فريق بحثي عُماني يوثق البنية الوراثية والتنوع الجيني للغزال العربي

مسقط في 19 أكتوبر /العُمانية/ تمكن فريق بحثي عُماني من توثيق البنية الوراثية والتنوع الجيني للغزال العربي (Gazella arabica) في مراكز الإكثار بسلطنة عُمان، عبر دراسة علمية شاملة نُشرت في مجلة Zoology in the Middle East. وتُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها في السلطنة، وتشكل نقلة نوعية في مجال صون الحياة الفطرية وإدارة الموارد الوراثية، من خلال توفير قاعدة بيانات دقيقة تدعم خطط الحفاظ على الحيوانات البرية المهددة بالانقراض.

واستندت الدراسة، التي أُنجزت بتعاون بين هيئة البيئة ومركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وجامعة السُّلطان قابوس، إلى تقنيات تحليل جيني متقدمة تشمل تسلسل الحمض النووي للميتوكوندريا (mtDNA)، خاصة جين السيتوكروم b والمنطقة المتحكمة (CR)، إلى جانب واسمات نووية دقيقة (Microsatellite DNA)، لتحليل البنية الوراثية لـ 65 عينة جمعت من ثلاثة مواقع رئيسة للإكثار والحماية: حديقة السليل الطبيعية بمحافظة جنوب الشرقية، ومركز إكثار وتأهيل الحياة الفطرية بولاية بركاء، ومحمية المها العربية بمحافظة الوسطى.

وأظهرت النتائج أن جميع العينات تنتمي بوضوح إلى نوع الغزال العربي، كما كشف التحليل عن تنوع جيني مرتفع داخل المجموعات الثلاث مع تدفق وراثي جيد بينها، مما يعزز قدرة القطعان على التكيف ومقاومة الأمراض والمخاطر البيئية. كما أظهرت التحليلات النووية مستوى تمايز وراثي ضعيف إلى متوسط بين المجموعات، ما يؤكد إمكانية دمجها لدعم برامج إعادة الإطلاق دون التأثير سلبًا على التنوع الحيوي أو زيادة مخاطر التزاوج الداخلي.

وأكد الباحث زاهر بن سالم العلوي من هيئة البيئة أن الدراسة توفر أساسًا علميًا متينًا لإدارة وحماية الغزال العربي، وتساعد على بناء برامج إعادة إطلاق فعّالة ومستدامة، مع الحفاظ على التنوع الجيني كخط دفاع أول ضد المخاطر البيئية والأمراض. وأضاف أن النتائج تمنح صانعي القرار أدوات دقيقة لتتبع الأصول الوراثية للقطعان المحلية والمصادرة، بما يسهم في مكافحة الصيد غير المشروع وحماية الثروة الطبيعية الوطنية، مشيرًا إلى أن المشروع يمثل نموذجًا ناجحًا لتكامل العمل البحثي مع الخطط الوطنية.

من جانبها، أكدت الدكتورة عليا الأنصاري من جامعة السُّلطان قابوس أهمية التعاون المؤسسي في السلطنة، مشيرة إلى أن هيئة البيئة استفادت من هذه النتائج لتعزيز دقة برامج الصون وإعادة الإطلاق ووضع خطط مستندة إلى بيانات جينية موثوقة، تتيح تتبع أصول الحيوانات المصادرة في حالات الصيد غير المشروع.

أما مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية، فقد حقق من خلال هذه الدراسة هدفًا استراتيجيًا يتمثل في بناء بنك جيني وطني يضمن توثيق الموارد الوراثية المحلية وحفظها للأجيال القادمة، وتوفير مرجع علمي لدعم تحسين الأنواع وإدارة التنوع الجيني في برامج الإكثار، فيما عززت جامعة السُّلطان قابوس دورها الأكاديمي من خلال توفير الخبرة البحثية والبنية المخبرية المتقدمة وتحويل العمل الميداني إلى معرفة علمية منشورة عالميًا.

وقالت الباحثة أصيلة بنت سليمان الناعبية من المركز إن توثيق الشفرة الوراثية للأنواع البرية يسهم في حماية الموارد الوراثية المحلية وتأمين حقوق الملكية الفكرية، ويضمن استدامة الأصول الوراثية في المستقبل. وأوضحت أن البحث يتيح وضع خطط دقيقة لإعادة إطلاق الغزال العربي في بيئاته الطبيعية، وتحسين إدارة القطعان في مراكز الإكثار، وتطوير أدوات علمية لتتبع الأصول الوراثية ومكافحة الصيد الجائر.

وأكد المهندس أحمد بن سعيد الشكيلي من هيئة البيئة أن الدراسة تشكّل ركيزة علمية مهمة لدعم المؤشرات البيئية الوطنية، لا سيما ما يتعلق بحفظ التنوع الإحيائي واستدامة النظم البيئية الطبيعية، وهو أحد الأهداف الرئيسة في محور البيئة والموارد الطبيعية ضمن رؤية “عُمان 2040”.

زر الذهاب إلى الأعلى