نمو الأنشطة غير النفطية بسلطنة عُمان بمعدل 4.2 بالمائة
مسقط – العُمانية
شهد الوضع المالي والاقتصادي لسلطنة عُمان تقدمًا إيجابيًّا متواصلًا منذ بدء تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة 2021-2025 كمرحلة تنفيذية أولى لرؤية “عُمان 2040”.
وأكد سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد أن سلطنة عُمان قطعت شوطًا واسعًا في الوصول للاستدامة المالية التي تعد ممكنًا رئيسًا لتحقيق مستهدفات رؤية “عُمان 2040” وتمكنت من استعادة قوة مركزها المالي من خلال التنفيذ الناجح للخطة المالية متوسطة المدى وسرعة سداد الدين العام، وعززت الأسعار المواتية للنفط خلال الأعوام الماضية استمرار تحقيق الفوائض المالية في الميزانية العامة وتوجيه الجانب الأكبر من هذه الفوائض لتسريع سداد الدين وخفض أعبائه بالاستباقية في استبدال القروض المكلفة بأخرى ذات كلفة مواتية.
وقال سعادته في حديث لوكالة الأنباء العُمانية: إن التحسن الكبير في المؤشرات التنافسية الدولية لسلطنة عُمان خلال العامين الأخيرين ورفع التصنيف الائتماني لها إلى أولى درجات الجدارة الاستثمارية يأتي نتيجة نجاح جهود الاستدامة المالية والاقتصادية؛ ما يحقق جاذبية أعلى للاقتصاد خاصة مع استمرار التحسن الذي تشهده تنافسية بيئة الاستثمار والفرص الاستثمارية الواسعة التي يتيحها التوجه نحو تنويع وتعدد روافد نمو الاقتصاد.
وأشار سعادته إلى أنه من أهم مستهدفات الخطة الخمسية العاشرة الحالية تعزيز الإدارة الفاعلة للتنمية وتحفيز النشاط الاقتصادي بالشراكة مع القطاع الخاص ودعم دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوسيع قاعدة التنويع الاقتصادي وتطوير آليات وبرامج الهياكل الإنتاجية.
وأضاف سعادته أنه من خلال المبادرات والبرامج الاستراتيجية للخطة العاشرة التي بلغ معدل تنفيذها نحو 90 بالمائة بحلول العام الجاري، حققت الخطة العديد من المنجزات في مستهدفات محور الاقتصاد والتنمية الذي يعد أولوية خلال الفترة الأولى لتنفيذ رؤية “عُمان 2040″، حيث يركز المحور على أولويات التنويع الاقتصادي والقطاع الخاص وتعزيز الاستدامة المالية والاقتصادية والاجتماعية وتشمل هذه المنجزات في المسار الاقتصادي دعم أداء قطاعات التنويع واستمرار نمو الناتج المحلي وزيادة جذب الاستثمارات وتحفيز وتمكين القطاع الخاص.
وأكد سعادته أن مستهدف الخطة الخمسية العاشرة نحو توسعة القاعدة الإنتاجية للاقتصاد وتعزيز الهياكل الإنتاجية يحقق تقدمًا من خلال العدد الكبير من المشروعات التي تم تشغيلها خلال الفترة الماضية ضمن الميزانية الإنمائية للدولة ومن خلال استثمارات القطاع الخاص وبالشراكة مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة، وهي تعزز التطور المستمر في هيكل النمو الاقتصادي في سلطنة عُمان وتسهم في توسعة دور التنويع الاقتصادي في تحقيق المستهدفات الوطنية لتمكين القطاع الخاص من قيادة النمو وتوليد فرص العمل المستدامة عبر مشروعات التنويع الاقتصادي وتعزيز مصادر الإيرادات غير النفطية.
وأوضح سعادته أن سلطنة عُمان تشهد حاليًّا تنفيذ عدد من المشروعات الواعدة التي تشمل صناعات الهيدروجين الأخضر، ومشروع السكة الحديدية الذي يمثل أهمية كبيرة في تعزيز نمو عدة قطاعات خاصة قطاع اللوجستيات ويدعم الروابط الأخوية الوثيقة بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، كما يجري العمل في المنطقة الاقتصادية المتكاملة بمحافظة الظاهرة التي يتم تنفيذها بالشراكة مع المملكة العربية السعودية في إطار التعاون بين البلدين الشقيقين في العديد من المجالات.
