الخريف في ظفار.. موسم تنبض فيه الطبيعة بالحياة وتزدهر فيه الروح الريفية

صلالة – 6 أغسطس /العُمانية/ يشهد موسم الخريف في محافظة ظفار لوحة طبيعية آسرة، تتبدّل معها ملامح الريف وتتناغم الطبيعة مع حياة الإنسان. فمع تساقط الأمطار الأولى، تنبعث الخُضرة بين السفوح وتنتشر الضبابات، لتبدأ دورة حياة سنوية تجسّد الترابط العميق بين الأهالي وبيئتهم.

ويُعد هذا الموسم محطة رئيسية في الذاكرة الاجتماعية والاقتصادية لأهالي المحافظة، حيث تعود الطقوس الزراعية وتتجدد العادات المتوارثة، وتبرز ملامح التلاحم المجتمعي المعتمد على موارد الطبيعة.

ويصف بخيت بن سعيد دعن الشحري الاستعدادات التي تسبق الخريف، قائلًا: “نبدأ التحضير منذ يونيو، كنا نُصلح الحظائر، ونجمع الحطب، ونخزّن المياه من الأمطار لاستخدامها في الطهي والشرب طيلة الموسم، فهو مصدر رزقنا الأساسي”.

أما مربو الإبل، فيتّبعون أنماطًا موسمية تتناسب مع الظروف المناخية. ويشير سعيد بن محمد المشيخي إلى أن الرعاة يتنقلون بالإبل إلى المناطق الجافة كـ”القطن” والسهول خلف الجبال أثناء الخريف، ثم يعيدونها للجبال بعد توقف الأمطار. كما يُعد “المُخراف” – وهو مأوى مؤقت للإبل – مركزًا لاستضافة الضيوف وتقديم منتجات الحليب، ومكانًا لتبادل الأحاديث اليومية.

ويؤكد سالم بن مسلم العمري أن موسم الخريف يجمع بين الزراعة والسياحة والروحانية، مشيرًا إلى أن القرى الجبلية تشهد خلال هذه الفترة توافدًا كبيرًا من الزوار من داخل السلطنة وخارجها، مما يعزز النشاط الاقتصادي والاجتماعي، ويشجّع الكثيرين على تخصيص إجازاتهم السنوية خلاله.

وللمرأة الريفية دور بارز في هذا المشهد المتكامل. وتقول ميزون أجهام الشحرية: “نُحضّر الأكواخ التقليدية للأبقار، ونُعدّ الجلود لخضّ الحليب وإنتاج السمن البلدي، كما نخيط الملابس للمناسبات، فموسم الخريف يُعد موسم الأعراس والزيارات العائلية”.

وتضيف أن تطور الخدمات والبنية الأساسية في السنوات الأخيرة، من مياه وكهرباء ومرافق، ساهم في تخفيف أعباء الحياة الريفية، ما أتاح للنساء التركيز بشكل أكبر على الزراعة، وخاصة زراعة محاصيل موسمية مثل الذرة والدخن واللوبيا.

ويبقى موسم الخريف في محافظة ظفار تجسيدًا نابضًا لاستمرارية الحياة بين أحضان الطبيعة، في توازن جميل بين التراث والتجدد، يُعيد فيه الإنسان ارتباطه بالمكان عامًا بعد عام.

زر الذهاب إلى الأعلى