“ما بين حانا ومانا ضاعت لحانا”

كتب/ سعيد بن مسعود المعشني

“ما بين حانا ومانا ضاعت لحانا”؛ هذا أصدق مثل يُعبّر عن حال محافظة ظفار اليوم. يأتي جيل من المسؤولين فيسارع إلى محو كل ما أنجزه سلفه، بدعوى التغيير وتصحيح المسار، وكأن ما قبله كان عبثًا محضًا لا يُبنى عليه. والحقيقة أن بعض أعمال المسؤولين السابقين في المحافظة لم تكن دومًا موضع إعجاب أو تقدير، إذ ابتُليت ظفار، كغيرها من المحافظات، ببعض النماذج الإدارية التي أورثت تركة من الأخطاء يصعب تصحيح مساراتها.لكن ما لا يُحسب ضمن تلك الأخطاء هو شعار وهوية المحافظة الذي تبنّاه الرعيل الأول، والمتمثل في “شجرة اللبان” كرمز وهوية لظفار. فشجرة اللبان، كهوية حضارية وثقافية، لا يختلف عليها اثنان بأنها الأصلح مقارنة بالهوية الجديدة، التي لا تحمل بعدًا تاريخيًا راسخًا ولا أصالة ثقافية تُؤهلها لتكون بديلًا عن تلك الشجرة المباركة، التي شُطبت بجرة قلم.ومع ذلك، لم أُفاجأ بهذا الانقلاب الصاخب، فما هو الا تكرارًا لمشهد مألوف في ثقافتنا العربية، حيث يهدم كل مسؤول جديد ما بناه من سبقه، لا ليُحسن في البناء، بل ليتفرّد بالمشهد، ويستحوذ على الذاكرة، فيبقى وحده واقفًا على المسرح.وما شهدناه مؤخرًا من جدل حول تغيير هوية ظفار لا يمكن فصله عن هذا السياق. فالهوية الجديدة، وإن كانت محمودة الفكرة من الناحية التسويقية البحتة، فهي لا تُقارن بالهوية السابقة التي كانت محل إجماع أهلي، وتحمل فرادة تعكس بُعدًا ثقافيًا وتاريخيًا ضاربًا في الجذور.وأمام هذا المشهد المربك، تتزاحم الأسئلة حول المخرج: فالإعلان قد تم، والاختيار وقع، والخطأ – إن وُجد – قد ارتُكب. وما يجب أن نركز عليه الآن ليس تبادل الاتهامات أو العتب، فقد تجاوزت الأحداث تلك المرحلة، ولا أظن أن أي فريق، مهما ساق من حجج وأسانيد، سيُقنع الآخر.المطلوب الآن أن نكون عمليين، ونتعاون جميعًا للصالح العام للمحافظة. وفي هذا الجانب، من المهم التركيز على معرفة البرامج التنفيذية لخطط التسويق المعتمدة، وحجم الإنفاق المرصود لها، حتى تكون النتائج هي الحكم بيننا، ونترك النوايا جانبًا.فكما تقول العرب: “الأمور بخواتيمها”، ونحن لا نحكم على الأقوال بل على الأفعال والنتائج، فالكلام – بعضه – كالزبد، يذهب جفاءً منثورًا.

زر الذهاب إلى الأعلى