وقال سعادته إن الإنفاق الإنمائي للدولة يواصل دعم البنية الأساسية والخدمات لمنظومة المناطق والمدن الصناعية والحرة والتي يتم من خلالها إنشاء مدن جديدة في عدد من المحافظات، وتشهد هذه المدن الصناعية والحرة نموًّا في حجم الاستثمارات وزيادة في المشروعات النوعية التي تمثل قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد خاصة في تصنيع المعادن واستغلال الموارد الطبيعية وتعزيز قيمتها المضافة وصادرات سلطنة عُمان من المنتجات التي يتزايد الطلب عليها في الأسواق العالمية.
وبيّن سعادته أن بدء تشغيل عدد كبير من المشروعات في العديد من القطاعات يعزز تحقيق مستهدفات التنويع الاقتصادي، ومن أهمها مصفاة الدقم التي تم افتتاحها بداية العام الجاري وتمثل إضافة كبيرة لنمو أنشطة الصناعات التحويلية وزيادة عائدات الدولة من خلال التصدير ودعم مستهدفات التعمين، كما تم افتتاح عدد كبير من المشروعات في قطاعات الصناعات الدوائية والسمكية وغيرها من القطاعات.
وفي جانب النمو الاقتصادي، أوضح سعادته أن الاقتصاد العُماني حقق نموًّا على مدار السنوات الماضية من الخطة العاشرة بدعم من البرامج الوطنية التي تستهدف تسريع تحقيق توجهات التنويع في الخطة العاشرة وتنفيذ الجانب الأكبر من المبادرات والبرامج الاستراتيجية للخطة العاشرة التي تعزز أداء قطاعات التنويع وتوسعة القاعدة الإنتاجية للاقتصاد والوصول إلى الاستدامة المالية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن الزيادة في إجمالي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الخطة الخمسية الحالية تدعم التقدم في مسار التنويع الاقتصادي.
ووضح سعادته أن الإجمالي التراكمي للاستثمار الأجنبي المباشر في سلطنة عُمان وصل بنهاية النصف الأول من العام الجاري إلى نحو 26 مليار ريال عُماني مقارنة مع حوالي 17.8 مليار ريال عُماني بنهاية أول أعوام الخطة الخمسية في عام 2021م، وسجل الناتج المحلي الإجمالي مقومًا بالأسعار الثابتة خلال عام 2023م نموًّا بنسبة 1.2 بالمائة وبلغ إجماليه 38.3 مليار ريال عُماني.
وقال سعادته إن بيانات النصف الأول من عام 2024م تشير إلى ارتفاع نمو الناتج المحلي مقومًا بالأسعار الثابتة بنسبة 1.9 بالمائة وبنسبة 2.6 بالمائة بالأسعار الجارية مقارنة مع النصف الأول من عام 2023م، وزاد حجم الناتج المحلي الإجمالي مقومًا بالأسعار الثابتة من 18.4 مليار ريال عُماني إلى 18.7 مليار ريال عُماني، في حين سجل بالأسعار الجارية ارتفاعًا من 20.4 مليار ريال عُماني إلى ما يقارب 21 مليار ريال عُماني.
وأضاف سعادته أن رؤية “عُمان 2040” تستهدف تحقيق متوسط معدل نمو سنوي للناتج المحلي بنسبة 5 بالمائة، والمتوسط المحقق فعليًّا حتى الآن يقترب من المعدل المستهدف حيث سجل نحو 4.5 بالمائة خلال السنوات الثلاث الأولى من تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة.
وحول التقدم في توجهات التنويع وخفض الاعتماد على النفط، أشار سعادته إلى أن الخطة الخمسية العاشرة تستهدف معدل نمو للقطاعات غير النفطية بمتوسط 3.2 بالمائة سنويًّا والرفع التدريجي لمساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى نحو 90 بالمائة بحلول عام 2040، موضحًا أنه من أهم أوجه التقدم التي حققتها الخطة الخمسية الحفاظ على نمو متواصل للاقتصاد وترسيخ مسار الأنشطة غير النفطية نحو التوسع والنمو بما يحقق مستهدفات النمو لهذه الأنشطة.
