حدثني عن غزة هاشم..!!

م . طلال القشقري
لو تمكَّن كيانُ الاحتلال الإسرائيليِّ بسلاح الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة -لا قدَّر اللهُ- من تهجير الفلسطينيِّين من غزَّة، والاستيلاء عليها، لَتَمَزَّقَت صفحةٌ من صفحاتِ ديوان التَّاريخ العربيِّ في الجاهليَّة، وبعد بزوغ شمس الإسلام!.

ألا وهي صفحةُ سيرةِ الجدِّ الثَّاني للنبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمِ- هاشم بن عبد مناف، الذي كان من سادات قُريش، وأحد أعلامها، ويُنسبُ إليه فضلُ تنظيمِ رحلتَي تجارة الصَّيف والشِّتاء المذكورتَينِ في القُرآن الكريم، بين الجزيرة العربيَّة، وبين اليمن والشَّام، وكانتا من أهمِّ عوامل ازدهار قُريش ومكانتها بينَ العرب.

وكان هاشم تاجرًا مرموقًا، وأثناء إحدى رحلاته إلى الشَّام، وصل بقافلته المُحمَّلة بالبضائع إلى غزَّة، على ساحل البحر الأبيض المتوسِّط، لكنَّه مَرِضَ وتُوفِّي ودُفِنَ فيهَا، وكانت وفاتُهُ خسارةً كبيرةً لقُريش، إذْ كان يتمتَّع بمكانةٍ قياديَّةٍ بارزةٍ ولا يُنافسه عليها أحدٌ.

وبعد وفاته خَلفهُ ابنه عبدالمطَّلب، الجدُّ الأوَّلُ ووالدُ عبدالله أبي النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، في رعاية البيتِ الهاشميِّ، وما أدراكم مَن عبدالمطَّلب؟ إنَّه الذي احتضن النبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بعد تيتُّمه، وأحبَّه دون كلِّ أحفاده، وكانت عيناه تقرُّ برؤيتِه ويقول عنه: (إنَّ ابني هذا سيكون له شأنٌ عظيمٌ بينَ العرب).

وما يزال قبرُ هاشم في غزَّة إلى الآن، وهو أحدُ معالمها، وباسمه سُمِّيت.

يقول الشَّاعرُ العربيُّ محمَّد يوسف العمُّور:

حدِّثنِي عَنْ غَزَّةِ هَاشِمٍ .. عَشِيقَةُ الشُّهداءِ

وَعَنْ سِرِّ الشُّمُوُخِ فِيهَا والإباءِ

وعِمْنَ أَتَاهَا لِيَسْتَنْشِقَ الْعِزَّةَ مِنْ هواهَا

وَيُقَبِّلُ ثَرَاهَا وَيَتَعَلَّمُ مَعَانِي الْمَجْدِ مِنْ صَغَارِهَا الأبرياءِ

حدِّثني عمَّن غَزَاهَا فِي الدُّجَى مَاكَرٌ

يَحْمِلُ سَيْفَ الْغَدْرِ ويَسْبِقُ الْخُطَى مُتَعَطِّشًا

لِدِماءِ أَطْفَالِهَا مُشْبَعًا بِحِقْدِ كَافِرٍ .. حدِّثني.

انتهى اقتباسي من الشَّاعر، وأحدِّث العالمَ بدوري عمَّا يُحاكُ بغزَّة هاشم.. فغزّة ليست مجرّد قطاعاً من أرض، بل إرث وتاريخ لن يُمحى، وإن كان التاريخ قد حفظ اسم هاشم فيها، فسيحفظ صمودها في وجه الطغيان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى