“خبز العودة” لأمل المشايخ.. نصوص مكثفة تكشف اللحظات الإنسانية

عمّان في 22 ديسمبر 2025 /العُمانية/ تقدّم الكاتبة الأردنية أمل المشايخ في مجموعتها القصصية الجديدة “خبز العودة” تجربة أدبية تجمع بين الواقع والخيال، لتخاطب وجدان القارئ وتترك أثرًا في ذاكرته، مستكشفةً الإنسان بكل أبعاده: أفراحه وخيباته، نجاحاته وخساراته، وناسجة خيطًا يربطه بأمكنة نشأته وبيوته الأولى.

الصادرة عن دار “الآن ناشرون وموزعون”، تتألف المجموعة من نصوص قصيرة جدًا، تمتاز بروح شاعرية وعمق إنساني، حيث تضيء تفاصيل الحياة اليومية وتكشف الظلال في المشهد الاجتماعي المعاصر، مستندة إلى الرموز الميثولوجية والشعبية. وتستعيد الكاتبة حكاية الخبز كرمز للعودة، لتحوّله إلى استعارة كبرى عن الضياع والبحث عن الملاذ، وعن الحاجة إلى خيط يربط الإنسان بمعنى بيته الأول، الوطن والذاكرة.

رغم تنوع موضوعات القصص، إلا أنها مرتبطة بخيط إنساني واحد: الرغبة في استعادة المعنى والعودة إلى الذات، والبحث عن ما يجمع شتات الروح في عالم سريع ومتقلّب. وتتميز النصوص بالاقتصاد اللغوي، والمفارقة، والدهشة، والتكثيف للحظات الإنسانية، مع انتقال سلس بين المشاهد المختلفة.

وتظهر قصص المجموعة قدرة الكاتبة على تكثيف المشهد وإضفاء طاقة إيحائية عليه، من خلال جمل قصيرة مشحونة بالانفعالات، وعبارات تفتح مجالًا واسعًا للتأويل. وتتراوح النصوص بين السرد الواقعي الذي يلتقط المفارقات بذكاء، والفانتازيا والرمزية والمجاز، دون أن تفقد حرارة التجربة ونبض القضايا اليومية، محوّلة إياها إلى نقاط ملهمة للتجربة الإنسانية.

ففي قصة “الرجاء عدم الإزعاج”، تُعيد الكاتبة تخيّل علاقة الأحياء بالموتى، في مشهد فانتازي يستيقظ فيه الموتى لزيارة ذويهم حاملين الحلوى والكعك، قبل أن تعيد المدينة الباردة أرواحهم إلى صمت القبور، بما يكشف مفارقات الواقع وقسوته عبر الخيال.

أما قصة “ثلاثي الأبعاد”، فتستحضر مغامرات الواقع الافتراضي لتكشف عن مخاوف الإنسان العميقة من الموت والمجهول، متشابكة مع صور الطبيعة والمخلوقات الغريبة بين الحلم واليقظة.

وفي قصة “جوع”، تتعايش صورتان متناقضتان لطفلين في عالمين مختلفين: أحدهما يسأل عن “الجائزة” بعد تناول العشاء مرتين في حي أنيق، والآخر في مخيم للاجئين يُطلب منه أن يترك طعامه لأخيه الرضيع، لتبرز الكاتبة الفجوة الاجتماعية المتسعة بلغة بسيطة وصادمة.

كما تستند بعض القصص إلى رموز وجودية وفلسفية تتعمق في أسئلة النفس البشرية، ومعنى الطريق والاختيار والقلق الإنساني، بينما تركز نصوص أخرى على جماليات الطبيعة، مقدّمة إياها كمرآة للعاطفة الإنسانية وتجربة الحياة اليومية.

زر الذهاب إلى الأعلى