محمد الحراصي: لغة الكاتب متغيرة وتتأثر بالمزاج والظروف الانفعالية

مسقط في 6 أكتوبر /العُمانية/ أكد الكاتب العُماني محمد الحراصي أن لغة الكاتب ليست ثابتة، بل تتغير وتتفاوت وفقًا لعوامل متعددة تمليها الحالة الانفعالية للمؤلف، بما في ذلك المزاج والظروف المحيطة أثناء الكتابة، مشيرًا إلى أن هذه العوامل تؤثر على محتوى النص وطريقة عرضه الأدبية.
وتبرز تجربة الحراصي في مجموعة من الإصدارات، منها “ذاكرة الأسئلة” و*”التسكع على حواف الخارطة”*، إضافة إلى مقالاته النوعية المنشورة في الصحف المحلية، وهو الحاصل على المركز الأول في مجال القصة القصيرة ضمن جائزة راشد بن حميد لعام 2024.
حول السيرة الأدبية ومسار التجريب الشخصي في نصوصه، أشار الحراصي إلى أن الأدب كان خيارًا وجدانيًا نابعًا من علاقته بالقراءة، مشددًا على أن الأدب يمثل قالبًا تعبيريًا أقل مباشرة من الفكر الصرف، وأكثر قربًا للمخيلة الإنسانية، ويتيح للكاتب التعبير عن الوجدان الداخلي. وأضاف: “القراءة بالنسبة لي أشبه بالماء للعطشان، فهي تروي ظمأ المعرفة وتفتح آفاق التفكير تجاه الحياة والوجود.”
وعن تأثير الهوية الشخصية على الكتابة، أوضح الحراصي أن تجاربه وخبراته غالبًا ما تتدخل بشكل غير إرادي في إنتاج النصوص، ما يشبه ما يعرف بـ”الجبرية”، حيث تقل حرية الكاتب في الاختيارات الأسلوبية، لكنه في الوقت نفسه يمارس التجريب المتعمد لاستلهام مواقف وتجارب معينة وتحويلها إلى نصوص فنية ذات بعد جمالي.
وتطرق الحراصي إلى أسلوبه في الكتابة، مشيرًا إلى أن لغة الكاتب تتأثر بالحالة الانفعالية الآنية، لكنه غالبًا ما يميل إلى الأدوات التمثيلية والكناية والتلميح، مع أحيان نادرة لاستخدام السخرية. أما في أدب الرحلات، كما في “التسكع على حواف الخارطة”، فيركز على الوصف الخارجي للأماكن وسرد الأحداث كما حدثت، مع احتفاظ النص ببصمة لغوية خاصة.
وأوضح أن التقنيات السردية تتنوع بحسب طبيعة النص، بين المونولوج الداخلي والوصف المفصل واستثمار المكان ليصبح عنصرًا فاعلًا في النص، مؤكّدًا أن كل نص يفرض هيكله ولونه اللغوي بما يخدم أهدافه التعبيرية.
حول مجموعته القصصية “ذاكرة الأسئلة”، أشار إلى أن العنوان يعكس طبيعة القصص المتنوعة التي يخوض أبطالها أسئلتهم الخاصة المتعلقة بالوجود والإنسانية، مضيفًا أن القصص الأكثر نضجًا، بحسب رأيه، هي “الغريب والغروب” و*”مفتاح الخلاص”* و*”استيقاظ”*، معتبرًا أن إعطاء الأولوية للكتابة الجديدة أهم من إعادة ما سبق نشره.
في أدب الرحلات، أوضح الحراصي أن اختيار محطات الرحلات ينبع من روح الاستكشاف والمغامرة، وليس مجرد الكتابة، مؤكّدًا أن الأماكن والبشر هم مصدر إلهام للنصوص، وأن السفر يغني النصوص الأدبية ويثري الشخصيات والحبكات.
وبشأن مقالاته الصحفية، أكد أن أسلوب المقال يختلف عن الكتابة القصصية، حيث يتسم بالمنهجية والموضوعية مع التركيز على التسلسل المنطقي للأفكار، لكنه أضاف أن الكتابة الصحفية تدعم النصوص الأدبية من خلال صقل المهارات الفكرية وتوسيع أفق الكاتب.

وأخيرًا، اعتبر الحراصي حصوله على المركز الأول في جائزة راشد بن حميد محفزًا كبيرًا على الاستمرار والتطوير، مشيرًا إلى أن الجوائز الأدبية تمنح الثقة للكاتب وتفتح له أبواب النشر والمشاركة في المهرجانات، لكنها لا تحدد اتجاه كتاباته، بل تعزز حماسه للإبداع المستمر.
وأشار إلى أن أبرز القضايا التي تحرك كتابته اليوم تشمل الهوية، والذاكرة، والتنقل، واللغة، والبطالة، والتحولات الاجتماعية، مع التأكيد على أن الأدب لا يقتصر دوره على النقد الاجتماعي المباشر، بل يكمن أثره الأهم في التأثير على القارئ وإعادة تشكيل نظرته للأمور بشكل غير مباشر.