وأكد سعادته أنه مع اقتراب انتهاء الخطة الخمسية من عامها الرابع، أصبح ملمحًا أساسيًّا لتوجهات النمو في سلطنة عُمان الزخم المتزايد الذي يكتسبه توسع الأنشطة غير النفطية والأداء الإيجابي لهذه الأنشطة التي قادت استمرارية نمو الاقتصاد على مدى العامين الماضي والحالي.
وأوضح سعادته أن الإحصاءات تبين أن معدل نمو الأنشطة غير النفطية سجل 2.4 بالمائة وبلغت قيمتها المضافة للناتج المحلي الإجمالي مقومًا بالأسعار الثابتة 27.3 مليار ريال عُماني في عام 2023م، وحققت الأنشطة غير النفطية خلال النصف الأول من العام الجاري نموًّا بمعدلات جيدة بنسبة قدرها 4.2 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وارتفع إجمالي مساهمة هذه الأنشطة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة إلى 13.5 مليار ريال عُماني بنهاية النصف الأول من العام الجاري مقارنة مع نحو 13 مليار ريال عُماني خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وقال سعادة الدكتور وكيل وزارة الاقتصاد: إن نسبة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي مقومًا بالأسعار الثابتة بلغت 72.2 بالمائة بنهاية النصف الأول من عام 2024م، كما ارتفع إجمالي مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي بالأسعار الجارية من 13.7 مليار ريال عُماني بنهاية النصف الأول من 2023م إلى 14.4 مليار ريال عُماني بنهاية النصف الأول من 2024م بنسبة نمو 5 بالمائة، وسجلت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية نسبة 68.7 بالمائة.
وفي ظل المتغيرات التي تشهدها أسواق النفط، بين سعادته أن معدل نمو الأنشطة النفطية تراجع بنسبة 2.5 بالمائة وانخفضت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة من 6.2 مليار ريال عُماني خلال النصف الأول من 2023م إلى حوالي 6 مليارات ريال عُماني خلال الفترة المماثلة من العام الجاري؛ نظرًا لانخفاض إجمالي أنشطة النفط الخام بنسبة 4 بالمائة بينما سجلت أنشطة الغاز الطبيعي زيادة بنسبة 6.6 بالمائة.
وحول جهود التنمية المحلية، أوضح سعادته أن برنامج تنمية المحافظات يعد أحد البرامج الاستثمارية الاستراتيجية المستحدثة ضمن الخطة الخمسية العاشرة من قبل وزارة الاقتصاد تنفيذًا للتوجيهات السامية بتخصيص 20 مليون ريال عُماني لكل محافظة خلال سنوات الخطة الخمسية الحالية بدءًا من عام 2022م؛ لتسريع تنفيذ أولوية تنمية المحافظات في رؤية “عُمان 2040” والوصول لتوازن وعدالة التنمية في كافة المناطق والمحافظات وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين من خلال تقديم برامج اقتصادية واجتماعية مختلفة والارتقاء بالخدمات التي يتم توفيرها في مختلف المجالات والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية بحسب المزايا النسبية لكل محافظة وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
وقال سعادته إن برنامج تنمية المحافظات يأتي أيضًا ضمن التوجه نحو اللامركزية بهدف تطوير الخدمات وإعطاء دور أكبر للمحافظات والبلديات المحلية لإدارة مواردها الاقتصادية وإيجاد بيئة استثمارية ملائمة في المحافظات وبناء شراكات قوية مع المجتمع والقطاع الخاص، مشيرًا إلى أنه خلال الفترة من عام 2021م وحتى عام 2023م بلغ عدد المشروعات التي تم تنفيذها والجاري تنفيذها في المحافظات 606 مشروعات تتضمن تجميل المواقع السياحية والواجهات البحرية والإطلالات وتطوير الحدائق والمماشي الرياضية والميادين المخصصة للمهرجانات والمعارض وتطوير بعض المناطق التجارية والأسواق ودعم مشروعات الشباب.
