عمانيون: الذكاء الاصطناعي قادر على إيجاد صناعات ووظائف جديدة
مسقط – العمانية
تُظهر الممارسات العالمية قدرة الذكاء الاصطناعي على تطوير بيئات وأساليب العمل وإسهامه في رفع الإنتاجية وكفاءة الأداء عبر أتمتة الإجراءات بصورة تختصر حلقات عديدة في مختلف مراحل العمل، إضافة إلى محاكاته للقدرات البشرية في أداء مختلف المهام.
ويرى عدد من المختصين والمهتمين في حديث لوكالة الأنباء العُمانية قدرة الذكاء الاصطناعي على إيجاد صناعات ووظائف جديدة من خلال استحداثه لمنتجات وخدمات، وحل العديد من المعضلات والعقبات عالية التعقيد من خلال تحليله لأعداد هائلة من البيانات واستخراج الخلاصات والتوصيات الدقيقة، إلى جانب إضفاء الحافز المعنوي للموظف عبر تطوير قدراته واحترافه للعمل وإيجاد الأهداف المبتكرة.
ويقول عبد الرحمن بن عبدالله البوسعيدي مدير برنامج الدراسات والبحوث بالمنظومة الوطنية للابتكار المؤسسي وإدارة التغيير بوزارة العمل: إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات المؤسسية بالقطاعين يمكن أن تُسهم في تحسين جوانب السلامة والصحة والتدريب وظهر ذلك عبر الاستخدامات العملية البارزة التي كشفت عن قدراته في المجال الصحي، حيث مكّن العاملين من تشخيص العديد من الأمراض بصورة أسهل واقتراح العلاجات واكتشاف أنواع جديدة من العقارات، والمساعدة في العناية بالمرضى.
وبيّن أنه في المجال التعليمي قد أحدث الذكاء الاصطناعي تطورات ملحوظة من خلال إمكانية تخصيص عملية التعلم بصورة شخصية، وتقييم مستويات الطلبة وتقديم الملاحظات، والمحاضرات في قطاع النقل من خلال السيارات ذاتية القيادة وأنظمة إدارة المرور الذكية والمواصلات، بما يعزز الكفاءة في أداء المهام وجوانب السلامة والاستدامة البيئية إلى جانب صناعة المحتوى الإعلامي، وفي الترفيه والفنون والآداب.
ووضح أن البيانات هي الثروة الأكبر قيمة في هذا العصر ومن خلالها يستمد الذكاء الاصطناعي قدرته وقوته، مؤكدًا أهمية أن تكون البيانات عالية الجودة والتنظيم، بحيث تعمل المؤسسات على إدارتها وتجهيزها بالصيغ المناسبة وإتاحتها لتحسين جودة اتخاذ القرارات من أجل إدارة التغييرات بفاعلية والتكامل مع أنظمة العمل الحالية.
وأشار إلى أن للذكاء الاصطناعي القدرة التطويرية على مختلف وسائل العمل للوصول إلى كفاءة أداء أعلى وتجربة مستفيد أفضل، مصحوبًا بمواءمة استراتيجية مع أهداف المؤسسة بما يضمن التأسيس السليم المواكب للتطورات القادمة بهدف الاستعداد طويل الأمد لتبني التقنية والاستفادة مما ستقدمه في المستقبل.
ونبّه على أهمية عدم إغفال الجانب الأخلاقي؛ بحيث تبرز العديد من التساؤلات حول العدالة والمساءلة والشفافية والخصوصية، منها كيف نضمن عدم تمييز الآلة بين مختلف الفئات والأفراد أثناء إصدارها القرارات والأحكام؟ ومن يتحمل المسؤولية لاحقًا في حالات الفشل والأخطاء ذات العواقب الجسيمة؟ وكيف نضمن حماية البيانات الخاصة للأفراد والمؤسسات أثناء تحليلها؟ بحيث لا بد أن تكون حاضرة في أذهاننا ونحن نستضيف هذه التقنية في قطاعاتنا الحكومية والخاصة، حتى نعدّ العدة للحوكمة الرشيدة لاستخداماتها ونحدد الجهات المعنيّة بالرقابة عليها.
