الفن التشكيلي: لغة بصرية للتعبير عن الذات والمشاعر الإنسانية

مسقط في أول سبتمبر /العُمانية/ يمثل الفن التشكيلي لغة بصرية يعبّر من خلالها الإنسان عن ذاته ومكنونات شعوره، في عالم تتسارع فيه وتيرة الحياة ويكثر فيه التشويش على الروح. فمن خلال الألوان والخطوط والأشكال، يفتح الفنان نافذة على أعماقه، محوّلًا تجربته الذاتية إلى خطاب بصري يلامس الآخرين.

ويؤكد الفنانون أن الفن التشكيلي ليس مجرد ممارسة جمالية، بل فعل وجودي يعكس الصراع الإنساني مع المعنى، حيث يتحول الفنان إلى وسيط بين العالم المحسوس وعالم الظلال والانكسارات، فتصبح اللوحة مساحة روحية يسكب فيها الفنان أحماله النفسية وأفكاره.

الفنان التشكيلي خالد بن يعقوب السبهاني يشير إلى أن المهارة التقنية ضرورية لنقل المشاعر والأحاسيس، لكنها وحدها لا تكفي. ويقول: “المهارة تمكن الفنان من التحكم بالألوان، والبناء التكويني، وإبراز الظل والنور، لكنها لا تنقل الصدق الشعوري أو الرؤية الداخلية إلا إذا اجتمعت مع المشاعر”. ويستشهد بلوحات فنسنت فان جوخ مثل “آكلي البطاطا” لتوضيح كيف تمكن التقنية مع الحس الشعوري من التعبير عن الكفاح والتواضع والمشاعر الإنسانية.

ويؤكد السبهاني أن الفنان الذكي يراعي تأويلات المتلقي، فكل مشاهد قد يفسر اللوحة بحسب خلفيته الثقافية والنفسية، ما يجعل التوازن بين خصوصية التعبير وعمومية الرسالة أمرًا أساسيًا لضمان تفاعل المشاهد مع العمل الفني.

ومن جانبها، تقول الفنانة التشكيلية ندى الرويشدية إن الفن التشكيلي أداة للتعبير عن الذات والمشاعر الإنسانية بطريقة تفوق قدرة الكلمات، إذ تتيح الوسائط البصرية للمتلقي تفسير الرموز والألوان، والولوج إلى التجارب الذاتية المخفية، ما يجعلها تجربة فريدة للتفاعل مع المشاعر والذات البشرية.

ويضيف الفنان التشكيلي مبارك السليمي أن إنتاج اللوحات يتيح للفنان توثيق تجربته الشخصية وحفظ ذاكرته الفنية، كما يخلق تواصلًا بصريًا غير مباشر مع المتلقي، حيث يمكن للوحة البحر مثلاً أن تثير مشاعر مختلفة حسب تجارب كل شخص.

أما الفنانة هاجر الحراصية فتشير إلى أن الفن التشكيلي وسيلة للشفاء والتأمل الذاتي، موضحة: “الفعل الإبداعي يسمح بتفريغ الصراعات الداخلية وتحويلها إلى أعمال بصرية تمنح الفنان والمتلقي فرصة لفهم الذات والتفاعل معها. الفن ليس مجرد انعكاس للواقع، بل إعادة تشكيل له بطريقة تكشف عن جوانب من ذواتنا لم نرها من قبل”.
ويخلص الفنانون إلى أن الفن التشكيلي أداة قوية للتواصل والتعبير عن الذات، قادرة على التأثير في الفنان والمشاهد على حد سواء، وفتح فضاءات للتأمل والتفاعل العاطفي والفكري، ما يجعلها لغة عالمية تتجاوز الحدود الثقافية والجغرافية، وتعمّق الوعي الإنساني.





