الربط بين الظروف الموضوعية والذاتية وسقوط الإمبراطوريات وتحقيق الإنتصار

بقلم : د. حسن الموسوي
توطئة :
تحدثت في مقال سابق عن الثورات العظمى في التأريخ البشري وهلاك الإمبراطوريات العظمى . هذا الهلاك يأتي بعد أن تتهيأ الأسباب أو الدوافع اللازمة لذلك . لنطوف قليلاً على بعض الأحداث التي جاءت في سياق بعض الآيات القرآنية ونجمع بينها وبين الظروف التي أريد التحدث عنها هنا في هذا المقال .
الآيات القرآنية وهلاك الأمم
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا . الإسراء -١٦
أمرنا رؤساء وسادات القرية بالطاعة ، لكنهم فسقوا فيها بالمعاصي فأهلكناها هلاكاً .
هذا مثال على الظرف الذاتي لأن سبب هلاك القرية كان هم ذات أهل القرية وليس ما يحيط بهم …..
وَمَآ أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍۢ مِّن نَّبِىٍّ إِلَّآ أَخَذْنَآ أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ الأعراف – ٩٤
أخذناهم بالفقر والسقم ونحوهما لربما بعد هذا يتذلّلون .
وهذا مثال على الظرف الموضوعي فالله سبحانه أنزل عليهم البلايا المذكورة .
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ سورة •
الشعراء* – ١٨٩
هنا الظرف موضوعي إذ هيّأ الله ذلك الظرف على اهل مدين ؛ فأسقط عليهم قطعاً من السماء أظلّتهم سحابة ثم أمطرت عليهم نارا فأحرقتهم .
ماهية الظروف الموضوعية والذاتية ؟
- الموضوعية : هي تتهيأ بذاتها في ظرف معين لصالح قوم دون قوم ، واذا لم يعرف العارفون ذلك قصداً او تجاهلوا عمداً تحدث شرخاً أو كارثة وسخطاً .
- الذاتية: هي كذلك وتكون في جسد طرف دون طرف .
١ – أولا : من تصدي المقاومة في لبنان إلى سقوط دمشق
مثال :
الظروف الموضوعية
مثال – ١
كانت حاضرةً في طرف العدو التي هيأها الله سبحانه لصالحنا ، حيث كان المجاهدون على جبهات القتال يدكون العدو المنهار وينتظرون الموت من كل جانب حتى أصبحت المستوطنات في الشمال خالية بعد أن بدأت الألاف من المستوطنين بالهجرة العكسية وأضحى الوضع الاقتصادي والاجتماعي في أسوأ الأحوال ولم يستغل القادة هذه الظروف الموضوعية لتحريرها .
الظروف الذاتية
مثال – ١
حيث أن الملايين من المجاهدين من اليمن والعراق وسوريا وغيرها من البلدان كانوا على أهبة الاستعداد لتنفيذ ملإ المستوطنات ، ولو كان ذلك قد حصل ولو بضع عشرات من الكيلومترات المربعة منها لانهارت معنويات العدو .
لكن للأسف مع مرور الوقت بينما كنّا نقتل جنودهم في المعارك في عقر دارهم ؛ إستغل العدو الوضع غير الواضح فينا ، فبدأوا يقتلون قادتنا في عقر ديارنا . وهكذا صارت معادلة المعركة بعدها غير متكافئة وكان الخسران يجري ذيله في الكثير من المواقف في عقر ديارنا .
ثانيا – الظروف الموضوعية والذاتية في الوقت الحاضر
من الإعتداء الصليبي على إيران إلى هذا الوقت .
الظروف الموضوعية
مثال – ١
منذ الإعتداء على الجمهورية الإسلامية في إيران أصبحت كفة الظروف الموضوعية تميل إلى جبهة المقاومة . حيث أصبحت الدولة الإسلامية بيدها الآن يد المبادرة بعد أن فشلت مؤامرة إسقاط النظام الإسلامي . ولملمت إيران قواها في ظرف قصير لم يتجاوز يوماً واحداً . وها هي صواريخها تدك مدن الدولة اللقيطة .
الظروف الذاتية
مثال – ١
أصبح العدو الأن في وضع من أصعب الأوقات التي يمر به منذ قيامه ؛ حيث يعيش في خوف شديد من الضربات المتتالية التي تصب عليه كل يوم . في رأيي إن هذه لحظة مؤاتية جداً بالنسبة للقوى الفلسطينية وقوى المقاومة وعلى رأسها إيران أن تحرر بسهولة الأراضي المهجورة ؛ بالزحف إليها بمئات الألوف من المجاهدين مع كل الأسلحة التي معها .
إن الرعب اليوم في جانب واحد أكثر من جانب المقاومة . وعدم استغلال بل التقاعس اليوم فإنني أرى أن المعادلة ستكون بعدها في صالح العدو كما حدث في جبهة الشمال ، حيث إكتفت المقاومة بالدك دون أخذ فعل .
د حسن الموسوي