وبيّن أن هناك العديد من المحاذير المتعلقة بآثار التطورات المفاجئة للذكاء الاصطناعي على الأفراد وبنية المنظمات والمجتمعات، مشيرًا إلى أن إحلال الذكاء الاصطناعي بالعديد من الوظائف لا بد أن يتماشى معه نهج واضح للارتقاء بمهارات الموظفين وتجهيزهم لمهام أعلى في سلّم الاستبدال والتكيّف مع مختلف التحديات من خلال المسارعة بالاستثمار في مسارات تدريبية وتأهيلية بالمجال، وتفعيل أدوار البحث العلمي المصاحب للتغيير.
ورأى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحمل الكثير من الفرص إلى جانب العديد من التهديدات للموظفين، ووفقًا للاستجابة للتغيرات المتسارعة، مضيفًا أن هناك نماذج لشركات بدأت في استخدامه لإرشاد الموظفين في طرق إنجاز المهمات ومحاكاة آليات سير العمل لتجاوز الصعوبات، وأخرى تستخدم أدواته لرفع فاعلية التواصل بين الموظفين، والرقابة على أدائهم وتزويدهم بالتغذية الراجعة حول أعمالهم ونقاط الضعف وأساليب التحسين.
وأشار إلى أن هناك أكثر من 300 مليون وظيفة مهددة بالاستبدال عالميًّا بحلول 2030 وفقًا لبنك جولدمان ساكس، ومن اللافت أن توقعات PwC ترجّح تعرّض 40 بالمائة من الموظفين الأدنى في المؤهلات العلمية لخطر الاستغناء عن وظائفهم أو استبدالها، فيما تنخفض النسبة لـ10 بالمائة من الموظفين كلما ارتفعت مؤهلاتهم العلمية نظرًا لقدرتهم على التكيّف مع التغيّرات التكنولوجية وترقية قدراتهم وفقًا لاحتياج العمل.
وأفاد بأنه من المتوقع أن توجِد ثورة الذكاء الاصطناعي فرصًا وظيفية عديدة وقفزات في الإنتاجية، بل فئات وظيفية جديدة لا سابق لها! إذ يقسم MIT Sloan Review هذه الفئات إلى فئة المدربين التي ستقوم بتدريب الآلات بالمؤسسات على الوظائف الجديدة، وفئة المفسرين التي ستقوم بتجسير الفهم المشترك بين الآلة والعنصر البشري من موظفين وإداريين، وفئة المستديمين التي تضمن عمل الآلة بالكفاية والمسؤولية والاستدامة اللازمة.واختتم حديثه قائلًا: إن السباق للبقاء على المستوى الوظيفي قد انطلق، فهناك من الموظفين من نام واستيقظ على اختفاء وظيفته من سوق العمل بدخول Chat GPT بقدراته الذكية، ولا بد لنا من التنبّه واليقظة لهذه الرمال المتحركة التي تحدثها التقنيات الصاعدة، وأن نبقى متأهبين للصعود على سفنها المستقبلية من خلال المتابعة القريبة لأدواتها وابتكاراتها، والتعلّم المستمر، وتقبّل التغيير.من جانب آخر وضّح الدكتور علي بن سعيد المطري مدرس رياضيات بمركز اللغة والدراسات التأسيسية بجامعة الشرقية أنّ الذكاء الاصطناعي يتمتع بالقدرة على تحسين البيئة ومستقبل العمل بشكل كبير في القطاعين العام والخاص، ففي القطاع العام يمكن استخدامه من أجل مراقبة وتتبع البيانات البيئية كوضع وتنفيذ السياسات واللوائح لحماية البيئة أما في القطاع الخاص فيستخدم في تطوير منتجات وخدمات أكثر كفاءة واستدامة وتحسين كفاءة الطاقة، بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل جديدة في الاقتصاد الأخضر.
