الهجمة الإعلامية على سلطنة عُمان: قراءة في الدلالات والأبعاد

- سعيد بن مسعود المعشني
تشهد سلطنة عُمان مؤخرًا حملة إعلامية شرسة، تستهدف شيطنتها على خلفية موقفها الشعبي الداعم للقضية الفلسطينية، لاسيما في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة. ويُلاحظ أن هذه الحملة لا تستهدف الموقف الرسمي العُماني فحسب، بل تسعى إلى تشويه صورة السلطنة برمّتها، لدفعها نحو مواقف تتماهى مع أجندات إقليمية ودولية مشبوهة.
ورغم أن الموقف الرسمي العُماني لا يخرج، من حيث الصياغة والموقف، عن الإطار الخليجي والعربي العام الذي يكتفي بالتنديد والدعوة إلى السلام، إلا أن ما يميز الحالة العُمانية هو الحراك الشعبي الواسع، الذي عبّر بقوة عن رفضه للعدوان الصهيوني، ومناصرته الواضحة للشعب الفلسطيني ومقاومته.
منذ انطلاق “طوفان الأقصى” واشتداد العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان وبقية أطراف محور المقاومة، سخرت إسرائيل كل إمكاناتها التكنولوجية والإعلامية، بدعم غربي واسع، لتنفيذ واحدة من أضخم الحملات الإعلامية في التاريخ. واستعانت في ذلك بخبراء في الإعلام وصناعة الرأي العام، ومتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب آلاف المتطوعين والمدفوع لهم من دول عربية، ممن يعادون حماس وإيران، لتشويه صورة المقاومة، وتقديمها باعتبارها “الإرهاب الحقيقي”، في حين تُبرّأ إسرائيل من جرائمها بحق المدنيين.
وفي هذا السياق، برز الصوت الشعبي العُماني كاستثناء بارز في المنطقة، ما دفع الجهات المنفذة للحملة الإعلامية إلى تركيز سهامها نحو السلطنة، في محاولة للضغط على مؤسساتها الرسمية، ودفعها للالتحاق بما يُعرف بـ”صفقة القرن الجديدة” أو الأجندة الإقليمية التي يعمل عليها صانعو القرار في واشنطن وتل أبيب.
تتجلى هذه الحملة في شكل تسريبات يومية، وتقارير مفبركة، وأخبار لا تمتّ إلى الواقع بصلة، كلها تهدف إلى التأثير في القرار السياسي العُماني، ووضعه في موضع الدفاع والاتهام، تمهيدًا لفرض واقع جديد على مستوى التحالفات والمواقف.
وفي ظل هذا المشهد، تبرز أهمية وعي النشطاء والمواطنين العُمانيين، لا سيما أولئك الناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بخطورة المرحلة. إذ تشير المعطيات إلى انتشار واسع لحسابات وهمية تحمل أسماء وأعلام دول عربية وخليجية، لكنها في حقيقتها أدوات رقمية موجهة، هدفها إثارة الفتن والنعرات داخل المجتمعات، وضرب التماسك الوطني والإقليمي.
خلاصة القول، إن ما تتعرض له السلطنة ليس مجرد اختلاف في وجهات النظر أو موقف سياسي عابر، بل هو جزء من حرب ناعمة تستخدم الإعلام كأداة رئيسية للتأثير والتوجيه. وعلى الجميع أن يدرك أن المرحلة المقبلة تتطلب وعيًا عاليًا، وتضافرًا للجهود، وإخلاصًا في النية والعمل، حفاظًا على استقلالية القرار الوطني، وثبات الموقف الأخلاقي في وجه محاولات الالتفاف والتضليل.