عُمان وسوريا الجديدة

- سعيد بن مسعود المعشني
لمن لا يقرأ التاريخ ولا يفهم السياسة الخارجية العُمانية جيدًا على حقيقتها، نقول ونكرر، منعًا للغط الدائر في وسائل التواصل الاجتماعي، وتحرزًا من سوء الفهم وسوء النوايا، أن من أهم مرتكزات السياسة العُمانية الخارجية التي أسس لها الأب المؤسس – رحمه الله – ويتبناها عاهل البلاد المفدى وحكومته الرشيدة، هو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، سواء كانت شقيقة أو صديقة.
هذا المبدأ مارسته عُمان لعقود طويلة قولًا وفعلًا. وليس أدل على ذلك من مواقف السياسة العُمانية تجاه العلاقة مع مصر إبان اتفاقيات كامب ديفيد المشؤومة، وكذلك الإبقاء على الاعتراف بنظام البعث في العراق إلى حين سقوطه وقيام نظام رسمي عراقي بديل. فسياسة عُمان كانت، وما زالت، تقوم على الاعتراف بأي نظام يحظى بالشرعية العربية والدولية.
هذا المبدأ الثابت جنب عُمان لعقود عثرات الرهانات الخاطئة التي وقعت فيها دول أخرى، والتي عادت لاحقًا واعترفت بحكمة النهج العُماني الذي أثبت صحته أمام اختبارات التاريخ والواقع.
من هنا، وحرصًا على استمرار هذا النهج، فإنني على ثقة تامة بأن موقف عُمان الرسمي، الذي ننتظره بشغف، سيحترم خيارات الشعب السوري الشقيق، وسيدعو إلى وحدة ترابه الوطني وحقه في اختيار من يتوسم فيه القدرة على قيادة سوريا الشقيقة نحو مستقبل مشرق؛ مستقبل ينعم فيه السوريون جميعًا بخيرات بلادهم كإخوة متساوين في الحقوق والواجبات.
إن أهمية ما يحدث في سوريا مردها إلى أن دمشق كانت، طوال تاريخها القديم والحديث، تمثل قلب الأمة النابض والبوابة المؤثرة في نهضة العرب الفكرية والسياسية. فإذا أُحسن استغلال التغيير فيها، فسيكون ذلك مقدمة قوية ومؤثرة، بإذن الله وتوفيقه، في توجيه وقيادة الأمة العربية والإسلامية نحو مستقبل أفضل، تستعيد فيه الأمة عافيتها وحضورها المؤثر في جميع القضايا العربية والإسلامية، والتي استنزفت الخلافات حولها مقدراتنا كأمة لسنوات وعقود طويلة.
هذا ما نراهن عليه ونتمناه…
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.