وأضاف أن تقنية الذكاء الاصطناعي لديها القدرة على إحداث تأثير كبير على البيئة ومستقبل العمل من خلال الاستفادة في إيجاد عالم أكثر استدامة، حيث تستخدم منصة FarmBeats التي تعمل بنظام تشغيل الذكاء الاصطناعي للشركة صور الأقمار الصناعية والتعلم الآلي لمساعدة المزارعين على مراقبة محاصيلهم وتحديد المشكلات المحتملة.
وأشار إلى أن سيمنز تستخدم نظام الذكاء الاصطناعي لتطوير مبان أكثر كفاءة واستدامة. وتستخدم منصة Mindsphere التي تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي للشركة بيانات من مجموعة متنوعة من المصادر بما في ذلك أجهزة الاستشعار لمراقبة أداء المباني وتحسينها. كما تستخدمه منصة Watson لتطوير تقنيات جديدة للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
وقال إن هناك العديد من التحديات التي يجب معالجتها من أجل جعل تطبيقات الذكاء الاصطناعي أكثر عملية في بيئة العمل منها التحيز وقابلية التفسير، حيث إن خوارزميات الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تكون معقدة ويصعب فهمها، ويمكن استخدامه لإيذاء الناس أو انتهاك خصوصيتهم.
وبيّن أن الذكاء الاصطناعي يعمل على تغيير طريقة العمل بسرعة من خلال استخدام الأدوات والتطبيقات التي تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام وتحسين عملية صنع القرار وتخصيص التجارب وزيادة الإنتاجية وخدمة العملاء وتطوير المنتجات مما يسهم إيجابيًّا في الجوانب السلوكية للأفراد في العمل.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير كبير على مستقبل بعض المهن والوظائف مع استمرار تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ويمكننا أن نتوقع رؤية تطبيقات أكثر ابتكارًا وتأثيرًا للذكاء الاصطناعي في مكان العمل، من بينها خدمة العملاء والمبيعات والتسويق وإدارة المخاطر وتطوير المنتجات وإدخال البيانات والتسويق عبر الهاتف.وفي السياق ذاته قالت مريم بنت خليفة العامرية المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ماترز: إن الذكاء الاصطناعي من الممكن أن يؤثر في الجوانب السلوكية في العمل في المؤسسات على الأفراد بزيادة الإبداع والابتكار والتقليل من الضغط النفسي على الفرد مما يساعد في التواصل السريع وتبادل المعلومات بشكل أفضل وبالتالي سرعة اتخاذ القرارات وحل المشكلات تكون أفضل ويشعر الموظف بالإنجاز والتحسين المستمر في حالة تم توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل ويصنع بيئة تشاركية في المعلومات والأفكار.
وأفادت أنه يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في تحسين بيئة ومستقبل العمل في القطاعين العام والخاص من خلال توظيفه في المهام الروتينية المتكررة، بالإضافة إلى كتابة تقرير بطريقة أفضل أو كتابة رسالة أو مشروع من خلال إدخال معلومات تساعد على الكتابة بهدف تطوير الفكرة.وذكرت أن التحدّيات المتعلقة بالتعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل قد تكون من ناحية الاعتماد عليه دون تفكير أو تقييم في كل شيء وهذا قد يكون مضرًا لبيئة العمل، وكذلك يمكن أن يتحول الموظف إلى شخصية اتكالية في عمله دون تفكير أو تحليل.
مضيفة أنه من المتوقع أن يصنع الذكاء الاصطناعي وظائف مختلفة وأكثر فاعلية تغير من شكل وآلية وسرعة إنجاز العمل.من جانبه قال فيصل بن عوض الصباحي فني حاسب آلي بوزارة التربية والتعليم ومهتم بالجانب التقني: إن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور كبير في رفع الإنتاجية لدى مؤسسات القطاعين الخاص والحكومي في حالة استخدامه وتشغيله بالطريقة الصحيحة فهو قادر على إنجاز كم كبير من العمليات في وقت قصير.