سر التقدم

سهوب بغدادي
في مقال سابق بعنوان “القائمة العكسية” بتاريخ 6 ديسمبر من عام 2024 ذكرت ” لا أخفيكم أنني في نهاية كل عام أقوم بكتابة أهداف السنة الجديدة برفقة صديقتي «روابي» العزيزة، فلدينا أهداف مشتركة وأهداف شخصية، ونعمل على قياس التطور على مدار العام والإنجاز في حال حدوثه، إلا أنني سمعت عن مبدأ جميل من المؤلف الأمريكي سيمون أوليفر سينك، حيث دعا إلى الاستعاضة عن قائمة الأهداف السنوية التقليدية بقائمة عكسية للإنجازات، فيقوم الشخص بكتابة كل إنجاز على اختلاف إطاره وقياس أثر ذلك عليه في عامه المنصرم… إلخ” لقد اقتحمنا عام 2025 وقد ينسى البعض مع حلول الشهر الثاني منه أهدافه التي وضعها قبل شهرين فقط أو يتكاسل أو ييأس من تحقيقها، على اختلاف تلك الأهداف ونطاقاتها وانعكاسها عليه وعلى غيره والمحيط، فيما سمعت عن مقولة أثارت انتباهي من الكاتب مارك توين:
“إنّ سر التقدم هو البدء” حقًا، على الرغم من كون المقولة بسيطة ومباشرة في المعنى والدلالة، إلا أنها تحمل مبادئ كثيرة من أبرزها عدم التسويف، والالتزام والانضباط، والتركيز على الأهداف وتذكرها، من خلال وضع كل مايهم الشخص نصب عينيه، إذ يمضي البعض حياته خائفًا من البدء، فقط لأن الشروع في الأمر مخيف ومهيب ومليء بالتحديات احتمالًا، ويبقى المجهول مجهولًا حتى تتعرف عليه وتقتحم عالمه، مثل ذلك الاختبار المقلق الذي يقوض تفكيرك، إلا أنك سرعان ما تمسك بالورقة بين يديك تتساقط منك الشكوك على عجل، فتتساءل عما إذا كان الأمر يستحق منك هذا القدر من الخوف، إن المسافة بين تحديد الهدف والبدء فيه قد تمتد من لحظات إلى أيام إلى سنين، والأسوأ أن تمتد تلك المساحة إلى الأبد لتصبح هوة وفجوة غير قابلة للتلافي، إن هذه المقولة صالحة للتطبيق في شتى المجالات، ليس فقط فيما يتعلق بالأهداف، فالبعض يؤجل تلك المكالمة، والبعض الآخر يؤجل تلك المواجهة، وهناك من يؤجل رحلة وتمتد القائمة المؤجلة وفحواها، من هنا، أحثكم ونفسي على اقتحام الأمور والبدء فيها بعد الاستشارة والاستخارة والاستعانة بالله القدير، وعدم تأجيل مالايستحق التأجيل، فالحياة لحظات نصنعها بأنفسنا ونخطف منها أجملها.