تعددت الأسباب والموت واحد

مقال : إسحاق الحارثي
بداية دعونا نتفق بأن مخرجات جامعة التقنية والعلوم التطبيقية أو ما كانت تسمى بكلية التقنية العليا هي من المخرجات التي يعتمد عليها سوق العمل العماني بل يراهن عليها بعد مخرجات جامعة السلطان قابوس وهذا دليل على مستوى الاستراتيجية التي تنتهجها الجامعة من خطط التدريس والمواد التي تقدم للطلبة طوال فترة وجودهم الأكاديمي في مختلف التخصصات على مستوى فترة دراسة درجة الدبلوم أو البكلوريوس وهذا يحسب للجامعة لا شك ولا غبار في ذلك إذ تعد جامعة التقنية والعلوم التطبيقية من أرقى الجامعات في السلطنة بل وفي دول المنطقة.
المواد التي تدرس بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية تشتمل على المحاضرات والحلقات النقاشية والحلقات الدراسية والمختبرات ومشغلات الأستوديو والورش بشكل عام وأغلبها تعنى في المقام الأول بالمواد العلمية لذا من شروط الالتحاق بها أن يكون محصل الطالب العلمي بعد نهاية دراسة الشهادة العامة بنسبة جيدة إن لم تكن جيدة جداً سيما في المواد العلمية إلا إنها تتيح المجال لطلبة التخصص الأدبي منهم تحقيق نسبة جيدة من تحصيلهم في المجمل العام ويتأتى ذلك من خلال القبول الموحد والخيارات المتاحة للطالب التي يجد نفسه في كثير من الأحيان محصورا بين خيارات بسيطة أحيانا تكون بعيدة عن ما كان يمني النفس دراستها وبين عشية وضحاها يجد نفسه بين الأمر الواقع وينصدم بتحول جذري من واقع الدراسة طيلة ١٢ عاما باللغة العربية إلى التحول إلى الدراسة باللغة الإنجليزية رغم وجود السنة التأسيسية في الجامعة إلا أن ثقافة فكر وعقل الطالب المحدود لا يستوعب ذلك سريعاً وكلنا يعرف مخرجات اللغة الانجليزية لدى طلبة المدارس العامة ناهيك عن دراسة مادة الرياضيات بشكل عام في المدارس الحكومية باللغة العربية وفجأه يجد الطالب نفسه في دوامة وفي متاهه مما درسة طيلة ١٢ عاماً ومختلفة تماماً عما سوف يدرسه في الجامعة والكلية بشكل عام وهنا تبدأ رحلة التحدي والدخول في حرب نفسية وصراع داخلي لنسيان ما قد درسة طيلة السنوات الماضية والتحول إلى ماهو قادم من دراسة تختلف اختلافا كلياً في مضمونها
والشاطر هنا من يستطيع تجاوز تلك المرحلة، غير ذلك صعوبة المواد التخصصية وآلية تبسيطها وشرحها للطالب الذي يفني وقته في البحوث والمراجعات سيما إذا كان الموجه والمشرف والمرشد على دراسة الطالب من ثقافة بعيدة عن البيئة العمانية حيث يعامل الطالب وكأنه نابغة ويستطيع فك رموز وشفرات ما يطلب فكها من طلاسم.
حقيقة بحثت ولم أجد الإحصائية الرسمية عن عدد الطلاب من الذين لا يستطيعون مواصلة مشوار دراستهم ويسجلون انسحابهم من الجامعة بطريقة أو بأخرى وهذا ينم عن عدم توجيه الطالب لإيجاد البدائل التي تمكنه من الحصول على الدرجة العلمية في حال تعثر مساره الدراسي لأي سبب من الأسباب وهذا الأمر يحصل منذ فترة طويلة إلى يومنا هذا.
هنا نناشد تدخل الجهات المعنية بوزارة العمل ووزارة التعليم العالي أو الموسسات ذات الصلة كالهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي في دراسة هذا الأمر وتقييم تلك الحالات التي أصبحت ظاهرة فكم عدد الطلاب المسجلين الدارسين مع بداية الدراسة في الجامعة وكم من يتخرج منهم مع نهاية الدراسة هنا نستطيع أن نكتشف مدى الفروقات بالأرقام وإيجاد مخرج وحلول لذلك الأمر وحلحلته مع المسؤولين ليتم إعادة النظر في الاستراتيجية والخطط التعليمية التي تتبناها الجامعة والمجلس الأكاديمي من خلال خلق وإيجاد تخصصات تساعد طلبة المواد الأدبية لتحقيق حلمهم وحلم أولياء أمورهم لتكملة وإنهاء دراستهم الجامعية، فمن المؤسف أن نجد عدد كبير من الطلاب ينسحب من الدراسة وهم على مشارف بلوغ ما كانوا يصبون إليه في الدراسة بالجامعة وينسحبون في مراحلهم الأخيرة أو بما يسمى الانسحاب الإلزامي لعدم توفيقهم في الوصول إلى معدل القيم العددية لتقديرات المقررات الدراسية التي يدرسها الطلبة نجاحا ورسوبا في جميع المستويات الدراسية حتى تاريخ حساب ذلك المعدل مع نهاية الفصل دون أن نعرف الأسباب التي أوصلتهم إلى ذلك والتي ذكرناها سلفاً وننسف جهودهم وتعبهم وتضحياتهم التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى طيلة السنوات الدراسية التي قضوها في الجامعة وربطها بالملاحظات الأكاديمية التي أتت عن طريق مواد فرضت عليهم دراستها وشاءت الأقدار أن لم يوفقوا في تجاوزها وأوصدت أبواب العلم أمام وجوههم ووضعت العقبات لهم في تكملة ما تبقى من فترة زمنية بشروط تعجيزية بتعدد الأسباب وفي النهاية تنتهي حياتهم العلمية.
من هنا نطالب بتفعيل بند تغيير البرامج الأكاديمية للطالب أو التخصص الذي لا يتناسب مع مستوى تحصيله العلمي ولعلنا نتساءل هل فترة الأسبوع الأول هي فترة كافية للطالب من خلال حذف أو إضافة أي مقرر دراسي من بدء الدراسة في كل فصل دراسي إذا ما علمنا بأن أغلب الجامعات والكليات تطبق فترة الأسبوع الأول كفترة تعريفية للطلبة وإن كانت بعد مرحلة السنة التأسيسية فكيف للطالب إدراك مدى صعوبة تلك المواد في غضون فترة وجيزة وهو لم يدرسها بعد.
هنا نناشد أيضا القبول الموحد في وجود آليه تساعد طلبه خريجي الشهادة العامة من حيث الخيارات المطروحة في التخصصات وربطها مع مرحلة دراسة الطالب في الشهادة العامة نعلم أن تلك الخيارات قد جاءت من قبل الطالب بنفسه ولا شك في ذلك لكن في نفس الوقت علينا أن ندرك بأن أي ولي أمر في المقام الأول يبحث عن الاستقرار الأسري لابنه لذا تجده يختار مكان دراسته القريب من بيته وأسرته وهنا لا أتحدث عن الابتعاث الخارجي واسألوا وزارة التعليم العالي عن كمية الطلبات التي تردهم بشكل يومي لنقل دراسات الطلبة إلى أقرب جامعة من مقر إقامتهم وهذا جانب مهم وهو الاستقرار النفسي والذهني سيما الإناث منهن حيث يقضين أوقاتا صعبة بين التركيز في الدراسة وبين التفكير في البعد عن الأسرة والعائلة وبين الوحدة والتأقلم مع الوضع الجديد .