الفساد الفكري

محمد بن علي بن سالم الشعيلي

بعث الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكانت المجتمعات تعيش حالة من الفوضى في جميع جوانبها، يقول عز وجل: )بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ(الزخرف: 22، وقال جل جلاله: (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)الزخرف: 23.
ومنذ بداية انطلاق البعثة النبوية والتي تركزت في محاربة جميع أنواع الفساد ومنها الفساد الفكري وذلك من خرافات وتعصب وكراهية وغيرها مما يذهب الأمن والاستقرار في المجتمع .
وفي ظل الحاضر المنفتح فكريا والانخراط في الوسط الثقافي وتبادل الخبرات العلمية
علينا أن ندرك جيدا بأن الفساد الفكري يبدأ من داخل الإنسان نفسه قال تعالى: ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
الروم41، فكل فرد في المجتمع هو من يتطلع الى أهدافه ويرسم خططه في الحياة، فيضبط النفس عن الفساد والجشع، ويقوي إيمانه بخالقه والتمسك بالعقائد، حيث أن التنازل عن المعتقدات والمبادئ ليس بالأمر السهل لدى الإنسان صاحب الفكر المستقيم والفطرة السوية.
ولا شك بأن الفساد الفكري هو أخطر أنواع الفساد، وقد عرف الفساد بمفهومه الواسع على أنه (السلوك الذي يقوم به الفرد أو المجموعات المنظمة أو غير المنظمة بقصد أو دون قصد ، ويؤدي بالتالي للعبث بأولويات المجتمع وإرثه وتقاليده الثقافية والاجتماعية والسياسية والفكرية والمالية والادارية ، إما بإدخال مفاهيم جديدة ضارة أو بمحاربة مفاهيم اصيلة مفيدة)
لذا فإن وجود الفساد الفكري في المجتمع يجعل بصيرتنا لا تميز بين الخير والشر وبين الرذيلة والفضيلة، وينتشر الفسق والفساد، وتتعطل المصالح العامة، قال تعالى): وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) البقرة:205. وقال جل جلاله:(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ) الأعراف:56. وقال تعالى: (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ) هود: 116. وقال: ( وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) القصص: 77.
لذا فإن المشرع جعل عمارة الأرض وإصلاحها الغاية من الوجود، وحرم كل أنواع الفساد التي تتنافى مع هذه الغاية، وكذلك تلعب مؤسسات المجتمع دورا مهما في الحفاظ على الأمن الفكري لتبقى الأفكار طاهرة وتبقى المجتمعات مستقيمة والحد من انتشار الفساد قال تعالى: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ سورة الشعراء آية 183، فالالتزام والانضباط هو مبدأ فكري لكل مجتمع واع.

@mohammedoman365

زر الذهاب إلى الأعلى