الهوية الوطنية الترويجية

سعيد بن مسعود المعشني
أعترف أن إعجابي الشخصي بالشاعرة والمهندسة عائشة السيفية يجعلني غير موضوعي في إبداء رأي محايد تجاه خيارات الهوية البصرية الوطنية الترويجية المطروحة للاستفتاء. لو قدمت عائشة شاة جرباء وطلبت موافقتي، لبصمت لها بالعشرة دون أن أحرق خلية واحدة في دماغي المصاب بمتلازمة حب النقد والتعليق.
ورغم عدم تشرفي بمعرفة شخصية للشاعرة المبدعة، إلا أنني معجب ومتابع، من بعيد، لشعرها منذ أن ظهرت نجمة لامعة في الساحة الثقافية العمانية.
لو أن كل الجهات الحكومية اختارت شخصيات مثل المهندسة عائشة سفراء لقضاياها، لكسبت تعاطف الجمهور حتى وإن لم توفَّق في المضمون. لذلك لا بد من الاعتراف بذكاء القائمين على وزارة التجارة والصناعة والترويج؛ فقد عرفوا من أين تؤكل الكتف.
هناك جهات لم تدرك بعد أهمية اختيار من يمثلها ويتحدث باسمها أمام الرأي العام. فلا هم خططوا ونفذوا مشاريع وقوانين تشفع لهم وتسوّق نفسها بنفسها للجمهور، ولا هم أحسنوا انتقاء من يقدمها لنا نحن الذين نبحث عن الزلات لنحصيها ونعلق عليها.
أكثر الجهات الحكومية التي خسرت معارك الرأي العام بسبب سوء تمثيلها يتصدرها صندوق الحماية الاجتماعية، تليه مباشرة وزارة العمل. سوء تعبير من يمثلهم في اللقاءات الإعلامية والملتقيات جعلهم مادة لطالبي الزلة من أمثالنا. لو اختاروا، لا أب لهم، السيفية أو من يشابهها جمالاً وثقافةً وحسن تعبير، لما وصلوا إلى الحال التي يرثى لها. فالمتأمل لنشاطهم، إن دقق جيداً، يستطيع تبيّن بعض الإنجازات التي لم تجد من يقدمها للجمهور ويروج لها بالصورة المطلوبة.
اختيار شعار من ثلاثة للهوية البصرية الوطنية ليس هو بيت القصيد، ولا لب المشكلة التي ستواجه السيفية ورفاقها في المركز. المشكلة الأساسية المزمنة التي تواجه كل مسؤول عن عمل وطني مشابه هي المبالغ المطلوب توفيرها سنوياً لتسويق الخطط والبرامج بعد اختيارها.
من تجربة سابقة مع الوزارة ذاتها، وجدنا أن البنود المالية المخصصة للترويج للسلطنة، بكل تفاصيلها، لا تساوي قيمة إعلان واحد تدفعه دول ومدن مجاورة لمحطة تلفزة عالمية كقناة CNN مثلاً.
فلو وُفِّقنا في اختيار الشعار المناسب، وجملتنا عائشة وأبدعت في تقديمه، فمن يقنع “محاسبي” وزارة المالية بأن الموازنة المطلوبة للترويج يجب أن تكون “دسمة” حتى نحجز مساحات مدفوعة لنظهر للعالم؟
العالم الذي يبحث عن عُمان ولا يجدها، بينما “مدن الملح” تملأ العالم ضجيجاً، وتجتاح الفضاء، وتحتل الشاشات.





