذ عدد من المشروعات الاستراتيجية.
وبيّن أن أولويات التنويع الاقتصادي ضمن محور الاقتصاد والتنمية في رؤية “عُمان 2040” استهدفت مجموعة من القطاعات القادرة على التوسع والنمو وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات غير النفطية، مع التركيز على الصناعات التحويلية والنقل واللوجستيات والسياحة والثروة السمكية والتعدين. كما أشار إلى أن بدء تنفيذ مشروع التجمع الاقتصادي المتكامل لسلاسل التبريد بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم يمثل نقلة نوعية ضمن خمسة تجمعات اقتصادية متكاملة تستهدف تحقيق تنمية متوازنة في المحافظات وجذب الاستثمارات.
وأكد أن المرحلة الأولى من تنفيذ رؤية “عُمان 2040” (2021–2025) حققت تحسنًا ملموسًا في بيئة الاقتصاد الكلي وبيئة الأعمال، وأسهمت في تعزيز الاستدامة المالية من خلال تقوية المركز المالي للدولة، ورفع التصنيف الائتماني، وترشيد الإنفاق، وخفض الدين العام إلى مستويات آمنة، إلى جانب تحفيز القطاع الخاص وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
واختتم المتحدث الرسمي بالتأكيد على أن آفاق التنويع الاقتصادي خلال الخطة الخمسية الحادية عشرة (2026–2030) ستظل داعمة لتحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية، وتعزيز الشراكات الدولية، وترسيخ مكانة سلطنة عُمان كوجهة جاذبة للاستثمار في مجالات واعدة مثل الطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي واللوجستيات والتجارة الإلكترونية.





