متحف السيارات السلطانية بقصر البركة العامر ومقاربة للتاريخ الذي يمشي على أربع عجلات

حمود السيابي

————————
حمود بن سالم السيابي
—————————
هنا بعض ذوق السلطان الخالد الذكر.
بعض نشيج الدروب “تدوزنها” إطارات سياراته.
بعض أناقته العابرة للأزمنة.
ومن داخل أسوار قصر البركة العامر وعلى بعد “عقَّة” وَرْدٍ من مرافق القصر تجتمع أشهر “براندات” السيارات بهديرها المعتَّق في سمْع الزمن.
وبرائحة خشب الجوز الذي احتطبته الأمس.
وبالفخامة المجللة بجمال ورونق الأيام.
وبتوجيهات من السلطان الخالد الذكر قابوس بن سعيد التقتْ كل هذه الأيقونات تحت سقف باذخ على خاصرة من “لاند سكيب” القصر لتبرق على منصات من المرمر ، ولتسرد من وقفتها الصامتة حكاياتها الحالمة.
وكانت رغبة السلطان الخالد الذكر أن يقتصر التطواف بالمحتويات الآسرة للمتحف السلطاني للسيارات على كبار ضيوفه فقط ، بينما شاء مولانا الهيثم المعظم حفظه الله ورعاه أن يكون المتحف إضافة للمشهد الحضاري والثقافي فترتاده الأجيال.
وبمقتضى هذا التوجيه السامي الكريم سيتيح المتحف نزهة بصرية لضيوف جلالته ولعشاق التاريخ الذي يسير على أربع عجلات عبر التطواف في ١٣٠ عاما مذ كانت السيارة فكرة ، فومضة حلم فوسيلة تسابق الريح.
وفي هذا المتحف القادم من عام ٢٠١٢م والذي سيفتتح اليوم العاشر من ديسمبر عام ٢٠٢٤م تحت رعاية صاحب السمو السيد بلعرب بن هيثم آل سعيد سيلتقي الزائر بأمثلة لانتصارات الإنسان على المسافات.
وسيطوف بنماذج ثورية خرجت من كتب التاريخ المبكر لهذه الصناعة فلامستْ إطاراتها الرمل وهشَّمتْ الحجر وشربت مع عشب السهوب الندى.
وسيقف الزائر على نماذج قريبة منه ، ولطالما سكنتْ وجدانه وانعجنت بتاريخه حتى ظُّن أنها بعض إرثه ومنجزه المتحقق.
ومن بين هذه الطرازات التي سيصافح فيها الزائر أمسه ويتنفس العطر العالق في المقود وعلى كساء جلد المقاعد وفي خشب الجوز وعلى الاكسسوارات المضافة والتي شكلت في حينها خطوة ثورية وانتقالة مبهرة ، مقتنيات اقترنتْ بقادة المسيرة المباركة.
إذ تتعانق في المتحف الأسماء والمناسبات والمقتنيات.
وسيُمَكِّن المتحف من لم تكتحل عيونهم برؤية صناع تاريخه من استشراف مقتناياتهم ، ومقاربة أناقة الخيارات.
ومن بين كنوز المعرض سيطالع الزائر سيارة المغفور له السلطان سعيد بن تيمور وهي من طراز “كرايسلر إمبريال كراون” والمصنوعة عام ١٩٥٤م.
وسيقف الزائر طويلا أمام أيقونة المتحف المتمثلة في السيارة “ديملر ماجستيك” القادمة من عام ١٩٢٣م وهي من مقتنيات السلطان قابوس طيب الله ثراه.
كما سيعيد المتحف زعفران دروب السيب حيث “المارسيدس ٢٨٠ أس” المصنوعة عام ١٩٧٠م. والتي سبق واقتنصتها “كامرة” الإعلامي الكبير الأستاذ ذياب العامري أمام حصن السيب وشاطئ بحرها الأزرق فرآها المواطنون في الصور.
وسيفتح المتحف كتاب الجولات السامية فتستذكر العيون تلك “الرنج روفر” الخضراء التي جابتْ عمان من دمعة شوق لرفة هدب يزغرد.
وسيرى الزوار سيارة ال”رولز رويس فانتوم ٧١” التي سارت بالخالد الذكر في شوارع إنجلترا ليشهد حفل التخرج في أكاديمية ساندهيرست تحت رعايته السامية عام ١٩٨٣م.
ويرى السيارة المتشحة رقم ٢٥ طراز “أودي سِكْس أي” والمصنوعة بطلب خاص عام ١٩٩٥م. لتخليد عيد اليوبيل الفضي لعهد النهضة المباركة.
وسيتوقف الزائر عند السيارة
“بورش ٩١١ تيربو” من طراز ١٩٧٦م وهي للمغفور له سمو السيد طارق بن تيمور آل سعيد أول رئيس للوزراء في نهضة عمان الحديثة.
وقد شاء المقام السامي لمولانا الهيثم المعظم أن يجعل سيارته “الفيراري ٥٥٠ مارنيلو” وهي من طراز عام ٢٠٠١م. وسيارته “وايزمان جي تي أم أف فايف” طراز عام ٢٠١٠م. ضمن كنوز هذا المتحف الباذخ بروائعه وأيقوناته النادرة.
ولارتياد هذا الصرح الثقافي فقد حددت الجهة المسؤولة أياما للزيارة
وعبر الحجز الألكتروني المسبق.
ويبقى التاريخ الماشي على أربع عجلات إرثا إنسانيا ملهما.
وتمكين الناس من مقاربة هذا التاريخ لهي لفتة نبيلة.
وكما تبحرت الناس طويلا في أرومات النجائب التي طوتْ الفيافي والقفار ، وتتبعتْ جذورها في الأصلاب الشامخة ، فإن المتحف بكنوزه ومعروضاته سيوفر مقاربة أخرى لأرومات من الطرازات الأصيلة.
—————————
مسقط في العاشر من ديسمبر ٢٠٢٤م.

زر الذهاب إلى الأعلى