المكتبة الورقية في زمن الكتاب الإلكتروني.. بين الصراع والتكامل

الرياض في 6 أكتوبر /العُمانية/ في عصر يتسارع فيه التحول الرقمي، ويصبح الكتاب الإلكتروني ووسائل الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من مشهد المعرفة، تظل المكتبة الورقية رمزًا حقيقيًا لذاكرة الإنسان ووعيه الثقافي. فقد تجاوزت المكتبات الورقية كونها مجرد أماكن للورق والحبر، لتصبح امتدادًا للهوية الثقافية وتجربة تلقي هادئة تتحدى ضجيج التقنية وسرعتها.

ويشهد معرض الرياض الدولي للكتاب نقاشات حادة حول الصراع القائم بين الكتاب الورقي والرقمي، مع دعوات متزايدة للتكامل بينهما.

وأشار الكاتب والصحفي اللبناني عبده وازن إلى أهمية الحفاظ على التوازن بين الاستثمار في الكتاب الورقي والرقمي، موضحًا أن المكتبات الكبرى حول العالم، بما فيها مكتبة الكونغرس والمكتبة الوطنية الفرنسية، تعمل على دمج الكتابين معًا لخدمة القارئ. وقال: “الكتاب الورقي لا يزال حاضرًا بقوة، وله وقع وجداني لدى مرتادي المكتبات، رغم انتشار الكتب الإلكترونية ومنصاتها الرقمية، إلا أن المكتبات تسعى لمواكبة الواقع الرقمي دون التضحية بهويتها التقليدية”.

من جانبها، أكدت الناشرة العُمانية نصرى بنت علي المعمرية، من مركز “حدائق الفكر”، أن الكتاب الورقي يظل أداة أساسية للمعرفة، لافتة إلى أن ملمس الورق والاحتكاك به يمنح القارئ تجربة فريدة، وتضيف: “العمل على تطوير المحتوى والشكل والإخراج العصري للكتب الورقية، مع دمج الأدوات التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي، يضمن استمرار تفاعل الجيل الجديد مع الكتاب”.

أما الكاتب والروائي المصري حسين أبو السباع، فأكد على رمزية المكتبة الورقية في حفظ الذاكرة الإنسانية، مشددًا على أن الاعتماد الكامل على الكتاب الإلكتروني قد يؤدي إلى فقدان جزء من التاريخ الثقافي، لكنه أشار أيضًا إلى الفوائد العملية للكتب الرقمية في تسريع الوصول إلى المعرفة. وقال: “المكتبات الورقية والرقمية ليستا بديلتين لبعضهما، بل يمكن أن تكونا متكاملتين لتوفير تجربة قراءة أكثر ثراءً وتنوعًا”.

بدوره، أشار الكاتب السعودي عادل خميس، أستاذ النقد الحديث بجامعة الملك عبدالعزيز، إلى أن العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا تعكس عصر ما بعد الحداثة الذي يتميز بوفرة الخيارات، معتبرًا أن استمرار الإقبال على الكتاب الورقي في المعارض العربية دليل على متانة هذه العلاقة، رغم انتشار البدائل الرقمية.

وفي السياق ذاته، قالت الإعلامية السورية ميسون العلبي: “رغم الفضل الكبير للكتب الإلكترونية في سرعة الوصول وانتشار المعلومات، يظل للكتاب الورقي رونق خاص مرتبط بالمكتبات الفيزيائية، من شكله ورائحته إلى تجربة تصفحه، مما يمنحه قيمة ثقافية وجمالية لا يمكن تعويضها رقميًا”.

ويخلص النقاش إلى أن التكامل بين المكتبات الورقية والرقمية يمثل الحل الأمثل لتلبية احتياجات القراء المختلفة، حيث توفر التقنية سهولة الوصول، بينما تمنح المكتبات الورقية تجربة ثقافية وحسية غنية، تؤكد أهمية الحفاظ على التراث المعرفي والتاريخي للأجيال القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى