جبل القلعة في عمّان.. حيث يلتقي الماضي بالحاضر

عمّان – 11 أغسطس /العُمانية /يُعتبر جبل القلعة من أبرز معالم العاصمة الأردنية عمّان، حيث يطل على قلب المدينة ويصل ارتفاعه إلى نحو ألف متر فوق سطح البحر. من على قمته، يمكن للزائر الاستمتاع بإطلالة بانورامية تأخذ في جولة عبر تاريخ المدينة، بدءًا من البيوت القديمة المتدرجة على التلال المجاورة، مرورًا بالمآذن المنتشرة بين الأزقة الضيقة، وصولًا إلى الأبراج الحديثة التي تعلو في وسط المدينة.

يحمل جبل القلعة بين صخوره المتماسكة تاريخًا عريقًا، إذ كان مركز استيطان بشري منذ العصر البرونزي الأوسط حوالي 1800 قبل الميلاد، وكان في قلب مملكة العمونيين. وعلى مر العصور، شهد الجبل تحولات كبيرة؛ فقد أعاد الرومان تشكيله بأسلوب معماري كلاسيكي مميز، حيث شُيد معبد هرقل، الذي أصبح رمزًا للقوة. وفي العهد البيزنطي، بُنيت على الجبل كنيسة كبيرة، ثم أضاف الأمويون لمسهم ببناء مسجد وقصر فاخر.

لا تزال آثار هذا التاريخ العريق حاضرة بوضوح، حيث يمكن للزوار رؤية بقايا معبد هرقل وأعمدته الشاهقة، بالإضافة إلى بقايا القصر الأموي الذي يُظهر براعة العمارة الإسلامية الأولى. كما يمكنهم مشاهدة أعمدة الكنيسة البيزنطية وأرضيتها الفسيفسائية التي تحمل عبق الزمن.

يحتوي المتحف الأثري داخل موقع الجبل على مجموعة قيمة من القطع الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة، منها تماثيل عين غزال الحجرية، وأدوات فخارية، وعملات ونقوش حجرية تحكي قصص الحياة اليومية والتجارة والدين عبر الحضارات التي تعاقبت على المنطقة.

اليوم، يُعتبر جبل القلعة رمزًا لتلاقي الحضارات، فقد شهد على مرور رجال الدين والمصلحين، وتناوب الممالك، وتعايش ثقافات وديانات متعددة. يزور آلاف السياح الجبل سنويًا، حيث يتجولون بين أنحائه، ويلتقطون الصور أمام الأعمدة القديمة، ويستمعون إلى القصص والأساطير التي يرويها المرشدون، قبل أن ينهي الكثير منهم زيارتهم بجلسة هادئة لمشاهدة غروب الشمس الخلاب خلف تلال عمّان.

زر الذهاب إلى الأعلى