قضايا عالمية تحت المجهر: انعكاسات الحمائية الأمريكية، وحدود العلاقة بين الإنسان والآلة، واتجاهات الأسواق في عصر المناخ المتغيّر

عواصم في 8 ديسمبر 2025 /العُمانية/ رصدت وكالة الأنباء العُمانية مجموعة من المقالات والتحليلات المنشورة في الصحافة الدولية، تناولت قضايا اقتصادية وتكنولوجية ومناخية أثارت اهتمام الرأي العام العالمي، من بينها تأثير السياسات الحمائية الأمريكية على دول جنوب آسيا، والتطور المتسارع في علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي، إضافة إلى واقع التغير المناخي بين الاعتراف والإنكار.
ففي مقال بعنوان “العولمة تحت السيطرة” نشرته صحيفة كوريا تايمز، تناول الكاتب “إم آيه حسين” توقعات البنك الدولي التي تشير إلى تباطؤ نمو اقتصاد جنوب آسيا من 6.4 بالمائة إلى 5.8 بالمائة بحلول عام 2026، مُرجعًا ذلك إلى الرسوم الجمركية الواسعة التي تفرضها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صادرات دول المنطقة، إذ بلغت 50 بالمائة على الهند، و20 بالمائة على بنغلاديش وسريلانكا.
وأشار الكاتب إلى أن هذه السياسات تُعيد إلى الأذهان قانون “سموت-هاولي” لعام 1930، الذي أدى إلى تدهور التجارة العالمية وتفاقم الكساد الكبير. ويرى أن الحماية التجارية في عالم مترابط لا تخلق استقرارًا، بل تدفع إلى إجراءات انتقامية وتُضعف سلاسل التوريد في ظل تراجع فاعلية النظام التجاري الدولي.
واستعرض المقال الآثار الاقتصادية المباشرة لهذه الرسوم، إذ يُتوقع تراجع نمو الهند من 6.5 بالمائة إلى 6.3 بالمائة في 2027، وتواجه بنغلاديش تحديًا كبيرًا يهدد ملايين الوظائف المعتمدة على التصدير، فيما قد تتعرض سريلانكا – التي خرجت من أزمة مالية حديثًا – لضغوط جديدة قد تقوض تعافيها.
ويخلص الكاتب إلى أن الحل يكمن في تقليل اعتماد دول جنوب آسيا على السوق الأمريكية من خلال تعزيز التجارة الإقليمية وتوسيع العلاقات مع تكتلات اقتصادية أخرى، والانضمام إلى اتفاقيات شراكة واسعة النطاق.
وفي مقال آخر نشرته صحيفة كوريا هيرالد، تناول الأكاديمي “ليم وونغ” سؤالًا جوهريًّا يرتبط بتطور الذكاء الاصطناعي: متى نبدأ في التعامل مع الروبوت ليس كأداة، بل ككيان يشبه الإنسان؟
وانطلق الكاتب من مشاهدته لروبوت بشري قادر على التفاعل بتعابير وجه وإيماءات، ما خلق لديه انطباعًا بوجود “تفكير” خلف استجاباته، الأمر الذي دفعه إلى تحليل مراحل قبول الإنسان للآلة باعتبارها “كيانًا اجتماعيًّا”.
وحدّد الكاتب ثلاث عتبات تؤثر في نظرتنا للروبوتات:
- العتبة البصرية والحركية: يكفي أن تمتلك الآلة ملامح وجه أو حركات قريبة من البشر لتحفّز فينا شعورًا بأنها “حية”.
- العتبة الإدراكية والاجتماعية: نتفاعل مع الآلات بأسلوب بشري عندما تظهر سلوكًا ذا “غاية”، لكن هذا الإحساس قد يتلاشى عند أي مؤشر يعيد تذكيرنا بأنها مجرد جهاز.
- العتبة العاطفية: تبلغ العلاقة ذروتها حين يبدأ الإنسان بالارتباط بالروبوت على مستوى شعوري، كما يحدث مع كبار السن الذين يعتمدون على روبوتات الرعاية.
ويرى الكاتب أن الروبوتات تعكس الإنسان أكثر مما تستنسخه، وأن السؤال الأهم لم يعد “هل تفكر الآلة؟” بل “هل نحن مستعدون للاعتراف بها كجزء من مجتمعنا؟”. ويؤكد أن مستقبل العلاقة بين الطرفين يتوقف على قدرة البشر على الحفاظ على إنسانيتهم في عالم تتشكل فيه الآلات على صورتهم.
وفي جانب آخر من التغطيات العالمية، تطرّق الكاتب “مارك غونغلوف” في مقال نُشر عبر تريبيون كونتينت إلى التناقض بين الخطاب السياسي الذي يشهد تصاعدًا في إنكار تغير المناخ، وبين اتجاهات الأسواق العالمية التي تتصرف على أساس أن التحول المناخي حقيقة مؤكدة.
وأوضح الكاتب أن الأسواق تتحرك في مسارين متوازيين:
- التخفيف عبر الاستثمار في الطاقة النظيفة: إذ تفوق أداء المؤشرات العالمية للطاقة المتجددة، مدعومًا بالطلب المتزايد من قطاع الذكاء الاصطناعي، بينما بلغت الاستثمارات في التحول الطاقي 2.1 تريليون دولار في 2024.
- التكيف مع آثار المناخ: حيث حقق مؤشر “التحضير والإصلاح” مكاسب قوية، مدفوعًا بارتفاع كوارث الطقس وزيادة الطلب على خدمات التأمين والنفايات والبنى الأساسية.
وأشار المقال إلى أن الصين تتصدر الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة، رغم استمرار اعتمادها على الفحم محليًّا، فيما يظل الاقتصاد العامل الحاسم، إذ تنخفض تكلفة الطاقة النظيفة مقابل ارتفاع تكاليف الفحم.
واختتم الكاتب بالإشارة إلى أن بيانات الاستثمار تُثبت أن العالم يتجه نحو الطاقة النظيفة بغضّ النظر عن الجدل السياسي، فالعائدات الاقتصادية للتكيف والتخفيف أصبحت أكثر وضوحًا مع تجاوز الاستثمارات في التحول الطاقي قيمة الخسائر المناخية عالميًّا.
وبذلك تُظهر المقالات الثلاث اتجاهات عالمية متقاطعة: توترات اقتصادية نتيجة السياسات الحمائية، وتطورات متسارعة في علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي، وحقائق اقتصادية توجه العالم نحو مستقبل أكثر مراعاة للمناخ.





