حقيبة ورق : رؤية 2040… وبوصلة إدارة الموارد

حمود بن علي الطوقي

لاقى المقال السابق في هذا العمود بعنوان والذي حمل عنوان “رؤية 2040: بناء الإنسان العماني أولاً”، ردود فعل واسعة وتفاعلاً كبيرًا، حيث اجمع جل من قرأ المقال الاتفاق على أهمية توجيه مرتكزات الرؤية لخدمة المواطن العماني اولاً وقبل كل شي وهذا ما تنشده الرؤية ضمن مرتكزاتها الوطنية نواصل اليوم هذا النقاش بقراءة جانب آخر لا يقل أهمية، وهو إدارة الموارد المالية للدولة، ودورها في تحقيق الأهداف الكبرى للرؤية.
فكما اشرت في المقال السابق ان رؤية عُمان 2040 وضعت بناء الإنسان في مقدمة أولوياتها، باعتباره أساس النهضة ومحرك التنمية. ولكن خلال السنوات الأخيرة، برز خطة التوازن المالي كأحدى المطالب القصوى في السياسات الحكومية بهدف تخفيف المديونية والوصول الى موازنة متوازنة ونلاحظ أن الحكومة الرشيدة قد نجحت مشكورة. بانتهاجها ، خطة طموحة لرفع مستوى التوعية خاصة في مجال الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية.
وهذا التوجه ادى حسب التقارير الرسمية المعلنة إلى خفض الدين العام وتحسين المؤشرات المالية .
على الرغم من هذه الجهود الحكومية غير أن المواطن ما زال يشعر انها لم تُترجم بالشكل الكافي إلى تنويع مصادر الدخل أو تحفيز النمو الاقتصادي، ما انعكس على ملفات مهمة مثل الباحثين عن عمل، وضعف القطاع الخاص، وارتفاع الأعباء المعيشية.
كمتابع ارى ان هناك حراك كبير من قبل الحكومة لترجمة متطلبات الرؤية ولكن في المقابل يظل التحدي الأكبر اليوم هو توفير التوظيف المباشر، وهو ما يتطلب حلولاً عملية وجذرية تتجاوز الإجراءات التقليدية. ويمكن حسب مرئياتنا أن تكون الإدارة الحكيمة للموارد المالية جزءًا من هذا الحل، عبر توجيه جزء من الفوائض والمخصصات المالية نحو برامج استيعاب الكفاءات الوطنية، وإيجاد فرص عمل حقيقية ومستدامة للشباب.
نجزم. ان مواردنا ليست قليلة ونعتقد ان المشكلة ليست في قلة الموارد، وإنما في كيفية إدارتها. فبلادنا بما حباها الله من خيرات ومقومات تمتلك إمكانات مالية وبشرية واستراتيجية، و تحتاج إلى إدارة أكثر ديناميكية، تستثمر الفوائض في مشاريع إنتاجية وصناديق تنموية، وتحفّز بيئة الأعمال، مع التخفيف من الأعباء على المواطن.
صحيح ان الحكومة ومن خلال جهاز الاستثمار العماني والتي تشرف على ادارة الشركات الحكومية تعمل جاهدة في تنويع مصادر الدخل من خلال ادارتها لهذه الشركات سواء المحلية او الأجنبية وفي خطوة إيجابية، أنشأت الحكومة “صندوق عُمان المستقبل” لتعزيز موارد الدولة وتنويع دخلها، وهي بادرة مشكورة إذا ما أُحسن استثمارها ضمن خطة واضحة تُعيد الإنسان إلى قلب الرؤية، وتحقق التوازن بين ضبط المالية العامة وتحريك عجلة التنمية.
اخيرا نقول إن الإدارة الحكيمة للموارد ليست خيارًا، بل ضرورة وطنية، حتى تتحقق رؤية 2040 على أرض الواقع، لا في المؤشرات فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى