الأزقة التاريخية في تركيا… ذاكرة ثقافية نابضة بالحياة

إسطنبول في 29 ديسمبر 2025 /العُمانية/تجسّد الأزقة التاريخية في تركيا جسرًا حيًّا يربط الماضي بالحاضر، حيث تتجدد ملامح الثقافة دون أن تنفصل عن جذورها، وتبقى الذاكرة حاضرة في تفاصيل المكان وحياة الناس اليومية.

وفي هذه الأزقة، لا يكتفي الزائر بالسير بين حجارة قديمة، بل يتنقّل بين صفحات مفتوحة من الذاكرة الثقافية. فمن أزقة إسطنبول العتيقة في السلطان أحمد وبلاط وغلاطة، إلى شوارع صفـران بولو المرصوفة بالحجر، وأحياء غازي عنتاب وديار بكر التاريخية، تتجلّى الثقافة بوصفها أسلوب حياة متواصل لا مجرد إرث محفوظ.

ويؤكد المؤرخ التركي إسماعيل ياغجي، في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية، أن هذه الأزقة تعكس التعدد الحضاري الذي مرّ على تركيا عبر العصور، بدءًا من العمارة العثمانية، مرورًا بالآثار البيزنطية، ووصولًا إلى البصمات السلجوقية، فضلًا عن العادات والتقاليد المحلية التي توارثتها الأجيال.

وأضاف أن الأزقة تضطلع بدور محوري في صون الثقافة الشعبية، إذ تشكّل فضاءً للحِرَف التقليدية، والأسواق الصغيرة التي تعبّر عن روح المجتمع المحلي، والمقاهي التي كانت ولا تزال ملتقى للنقاش وتبادل الحكايات.

وشهدت العديد من هذه الأزقة في الوقت الحاضر تحوّلًا إلى منصات للفن المعاصر، ومعارض مفتوحة، ومبادرات شبابية تسعى إلى إعادة تقديم التراث بروح عصرية. وتضم مدينة إسطنبول نماذج بارزة من هذه الأزقة التي تحوّلت إلى أيقونات تاريخية وثقافية، من بينها أزقة منطقة السلطان أحمد التي تمزج بين ملامح الحقبتين البيزنطية والعثمانية.

وتستقطب الأزقة والحارات القديمة المحيطة بها أعدادًا كبيرة من الزائرين، الذين يقودهم التجوال فيها إلى رحلة عبر تاريخ إسطنبول، إذ لا تمثل مجرد ممرات ضيقة، بل فضاءات تختزل ذاكرة المدينة، وتروي قصتها بوصفها مدينة تنبض على إيقاع التاريخ والتجدد.

زر الذهاب إلى الأعلى