وذكر سعادته أنه يتم اختيار مشروعات برنامج تنمية المحافظات بناء على الخطة السنوية التي تقدمها المحافظات، حيث تجري وزارة الاقتصاد تقييمًا للتقدم في أداء المحافظات وفق منهجية ومعايير محددة من بينها الالتزام بمحددات اختيار المشروعات وفق أولويات رؤية “عُمان 2040” وبرامج الخطة الخمسية العاشرة وبرنامج تنمية المحافظات، كما تتضمن معايير التقييم عدد الفرص الوظيفية التي يتم توفيرها مقابل الصرف، وغيرها من المعايير الأخرى، مضيفًا أنه بناء على نتائج التقييم لعام 2023م حققت محافظتا البريمي وجنوب الباطنة المستوى الأعلى من حيث الأداء وفق المنهجية التي تم اعتمادها لغايات تقييم برنامج تنمية المحافظات.
وأوضح سعادته أن وزارة الاقتصاد قامت خلال العام الجاري بتدشين “مؤشر تنافسية المحافظات” كأداة استراتيجية لتوجيه الاستثمارات وتحديد الأولويات التنموية والحصول على صورة شاملة عن الأداء التنموي لكل محافظة وتحديد الفرص والتحديات وتعزيز الشفافية ودعم صُنّاع القرار في وضع السياسات والخطط التنموية المستندة إلى بيانات دقيقة وموثوقة تستخدم في تقييم النتائج المحققة وقياس الأداء عبر مجموعة من المعايير والمؤشرات الفرعية التي تغطي مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبنية الأساسية والتعليم والصحة وغيرها من القطاعات الحيوية.
وأشار سعادته إلى أن هناك جهودًا حثيثة من قبل كافة الجهات المعنية لرفع معدلات التوظيف وإلإحلال في مختلف القطاعات وتدريب وتأهيل المواطنين بما يعزز مهاراتهم وتنافسيتهم في سوق العمل، وتشجيع ودعم العمل الحر والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة باعتباره من أهم القطاعات التي توفر فرصًا مجدية للعمل وتسهم في تمكين الشباب.
وقال سعادة الدكتور وكيل وزارة الاقتصاد إن هناك أثرًا إيجابيًّا يحققه تنفيذ الجانب الأكبر من البرامج الاستراتيجية للخطة الخمسية العاشرة ومن أهمها برنامج المحتوى المحلي وبرنامج توسعة المحافظ الإقراضية وغيرها من البرامج التي تقدم دعمًا متزايدًا لنمو القطاع الخاص وريادة الأعمال وتتيح فرصًا جديدة لعمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز أنشطة القطاع الخاص وزيادة دوره في توليد الوظائف.
وحول تطورات التضخم، بيّن سعادته أن هناك تراجعًا حاليًّا على مستوى معدلات التضخم العالمية التي تفاقمت في الفترة ما بعد تفشي الجائحة، مشيرًا إلى أن معدل التضخم في سلطنة عُمان خلال العام الجاري يواصل البقاء عند مستويات منخفضة، وخلال ذروة ارتفاع التضخم عالميًّا، نجحت سلطنة عُمان في احتواء التضخم وإبقائه عند معدلات منخفضة.
وأشار سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد إلى أنّ التدابير والسياسات الحكومية حدت من ارتفاع التضخم وتأثيراته على مستوى معيشة المواطنين وعلى نمو الاقتصاد من خلال زيادة مخصصات الدعم الاجتماعي وتثبيت أسعار الوقود ودعم السلع الغذائية وتوسعة قائمة السلع الغذائية المعفاة من ضريبة القيمة المضافة، مضيفًا أن سلطنة عُمان تحرز تقدمًا مستمرًا في تنفيذ مستهدفات رؤية “عُمان 2040” بهدف الوصول للرفاه الاجتماعي وتحسين مستويات المعيشة من خلال تعزيز الإنفاق على الخدمات الأساسية في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان ومخصصات الدعم والمساهمات في ميزانية الدولة لتخفيف أعباء الأزمات العالمية وتحسين مستوى المعيشة، ويعد تطبيق المنظومة المتكاملة للحماية الاجتماعية في بداية العام الجاري خطوة مهمة نحو تعزيز الأمان الاجتماعي والوظيفي وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال ما تقدمه منظومة الحماية من منافع للعديد من فئات المجتمع.