محلة المطلع بوادي المعاول.. معلم ديني وتراثي وثقافي

وادي المعاول في 24 ديسمبر 2025 /العُمانية/ تُعد محلة المطلع في قرية أفي بولاية وادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة من أبرز المعالم الدينية والتراثية والثقافية، لما تحتضنه من مسجدها المرجعي المعروف بـ«مسجد المطلع»، الذي شكّل عبر التاريخ مركزًا للعبادة والعلم والثقافة، إلى جانب ما تتميز به المحلة من طابع معماري حصين، حيث كانت محاطة بسور كبير تتوزع على زواياه أبراج شامخة.

وقال الدكتور بدر بن هلال اليحمدي، أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بجامعة نزوى، لوكالة الأنباء العُمانية، إن ما يميز هذه المحلة موقعها الاستراتيجي المرتفع والمشرف على الوادي والقرى المجاورة، الأمر الذي أكسبها اسم «المطلع»، إذ يضطر القادم إليها، ولا سيما من جهة الوادي، إلى الصعود عبر الطريق المرتفع المعروف بـ«المطلاع». كما أشار إلى اشتهار المحلة بوجود قلعة كبيرة، وإلى كونها منذ القدم محلة حيوية تضم داخل أسوارها بيوتًا متجاورة متلاصقة من الداخل.

وأوضح أن للمحلة بوابة رئيسة تُعرف بـ«باب الصباح»، كانت تُغلق ليلًا ويتناوب على حراستها رجال المحلة، إلى جانب باب صغير مخصص للطوارئ، كانت تستخدمه النساء عادة للوصول إلى الفلج والمجازة الخاصة بهن. وبجوار باب الصباح، وعلى يسار الداخل إلى المحلة، توجد بئر كبيرة كان الأهالي يستقون منها عند الضرورة ليلًا أو في أوقات الخوف والحروب.
وأضاف أن سكان المحلة يعتمدون على فلجي الواشحي والمالكي، حيث يُستخدم فلج الواشحي لري المزارع والحقول، بينما يُستقى من فلج المالكي لمياه الشرب، إضافة إلى ري المزروعات التي يمر بها.

وأشار اليحمدي إلى أن من أبرز ما يميز محلة المطلع وجود القلعة المجاورة لها ومسجد المطلع الشهير، إذ كانت القلعة أحد المعالم البارزة في ولاية وادي المعاول، لما تتمتع به من بناء معماري حصين في موقع مرتفع يطل على الوادي والعديد من البساتين والقرى. كما كانت تضم مدافع تُستخدم للدفاع عن القرية في حال تعرضها لأي اعتداء، إضافة إلى إطلاق الطلقات إعلانًا بدخول شهر رمضان وليالي الأعياد بعد ثبوت رؤية الهلال، حيث كان الراصدون يراقبون التحركات عبر فتحات صغيرة في القلعة. ولم يتبق من هذه القلعة اليوم سوى بعض الآثار البسيطة.
وأكد أن مسجد محلة المطلع شكّل عبر الزمن منارة علمية، يؤمّه طلبة العلم من مختلف أنحاء الولاية، حيث دُرّس فيه القرآن الكريم وعلوم الفقه والنحو على يد عدد من المشايخ. وبجوار المسجد قامت مدرسة قرآنية لتعليم الناشئة القرآن الكريم وبعض الآداب والأحكام الفقهية الأساسية، وتخرجت منها أجيال من البنين والبنات، وكانت تُقام احتفالات خاصة لمن يختم القرآن الكريم، يُطاف خلالها بالخاتم في أرجاء المحلة.
وبيّن أن ما يميز المحلة كذلك وجود ساحة مفتوحة بين المسجد والمساكن، كانت تتوسطها شجرة صبار كبيرة «شجرة التمر الهندي»، يستظل بها الأهالي ويتجمعون تحتها عقب أداء صلاة سنة عيدي الفطر والأضحى، وهم في أبهى حللهم وملابسهم التقليدية.
ويُذكر أن محلة المطلع لا تزال عامرة ببعض سكانها، رغم انتقال عدد منهم إلى مناطق أخرى، في حين تهدمت أسوارها وأبراجها وقلعتها ولم يتبق منها سوى أطلال محدودة، بينما ظل مسجدها شامخًا بعد إعادة بنائه بالطراز الحديث، وما يزال عامرًا بالمصلين وطلبة العلم.





