قرّتْ قلوبٌ

حمد الراشدي 
حمد الراشدي 

( بحر البسيط )

شعر : حمد الراشدي 

[email protected]

مسقط

٧ ذو الحجة ١٤٤٥ هـ – ١٤ يونيو ٢٠٢٤  م

قَرَّتْ قُلوبٌ بها الإيمانُ يَضْطَرِمُ

بذِكْرِ ذي الطَّوْلِ والتَّسْبيحِ تَرْتَزِمُ

كمْ قُلْتُ يا نَفْسُ كمْ تَبْقينَ في كَرَمٍ

ما زِلْتِ موْصولةً ، والفِكْرُ يَعْترِمُ

هلْ غَيْرُ مَنْ خَلَقَ الأكوانَ سائلةً

كشْفَ الضِّرارِ ، وقد أبْكىٰ ، لهُ ألَمُ

وهلْ تُنادينَ في الأهْوالِ عائذَها

بِلا دُعاءٍ إلى الرَّحْمٰنِ يَحْتدِمُ

ظَفَرْتِ بالذِّكْرِ تِرْحاباً وتَزْكِيَةً

وحُبُّ ذي العَرْشِ بالتِّذْكارِ يُغْتَنَمُ

قدْ أفْرَدَ اللهُ لِلْمَخْلوقِ سانِحةً

أَبْوابُها شُرِّعَتْ لِلنّاسِ إنْ عَزِموا

إنْ تَذْكُروني فَذِكْري حاصِلٌ لَكُمُ

قالَ الكريمُ ، ولا يَفْنىٰ لهُ كَرَمُ

والذِّكْرُ أكْبَرُ في التَّنْزيلِ بَيَّنَهُ

رَبُّ الجَلالِ ، وكمْ تُجْنىٰ بِهِ نِعَمُ

والذِّكْرُ قَوْلٌ وفِعْلٌ صادقٌ طَلَباً

لِوَجْهِ مَنْ عَظُمَتْ آلآؤهُ لَهُمُ

هٰذا فَسيحٌ مِنَ الأفْضالِ يَبْسُطُها

ربُّ العِبادِ ، لِمَنْ نادوا وما سَئموا

يا ربِّ أنتَ الذي تَعْفو وتَرْحمُنا

مِنْ شَرِّ نَفْسٍ على الزّلّاتِ تَغْتَرِمُ

جَعَلْتَ شُكْرَكَ في الآلاءِ زَوْدَتَها

والشُّكْرُ ذِكْرٌ بِهِ الأفعالُ تَنْسَجِمُ

والضُّرَّ تَكْشِفُ تَنْفيساً لِمَنْ قَصَدوا

أصْحابِ ضُرٍّ على الأنْفاسِ يَنْكَتِمُ

قَسَمْتَ للنّاسِ في الأزْمانِ رِزْقَهُمُ

وما قَطَعْتَ على السّاعينَ ما غَنِموا

أَمِنْتَ لِلْعَبْدِ في الغاياتِ يَبْلُغُها

إذا اسْتعانَكَ ، و الأيَّامُ تَرْتَطِمُ

أسْدَلْتَ سِتْراً فلا ذَنْبٌ يُذاعُ بهِ

والعَفْوُ يُسْرٌ مَتى تُدْعىٰ ويُعْتَصمُ

غارَتْ لِنورِكَ في الظّلْماءِ كالِحَةٌ

مِنَ الهُمومِ فما تَبْقىٰ لها غِيَمُ

إنَّ الكتابَ الذي أنْزَلْتَ مُحْكَمَهُ

أحْيا الأنامَ كما تُحْيىٰ لهُمْ رِمَمُ

بَعْدَ المفاسدِ ما سُدَّتْ ذرائعُها

والعَقْلُ بالجَهْلِ مَلْبوسٌ ومُعْتَمَمُ

وجاءَ بالحقِّ والدِّينِ الذي سَعِدَتْ

بهِ الخلائقُ ، والأخلاقُ والشِّيَمُ

شَريعةٌ رَسَّخَتْ بالعِلْمِ جَوْهَرَها

آياتُ عَدْلٍ بها الإحْسانُ يَنْتَظِمُ

أوْفى النّبِيُّ بها في غيرِ مُلْتَبَسٍ

فَطوَّحَتْ بالمَخازي واعْتَلَتْ قِيَمُ

صَدَّ الجُحودَ بَيانٌ جاءَ مُعْجِزَةً

أعْيَتْ لُحاةً مِنَ الكُفّارِ إذْ ظَلَموا

مُحاوِلينَ مع النُّكْرانِ تَغْطِيةً

