فيلم ” The Iron Claw” .. قطعة فنية مكتملة الأركان

محمد الشريف
كاتب وصحفي سعودي

نيتي مع بداية هذا العام، أن أكتب عن فيلم “مندوب الليل” وهو العمل الأفضل في تاريخ السينما السعودية، أو عن أبرز منظومة مسرحية في تاريخ المسرح السعودي (فنك) لأنهما ببساطة أفضل إنجازات 2023.

حتى وقعت عيني بالصدفة على بوستر فيلم” The Iron Claw” أو المخلب الحديدي” في أحدى صالات السينما بجدة، وأخذني الفضول لاكتشف بعد مشاهدته أنني أمام قطعة فنية مكتملة الأركان وتحفة سينمائية تأسر الحواس والقلوب.

الفيلم يصنف سيرة ذاتية، ويروي قصة حقيقة لحياة عائلة “فون إريك” الأمريكية، وكيف تحول حلمها في تحقيق الفوز ببطولة المصارعة الحرة الأمريكية إلى هاجس يتسبب في لعنة تصيب أفرادها بالموت.

في هذا الفيلم نجح المخرج شون دوركين وهو أيضا كاتب السيناريو في تحويل هذه القصة المظلمة المليئة بالمشاعر والأحزان إلى فيلم يعتبر قدوة، في سلسلة البناء والتطوير للأحداث الدرامية في المشهد، دون الوقوع في المبالغات، على الرغم من طابع القصة الأصلية الكئيب. وهو ما سهل تقديم رؤية إخراجية بسيطة ومشوقة رغم كثرة التفاصيل، للعلاقة المعقدة بين الأشقاء من جهة وبينهم وبين الأب من جهة أخرى، مما جعلني أستمتع بكل لحظة بدون أن أشعر بأي ملل رغم طول الفيلم.

فالعلاقة التي تبدو قوية ومتماسكة ونموذجية في الجزء الأول من أحداث الفيلم؛ بسبب صرامة مبالغ فيها، صنعها الأب من أجل تحقيق حلمه بفوز أحد أبنائه ببطولة فشل في الفوز بها في شبابه، نراها في الجزء الثاني من الفيلم تنهار بشكل تدريجي، وتتحول لكابوس ولعنة تصيب الأبناء الأربعة في مقتل.

وهنا لا بد أن أقول إن التمثيل كان بحق استثنائي ومدهش إن لم يكن مبهراً في جوانب كثيرة من الفيلم بالذات أداء بطل الفيلم الممثل زاك إيفرون في دور الابن الأكبر (كيفن) فقد شعرنا معه بقوة العاطفة والحب بين الإخوة الأربعة، وعشنا معه انتصاراتهم ومآسيهم، وآمالهم ويأسهم، ومحاولتهم الجاهدة لتحقيق حلم لم يكن حلمهم، بل حلم الأب.

فيما يتعلق بالتصوير السينمائي، فقد قُدِّمَت صورة بصرية مدهشة تعكس فترة الثمانينات التي تتمحور فيها الأحداث. وأعجبني بشكل خاص استخدام الإضاءة والظل لإبراز الجوانب الاجتماعية والنفسية لعالم المصارعة الحرة، وكيف يمكن أن يكون مكانًا قاسيًا ومؤثراً على الأشخاص الذين يعملون فيه، مكانا امتزج فيه جمال الروح الإنسانية وقسوة الحياة وشغف الاندفاع نحو الثراء وتحقيق الشهرة، على الرغم من أنها مجرد عروض ترفيهية صُنِعَت لأغراض التسلية.

هذا الفيلم ترك في ذاكرتي بصمة لن تمحى، وأحدث نشوة ذكرتني بصدفة قراءة كتاب ممتع وعميق يحكي قصة حزينة ومؤثرة بأسلوب ملحمي، وهو من وجهة نظري أفضل فيلم في عام 2023.

زر الذهاب إلى الأعلى