دَعْوىٰ تَحَدٍّ ، وَما كادوا بِهِ انْهَزَموا

لمْ يَتْركوا رِيَباً بالحِقْدِ شاخِصَةً

إلاّ وغاروا ولنْ تُسْدىٰ لُهمْ لُحَمُ

ما صَحَّ زَيْفٌ مِنَ الحُسّادِ إذْ نَسَجوا

وما اسْتطاعوا على الآياتِ أنْ يَصِموا

حتّى إذا ظَهرتْ شمْسُ الهُدىٰ ولها

شَمْسُ الحقيقةِ قد جَلَّتْ بها أُمَمُ

لمْ يَبْقَ للسّادرينَ الليلَ مِنْ وَطَرٍ

إلاّ التّمنّي بما ظَنّوا وما رَجِموا

هَيْهاتَ يلْقَوْنَ في الآفاقِ صاغِيةً 

مِنَ القُلوبِ سِوىٰ مَنْ مِثْلُهُمْ دُهِمُوا

والنُّورُ يَغْشىٰ لها الأذهانَ ما فُتِحَتْ

وما تَيَقَّظَتِ الأبْصارُ والفِهَمُ

لٰكِنَّ مَنْ رانَ قَلْباً بالسَّوادِ طُلِي

يُبقي الغُبارَ مَع الأحْقادِ يَلْتَحِمُ

دارَتْ عُصورٌ وما دارتْ بها فِكَرٌ

أهْلُ الضّلالِ لَهُمْ نَفْخٌ بِهِ تُخِمُوا

رَغْمَ السُّطوعِ على الغادينَ مَعْرِفةً

تُبْنىٰ ، على أُسَسِ الإيمانِ تَسْتَنِمُ

ورَغْمَ ما زهَرتْ بينَ الورىٰ دُوَلٌ

بالحقِّ قامتْ وبالإسلامِ تَعْتَصمُ

لازالَ مَنْ شَرقَتْ بالإفْكِ أَنْفُسُهمْ

يَرْمونَ سَهْماً على القرآنِ ما وَهِموا

ويَدَّعونَ على المُخْتارِ تَفْرِيَةً

زَيْفٌ قَديمٌ مِنَ الأحْقادِ يَلتَطِمُ

قد قالَ سابِقُهُمْ ظُلْماً بِما نَفَثوا 

مِنَ السُّمومِ نَفاها الصُّمُّ والبُكُمُ

فكيفَ بالسّامِعينَ القَوْلَ إذْ نَصَتوا

وكيفَ بالْمُبْصِرينَ الآيَ إذْ نَعِموا ؟

ليْسَ المَجالُ هُنا عَرْضَ الدّليلِ على

بَلاغةِ الذّكْرِ كَيْ تَجْلو ، فلا تُهَمُ

فذاكَ قد كَفَلَتْ دُرُّ البيانِ بِهِ

وليسَ يَخْفى لِذي قَلْبٍ لهُ ذِمَمُ

ألَمْ يَرَوْا أنَّ في التّنْزيلِ طائفةً –

تدْعو النبيََ – مِنَ الآياتِ تَزْدحمُ

وأُخْرَياتٍ لها التَّوْجيهُ تَقْصُدُهُ

لكيْ يَسُوسَ وأُسَّ العَدْلِ يَحْتكِمُ

وما خلا الآيُ مِنْ نَهْيٍ يكونُ لِما

رامَ النَبيُّ بهِ ، واللهُ لا يَرِمُ

وَحقِّ مَنْ سَجَدتْ سَبْعٌ لهُ وعَنَتْ

أيَكْتُبُ النَّهْيَ فِيهِ مَنْ لهُ القَلَمُ ؟

جَلَّ الرّسولُ ، ومَنْ طافتْ كتائبُهُ

تَمْحو الضّلالَ فلا يَقْوىٰ ولا يَقِمُ

ومَنْ لهُ مِنَنٌ للرَّبِّ خَصَّ بِها

” مُحَمَّداً ” للْهُدى يَدْعو ويَرْتَسِمُ

 ليَصْبحَ النّاسُ في نُعْمىٰ وعافِيةٍ

ولا يُضارونَ مَهْما اسْوَدَّتِ الدُّهُمُ

تَخَيَّرَ المُسْلِمونَ النَّهجَ أصْلَحَهُ

ساروا اصْطِفافاً على عَهْدٍ لهُ سِيَمُ 

وَطَوَّقوا الأرضَ إنْصافاً ومَعْدلةً

وجِيدَ بالْعِلْمِ ما ساسوا وما رَسَموا

هِيبَ الجَنابُ وقدْ عَضّوا نَواجِذَهُمْ

على كريمٍ مِنَ الأخلاقِ يُلْتَزَمُ

مازالَ ذا العَهْدُ محفوظاً ومُحْتَرَماً

حَتّى إذا خُرِمَتْ أخْلاقُهمْ خُرِموا

مِنْ قُبَّةِ المَجْدِ إذْ حَلّوا بها زَمَناً

تَدَحْرَجوا شِيَعاً ، والبأسَ قد حُرِموا

في ذا الزّمان يَسيحُ العُرْفُ في لُجَجٍ

والكلُّ ساحَ غُثاءً في الذي عَرِمُ

لا شَيْءَ يُوقِفُ تَيّاراً لجارِفَةٍ

مِنَ النّزُولِ إلى أدْنى بمَنْ غُرِموا

بالْمُغْرِياتِ لِذاذٍ عِنْد طالِبها

وقدْ تَمازَجَ فيها السُّمُّ والدَّسَمُ

نِيلَ الصّوابُ لدى أعْلى مَراتِبِهِ

واسْتُدْرِجَ العَقْلُ مِنْ عالٍ ، غدا يَهِمُ

في التِّيهِ ، لا رُشْدَ يُقصي النّفْسَ ناجِيةً

مِنَ المَزالقِ فيها القاصِمُ الوَخِمُ

دَعْوى التّمَدُّنِ قدْ ألْقَتْ بكلْكلِها

على الصُّدورِ بِما يُعْمِي وما يَصِمُ

وصَارَ حَبْلُ الحياءِ انْحَلَّ فاتِلُهُ

مُرْخَىً غدا أيْنما نادوا لِما وَلِموا

وبعْدهُ كلُّ ما يُبْقي الوَرى بَشَراً

بفِطْرةِ اللهِ ، لمْ يَسْلمْ لهُ أدَمُ

إنْ كانَ مَنْ نَزعوا الأخلاقَ وازِعَها

مِنَ الذينَ على الأخلاقِ ما فُطِموا

ما بالُ مَنْ كُتِبَتْ ألْواحُهُمْ وَرَبَتْ

أرْواحُهمْ حَيْثُما يَسْمو لها نَسَمُ ؟

يَقْفُونَ آثارَهمْ في كُلِّ سادرَةٍ

بالسُّوءِ مِنْ كُلِّ ما تَدْنو بهِ النِّقَمُ

أهُو انْقِيادٌ بلا فِكْرٍ ولا بَصَرٍ

أمْ عنْ ذُهولٍ وإعْجابٍ بِمَنْ غَلِموا ؟

إنَّ المَكارِمَ إنْ حادتْ بِها سُبُلٌ

عَنِ الصِّراطِ ، فلا يَعْلو لها عَلَمُ

إنَّ الذي يَجْمعُ الإنْسانَ مِنْ نَسَبٍ

حُسْنُ الطّبائعِ لا يُنْكا لها وَرَمُ

وقَبْلُها فِطْرةُ المَوْلى التى حَفَظتْ

للرُّوحِ والجسْمِ ، والأخلاقُ تُحْتَشَمُ

مَوْلايَ كَرَّمْتَ للإنسانِ خِلْقَتَهُ

أنتَ البديعُ ، لِما صَوَّرْتَ لا ثَلَمُ

مَوْلايَ أنْزَلْتَ بالقُرآنِ مَعْرِفَةً

تُطْوىٰ بها لُفَعُ الأجْهالِ والغَسَمُ

موْلايَ أبْدَلْتَ بالطُّغْيانِ مَسْطَرَةً

بالعدْلِ يُقْضىٰ فلا حَيْفٌ ولا نَدَمُ

مَوْلايَ إجْعَلْ بَني الإسلامِ في رَشَدٍ

وابْدِلْ بِضُعْفِهُمُ لِلْجوْرِ مُشْتَرَمُ

واحْفظْ عُراهُمْ مِنَ النَّعْراتِ تُوهِنُها

وافْرضْ على عهْدِهمْ : لا شَيءَ يَنْفَصِمُ

مَوْلايَ أحْسَنْتَ بالْغُفْرانِ مِنْكَ وقدْ

أغْدَقْتَهُ كرَماً لِلْعَبْدِ يَسْتَلِمُ

فاغْفرْ لِيَ الذَّنْبَ مِنْ فِعْلٍ ومِنْ تَرَكٍ

وامْسَحْ ذُنوبي ، لكَ الإجْلالُ والعِظَمُ

زر الذهاب إلى الأعلى